من وضع بذرة العك؟ - وائل قنديل - بوابة الشروق
الأربعاء 25 سبتمبر 2024 1:23 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

من وضع بذرة العك؟

نشر فى : الخميس 27 أكتوبر 2011 - 8:15 ص | آخر تحديث : الخميس 27 أكتوبر 2011 - 8:15 ص

أى محاولة للالتفاف على حكم القضاء الإدارى الخاص بحق التصويت لنحو تسعة ملايين مصرى فى الخارج تعرض العملية الانتخابية المقبلة لمطبات لا قبل لأحد بها، وتدفع مصر إلى مزيد من الاحتقان والتوتر، ذلك أن عدم تنفيذ هذا الحكم التاريخى يجعل نتيجة الانتخابات المقبلة لو أجريت عرضة للطعن فى أى وقت، وبالتالى نعود لتلك الحلقة المفرغة ونواصل الركض فى المكان دونما حركة للأمام.

 

وتبقى المسألة كلها مرهونة بالإرادة السياسية لمن يمسكون بمقاليد الأمور، إذ يضعهم الحكم أمام اختبار تاريخى، فإما يثبتوا جديتهم فى إنهاء الفترة الانتقالية على نحو هادئ، وينفذون الحكم فورا ويسمحون للمصريين فى الخارج بالتصويت أو تتواصل سياسة المراوغة وعدم الوضوح، لنفيق بعد يوم أو شهر أو سنة من إجراء الانتخابات على حكم جديد بإلغاء نتائجها وإعادتها، ومن ثم نعود إلى نقطة الصفر ونستأنف الاشتباك والتجاذبات.

 

ومن الآن ستبدأ ماكينة الإعلام الرسمى فى حملات تستهدف تصوير الأمر وكأن تصويت المصريين المغتربين غير ممكن بالنظر إلى ضيق الفترة التى تفصلنا عن الذهاب إلى الصناديق، وهذا الكلام مردود عليه بأن معظم سفاراتنا فى الخارج قد استعدت لهذا الاستحقاق منذ وقت مبكر، وقد أبلغت وزارة الخارجية بجاهزيتها للتنفيذ إذا طلب منها ذلك.

 

وقد أكد لى أكثر من سفير مصرى أن آلية تصويت المغتربين فى متناول اليد شريطة توافر الرغبة والإرادة السياسية، فضلا عن أن معظم دول العالم على أتم الاستعداد لتقديم التسهيلات اللازمة للبعثات المصرية فيها لكى تتم عملية التصويت، وعليه تصبح الكرة فى ملعب المجلس العسكرى.

 

وتخيل معى لو أننا حسمنا هذا الأمر خلال الشهور الماضية، وبدأنا فى الاستعداد لإشراك أبناء مصر بالخارج فى العملية السياسية، هل كنا سنقع فى هذه الحيرة بعد حكم القضاء الإدارى؟

 

وقس على ذلك كل الكلام الشفهى الرائع الذى انطلق طوال الشهور الماضية حاملا عهودا وتعهدات تتعلق بشكل اللجنة الخاصة بوضع الدستور بعد الانتحابات، وما صدر عن المجلس العسكرى والحكومة بإصدار مرسوم بقانون لتشكيل اللجنة، غير أن الشهور مضت، ولم نر شيئا تحقق من هذه الوعود، الأمر الذى سوف يدخلنا فى جدل واشتباك صاخبين بعد الانتخابات البرلمانية، حيث سنجد أنفسا بصدد سلطتين وشرعيتين، هما المجلس العسكرى الذى يبنى شرعيته على الإعلان الدستورى، وسلطة جديدة ستفرزها صناديق الانتخابات، ومن المؤكد أن هاتين السلطتين ستتنازعان على من يملك تشكيل اللجنة المعنية بوضع الدستور، وتشكيل الحكومة الجديدة.

 

إن هذه المرحلة الانتقالية حفلت بالعديد من الأخطاء المتعمدة أحيانا لإرباك الوضع وتعقيده، وليس أدل على ذلك من خطيئة التمكين لفلول النظام الساقط، حتى ينظموا صفوفهم فى أحزاب وفضائيات وصحف، وقد أكدت لنا تجارب التاريح أن هذا النوع من الأخطاء والخطايا ممتد المفعول لعقود طويلة.

 

وما كان أغنانا عن نثر بذور العك فى تربة الثورة، لتنبت لنا مستقبلا مشوها للأسف.

 

وائل قنديل كاتب صحفي