ابحث عن الثورة المضادة - عمرو خفاجى - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 10:59 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

ابحث عن الثورة المضادة

نشر فى : الخميس 27 فبراير 2014 - 1:35 م | آخر تحديث : الخميس 27 فبراير 2014 - 1:35 م

الذين يقودون حملات شرسة الآن على حكومة الدكتور حازم الببلاوى، من الواضح أنهم نسوا تماما الظروف التى جاءت فيها هذه الحكومة، وكيف كان حال البلد لحظة تشكيلها، هؤلاء أيضا لم يدركوا أن كثيرين رفضوا المشاركة فى هذه الحكومة، لأن الأوضاع كانت غامضة وملتهبة وتنذر بالخطر والشرور، كانت الفوضى والعنف ونذر الحرب الأهلية، هى الأقرب لصياغة المشهد فى ذلك الوقت، لذا كانت هذه الحكومة الوطنية أقرب ما تكون لحكومة انتحارية يخاطر ويغامر أعضاؤها بكل شىء، كما أنها حكومة محددة المدة جاءت للسيطرة على الأوضاع ولتنفيذ خارطة طريق، أعتقد أنها مهدت لها ووضعتها على الطريق الصحيح، وكل تلك الأمور، ليست تقييما للحكومة، بقدر ما هى عملية تصحيح للمعايير التى يجب مراعاتها عند عملية التقييم، ووصف هذه الحكومة بالفاشلة والهجوم عليها فى كل صغيرة وتفصيلة، ما هو إلا استعراض عضلات رخيص، وحكم غير أمين على عمل شاق فى ظروف استثنائية.

المحير فى الأمر حقا، أن حملات الهجوم على حكومة الببلاوى، تصاعدت عقب إقرار الدستور، وهو الاستحقاق المهم الذى نجحت الحكومة فى القيام به، كما أن هذه الحملات تصاعدت أكثر عقب تنفيذ الحكومة لوعدها بتطبيق الحدين الأدنى والأقصى للأجور، وهو قرار تاريخى بكل المقاييس وخطوة أولى حقيقية نحو تطبيق العدالة الاجتماعية، وهو قرار عجزت حكومات كثيرة حتى عن مناقشته، وعندما احترمت هذه الحكومة الرأى العام وأصدرت تقريرا مفصلا بما قامت به من أعمال، لم يلتفت الاعلام للتقرير، وظل متمسكا بأسلحته التقليدية فى الكلام المرسل أو التعميم بواقعة هنا أو هناك، أو تضخيم فشل صغير أو تسفيه إنجاز ضخم، هذا لا يعنى أننا نتحدث عن حكومة عظيمة أو خارقة، بل نشير ونؤكد فقط أنها حكومة كانت مخلصة فى عملها وفى تحقيق أهداف عامة كانت فى غاية الضرورة خلال الأشهر الماضية.

المعركة التى واجهتها حكومة الدكتور الببلاوى، كان من الواضح أنها معركة تعكس طبيعة الصراع السياسى فى مصر والذى نشب فى أعقاب رحيل مبارك مباشرة، بين تيارات فضلت الانقسام والعداء بدلا من التضامن والتنافس، وهى أيضا معركة، نجحت فيها قوى الثورة المضادة فى خلق رأى عام ضد حكومة كانت تحاول تصحيح المسار والعودة لعقيدة ثورة يناير، والمستهدف طبعا إعادة الحياة لمن ثار عليهم الشعب فى ٢٠١١، وتحديدا نجحت قوى الثورة المضادة فى ذلك، وصارت تكسب أرضا جديدة يوما بعد الآخر، والمدهش أن كل ذلك كان يحدث بدعم واضح من القوى التى تدعى أنها قوى الثورة، وإن كنت أميل إلى أن قوى يناير تعرضت لخديعة وشاركت فى معركة دون أن تدرك أهدافها أو مغزاها.

يبقى أن نشير، إلى قائد هذه الحكومة، الدكتور حازم الببلاوى، الذى كان مرشح الثورة منذ مارس ٢٠١١، منح وزراءه الحرية الكاملة فى العمل، وحاول واجتهد أن تعمل حكومته ككل متجانس، وسط ظروف بالغة التعقيد، سواء على الصعيدين الداخلى والخارجى، اجتهد فى إطار المتاح، والذى كان قليلا، حتى إن الرجل فى خطاب الاستقالة، أو التعليق على الإقالة، أشار صراحة إلى أن ما اتخذته الحكومة من قرارات، لم يكن دائما من بنات أفكارها، فقد كانت هناك أحداث ووقائع ومعلومات خاصة خلف كل ما حدث، لكنه أشار أيضا إلى أن التوقيت غير مناسب لهذا الحديث، وهو ما يعنى أن الغرف الخلفية المغلقة، كانت تشتعل بقصص وأحداث، هى التى أحرقت هذه الحكومة أمام الرأى العام، لذا يبقى السؤال الخالد الذى اعتدنا عليه: متى نعرف حقيقة ما يحدث فى بلادنا؟ أما ما نعرفه حقا أن الدكتور الببلاوى وحكومته اجتهدوا وأخلصوا ولا يستحقون اللعنات.

عمرو خفاجى  كاتب صحفي وإعلامي بارز
التعليقات