يعتقلون طلابهم ويحاضرون عن حرية التعبير! - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الأحد 12 مايو 2024 7:41 م القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

يعتقلون طلابهم ويحاضرون عن حرية التعبير!

نشر فى : الأحد 28 أبريل 2024 - 7:10 م | آخر تحديث : الأحد 28 أبريل 2024 - 7:10 م

من بين الحسنات القليلة جدا فى المجزرة الإسرائيلية المستمرة فى قطاع غزة منذ ٧ أكتوبر الماضى، هى أنها أسقطت الكثير من الأوهام التى كانت الولايات المتحدة وغالبية البلدان الأوروبية تجعلنا نعيش فيها، خصوصا ما يتعلق بحقوق الإنسان وحريات التعبير والمساواة وعدم التمييز‫.‬
الطريقة التى تصرفت بها السلطات الأمريكية وبعض السلطات الأوروبية مع الاحتجاجات الطلابية المتنامية والمتضامنة مع الشعب الفلسطينى المغلوب على أمره فى قطاع غزة، كشفت للجميع عن النفاق الغربى الواضح وعدم إيمانه الحقيقى بحقوق الإنسان وحريات التعبير إلا إذاكانت تصب فى مصلحته وتتوافق مع هواه
أظن أن المعارضين للغرب كانوا يعرفون ذلك بوضوح، لكن كثيرين أيضا فى وطننا العربى، ومنهم مثقفون كبار لم يصدقوا إطلاقا أن النفاق الغربى وازدواج المعايير بهذه البشاعة للدرجة التى تصل إلى اعتقال طلاب لمجرد تعبيرهم عن رأيهم.
لا يعنى كلامى السابق أن حقوق الإنسان وحريات التعبير فى وطننا العربى والعالم الثالث أفضل أو أنها جيدة إطلاقا. هى غير موجودة تقريبا إلا ما ندر، لكن على الأقل فإن غالبية النظم العربية لا تدعى إيمانها أو تطبيقها لحقوق الإنسان والحريات.
الغرب لديه مزايا كثيرة لا ينكرها إلا جاحد ونموذجه السياسى أثبت قدرته على البقاء مقارنة ببقية الأنظمة الأخرى. لكن نحن اليوم نتحدث عن جانب إنسانى وأخلاقى فى النموذج الغربى ثبت يقينا أنه غير موجود بالمرة، الأمر الذى ينسف جوهر المشروع الغربى من الأساس، مهما كان متقدما فى جوانب كثيرة.
أتحدث اليوم عن الحكومات والأنظمة السياسية، وليس عن الشعوب والمؤسسات الغربية. الأولى تنظر للإسرائيليين باعتبارهم كائنات أرقى وأسمى مقارنة بالفلسطينيين.
الحكومات الغربية ترى أن تدمير إسرائيل لقطاع غزة وقتل أكثر من ٣٥ ألفا وإصابة أكثر من ٧٧ ألف فلسطينى هى دفاع عن النفس. أما إذا قاومت التنظيمات الفلسطينية المحتل طبقا للقوانين الدولية فهو إرهاب ينبغى إدانته !!!.
أن تقتل إسرائيل آلاف الفلسطينيين وتهدم القطاع على رءوس أهله، وتحول غالبية السكان إلى نازحين، فهو أمر عادى فى نظر بعض حكومات الغرب، أما أن يتظاهر آلاف الطلاب فى الجامعات الأمريكية والأوروبية فهو حدث جلل يستدعى تدخل أجهزة الأمن وفض الاعتصامات بالقوة وتحويل الطلاب للتحقيق أو القبض عليهم.
تصدعنا بعض الحكومات الغربية ليل نهار بحقوق الإنسان وحريات التعبير. لكن أن يرفع بعض الطلاب فى جامعات غربية لافتات تندد بالعدوان الإسرائيلى فهو أمر يستدعى الإدانة لأنه يهدد حق اليهود فى الوجود!!
الحكومات الغربية تمد إسرائيل بالمال والسلاح والذخائر طوال الوقت، بل وترسل لها حاملات الطائرات وصواريخ الدفاع الجوى لحماية أجوائها، وتستخدم هذه الحكومات الفيتو دائما لمنع وقف إطلاق النار، وبعدها تطلق بعض التصريحات المنافقة عن ضرورة إدخال المساعدات لغزة.
الحكومات التى تفض اعتصامات طلابها وتمنع احتجاجاتهم لمجرد أنهم يعبرون عن رفضهم للمجازر ضد الأبرياء، لا يحق لها مطلقا أن تحاضرنا بعد الآن عن حقوق الإنسان أو حريات التعبير‫.‬
أما بعض طلاب الجامعات ومؤسسات المجتمع المدنى الغربية المتضامنين مع الفلسطينيين فلهم كل التحية والتقدير والاحترام لأنهم انحازوا لضمائرهم وإنسانيتهم.

عماد الدين حسين  كاتب صحفي