إسرائيل الجديدة.. مجهولة فى جدول أعمال مصر - طارق فهمي - بوابة الشروق
الخميس 19 ديسمبر 2024 3:06 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

إسرائيل الجديدة.. مجهولة فى جدول أعمال مصر

نشر فى : الخميس 26 مايو 2016 - 10:10 ص | آخر تحديث : الخميس 26 مايو 2016 - 10:10 ص

تدريجيا تكتسب إسرائيل أرضية جديدة فى مصر نتاج ما نتجاهله بعدم اهتمامنا بالأوضاع فى إسرائيل سياسيا واستراتيجيا واقتصاديا وتدريجيا يسطح تناولنا العلمى والأكاديمى عما يجرى فى الجانب الآخر من قضايا غاية فى الخطورة من دراسات وبحوث ورسائل علمية جادة عن مصر تتناول أغلبها رؤى مستقبلية لسنوات طويلة، ولا أكاد ألمح فى الجامعات المصرية الحالية أدنى اهتمام فى المقابل سواء من الباحثين الجدد أو حتى من الزملاء فى الجامعات.. يقتصر الاهتمام ــ والحق يقال ــ عن ترجمة بعض المقالات والأخبار فى الصحف الإسرائيلية، وكفى دون أن نغوص فى تفاصيل وهذه ليست بالتأكيد إسرائيل الجديدة التى تتعامل معنا بمنطق أن الباحثين المصريين لا يرهقون أنفسهم بالبحث والتنقيب عن الجديد ولهذا يتعاملون معنا على أننا لم يعد لدينا الجدية والاهتمام فى البحث والمتابعة، فى حين بدأ الباحثون الفلسطينيون الدراسات المستقبلية عن إسرائيل، حيث أشرف على عدد كبير من الباحثين فى موضوعات استراتيجية وسياسية جادة وأغلبها مرصود من الجانب الإسرائيلى.

ما السبب فى هذه الظاهرة التى جعلت الباحثين المصريين لم يبالوا بدراسة إسرائيل دراسة جادة وعلمية باعتبارها دراسة أمن قومى بالدرجة الاولى؟ حيث لا يملك الباحثون المصرون النفس الطويل فى المتابعة والدراسة والتحليل حيث غاب الدارسون بحق عن دراسة إسرائيل، وظل اجتهاد الزملاء والباحثين من أقسام العبرى يحاولون ملء الفراغ فى الساحة البحثية وهو جهد محمود لكنه لا يمكن أن يكون البديل خاصة، أن إسرائيل كدولة تحتاج إلى دراسات وبحوث وتقييمات سياسية واستراتيجية مستمرة وجهد متراكم وليس مجرد ترجمات وبعد أن ظن كل من يعرف بعض الجمل العبرية أنه خبير فى الشئون الإسرائيلية وأصبح يرى فى نفسه ظاهرة متفردة، وأنه أصبح قيمة وأن إسرائيل الدولة بأكملها تتابعه وأنه بات مرصودا من كل أجهزة معلومات الدنيا ومن ثم تبارى الجميع فى الحديث عن إسرائيل إعلاما وسياسة واقتصادا واستراتيجية وساهمت بعض مواقع التواصل الاجتماعى السطحية فى تعميق هذه الرؤية بعد أن اكتفى بعض المترجمين فى الحياة على مواقع التواصل الاجتماعى وتواصلوا مع بعض الشخصيات الإسرائيلية السطحية التافهة فى بعض المواقع الإسرائيلية الإسرائيلية، والتى نجحت بإبهار شديد فى تجنيد أغلب هذه الأسماء تجنيدا الكترونيا مباشرا دون أن يدروا وحصلوا على معلومات واخبار غاية فى الأهمية تفيد أجهزة المعلومات فى التحليل والرصد واستطلاعات الرأى العام غير المباشرة ولأن إسرائيل تعرف كيف تحصل على المعلومات وتسعى لتوجيه مسار الاخبار والموضوعات والقضايا، وفى المقابل ظلت شكوى أغلب دارسى العبرية من تجاهل الدولة لما درسوه وتعلموه حيث يطالبون بالاستيعاب وهو مطلب مشروع لا جدال فى هذا، ولتستمر المشكلة حيث حضر دارسو العبرية فى تخصصهم المعروف وغاب دارسو إسرائيل السياسية والأمنية والاستراتيجية.

أعود لجوهر المشكلة حيث عانى الباحثون المصريون من استكمال مسارهم الدراسى فى التخصص فى دراسات إسرائيل، واذكر أننى ساهمت فى إنشاء دبلوم الدراسات الإسرائيلية فى كلية الاقتصاد والعلوم السياسية مع الدكتور عبدالعزيز شادى ــ رحمه الله ــ منذ سنوات طويلة، ونجحنا لسنوات فى إعداد عدد كبير من الباحثين الجادين، واستمر سنوات إلى أن قررت الجامعة إلغاء هذا الدبلوم المهم والمتخصص سنوات وأعادوه أخيرا.

عدم الاهتمام بدراسة إسرائيل سيكلفنا ــ لو يعلمون ــ الكثير خاصة أن إسرائيل ستبقى دولة عدوا، ومن المهم أن تتابع وتدرس دراسات جادة وأن يسجل الباحثون فيها دراسات ورسائل علمية جادة بدلا من دراسة التاريخ القديم والبحوث الأكاديمية عديمة الجدوى تاريخا وجغرافيا ولغة لتستمر الكارثة، والتى تمس الأمن القومى المصرى بصورة مباشرة.

لقد أشرفت على عشرات من الرسائل عن إسرائيل منذ سنوات ولا شك أننى أتابع ظاهرة انحسار الجدية من الباحثين المصريين بالإضافة لعزوف الجامعات عن طرح البديل الجاد للاهتمام بالدراسات العلمية والأكاديمية عن إسرائيل والاستسهال فى دراسة موضوعات درست منذ سنوات طويلة، وفى المقابل أجد الاهتمام الأكبر من الطلاب الإسرائيليين ونظرائهم الفلسطنيين حيث أتابع عن قرب ما هو مسجل فى الجامعات الإسرائيلية والأمريكية والفلسطينية.

ترى ما هو الحل؟

أكتب لأحذر من الاهتمام بإعداد استراتيجية 2030 لحكومة قد تستمر أولا تستمر، تنجح أو لا تنجح ــ وأكد أجزم ــ أن إسرائيل سجلت استراتيجية إسرائيل 2028 وإسرائيل 2035 منذ سنوات وأننا قمنا فى مصر كباحثين برصد وتحليل وتقييم أغلب هذه الدراسات بل وسجل معى بعض الباحثين العرب عدة رسائل علمية عن هذه الاستراتيجيات فى جامعات عربية وأمريكية وأخيرا جاءنى طالب فلسطينى يطالبنى بأن أشرف على دراسته للدكتوراه عن دراسة استراتيجية إسرائيل 2075 التى كتبت عنها دراسة علمية كاملة، وطالبت العديد من جهات الدولة أن تنظر وتحلل وتقيم وتدرس، ولكن لا حياة لمن تنادى، إنه علم الاستشراف الذى نطالب أن تنظر إليه الدولة المصرية إزاء إسرائيل والعالم بأكمله.

ما كتبته سطور مباشرة لمن يهمه الامر فى ضرورة الانتباه إلى أن مصر البحثية والأكاديمية يجب ان تعيد تحديد أولوياتها الأمنية والاستراتيجية إزاء تهديداتها من دول الجوار خاصة إسرائيل، وما أظن ان الذين يتحدثون عن حالة الاسترخاء والسلام الراهن وإسرائيل الوديعة ومعاهدة السلام وعودة السفير المصرى إلى تل ابيب وافتتاح سفارة جديدة لإسرائيل فى مصر يدركون أن إسرائيل تعد العدة لمواجهة جديدة قادمة لا محالة، ولو بعد سنوات طويلة لمن طالع الفكر الاستراتيجى الإسرائيلى جيدا، وأن مصر تبقى الهدف المقبل بصرف النظر عن حالة السلام الراهن والمستقر والمستمر.

التعليقات