الحرب الدينية ضد البرادعى - وائل قنديل - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 9:49 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

الحرب الدينية ضد البرادعى

نشر فى : الأحد 28 فبراير 2010 - 9:46 ص | آخر تحديث : الأحد 28 فبراير 2010 - 9:46 ص

 هل طلب الرئيس مبارك من الجنرال الدكتور محمود حمدى زقزوق وزير الأوقاف بدء عمليات الحرب الدينية ضد الدكتور محمد البرادعى المدير العام السابق لوكالة الطاقة الذرية والمرشح الافتراضي لانتخابات رئاسة الجمهورية المقبلة؟

لا أعتقد أن الرئيس مبارك يعلم أن وزير أوقافه طلب من خطباء المساجد أن يلعبوا بالنار فوق المنابر ويتلاعبوا بالدين فى ميدان السياسة ويبدأوا مقاومة فكرة ترشيح البرادعى من خلال خطبة الجمعة، كما جرى أمس الأول، حين نقل التليفزيون والإذاعة الرسمية على الهواء وقائع قصف عنيف شنه خطيب مسجد سيدى عبدالرحيم القناوى بمحافظة قنا على الدكتور البرادعى، وإن لم يذكره بالاسم، على أساس أن الحاكم فى الإسلام لا يشترط أن يكون من العلماء، بل إنه أفضل للأمم ألا يكون حكامها وقادتها من العلماء،حتى لو كانوا علماء فى الطاقة الذرية.

وبعيدا عن أن ترديد مثل هذا الكلام فيه احتقار وتسفيه لقيمة العلم فى حياة الشعوب، فإنه يفتح أبوابا للعبث يمكن أن تقودنا جميعا إلى أتون معارك يجرى فيها توظيف الدين سياسيا بما يؤدى فى النهاية إلى جحيم لا يعلم أحد منتهاه.

غير أن ما جرى يكشف إلى أى حد طغت العشوائية والازدواجية على كل شىء فى حياتنا، ذلك أن المؤسسة الدينية فى مصر، الأزهر والأوقاف، صدعت رءوسنا لسنوات بأن دور العبادة للعبادة فقط، وليست لإدارة الصراعات السياسية، بل إن الأوقاف خاضت معركة امتدت لسنوات فى سعيها لتأميم المنابر، زاعمة أنها تتصدى لظاهرة الاستخدام السياسى للمساجد والزوايا من قبل جماعات رأت أنها تمثل خطرا على سلام وسلامة المجتمع.

ولا يحاول أحد من السادة جنرالات وزارة الأوقاف أن يقنعنا بأن ما حدث فى خطبة الجمعة الأخيرة كان اجتهادا فرديا من أحد الخطباء، لأن الثابت أن الأوقاف أعلنت منذ سنوات بدء توحيد خطبة الجمعة فى مساجدها، عن طريق اعتماد نص واحد لا يسمح لأحد بالخروج عنه، ومن ثم فإن مهزلة أمس الأول ينبغى أن يحاسب عليها الدكتور زقزوق سياسيا، إلا إذا كانت الدولة المصرية ترى فى «تديين» الخلاف السياسى أمرا جيدا لو كان يصب فى مصلحتها ــ تمديدا أو توريثا ــ وفى هذه الحالة من غير المستبعد أن يكافأ السيد الوزير على ما صنع.

لكن أقسى ما فى الموضوع أن الأوقاف عممت «خطبة البرادعى»، بينما كانت الجماهير تنتظر «انتفاضة منابر» ضد بدء تنفيذ مخطط هدم المسجد الأقصى ودخول سيناريو تهويد القدس مرحلة خطيرة، وإعلان إسرائيل صراحة بداية الحرب الدينية فى فلسطين المحتلة.. تماما كما لم يكلف السادة المحتفلون بعودة البرادعى أنفسهم مشقة إصدار بيان يتيم ضد الإجراءات الصهيونية، غير المسبوقة فى عنفها ووقاحتها، لابتلاع القدس المحتلة، وأخشى أن يكون هؤلاء قد أجروا تعديلا إستراتيجيا على رؤيتهم للقضية فتحولت من «صراع عربى إسرائيلى» إلى مجرد «مشكلة فلسطينية»، كما قال البرادعى شخصيا فى حواراته التلفزيونية.

وائل قنديل كاتب صحفي