حكم الدستور - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
الخميس 3 أكتوبر 2024 1:28 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حكم الدستور

نشر فى : الثلاثاء 28 مايو 2013 - 9:10 ص | آخر تحديث : الثلاثاء 28 مايو 2013 - 9:10 ص

قلت لك بالأمس إن المحكمة الدستورية لم تفعل إلا ما هو مطلوب منها وفق الدستور الحالى الذى نظم تشكيلها واختصاصاتها، ومنحها حق الرقابة المسبقة على بعض القوانين المهمة ومنها قانون الانتخاب، إلى جانب رقابتها اللاحقة، وما أصدرته متعلقا ببعض مواد قانون الانتخاب هو تطبيق واضح تماما لمواد الدستور كما وضعه واضعوه، بما فى ذلك حق العسكريين فى الجيش والشرطة فى التصويت.

 

لكن جناحا فى السلطة أو مؤيدا لها أو متعاطفا أو من المؤلفة قلوبهم، انطلق يهيل التراب على المحكمة من أول السخرية منها واتهامها بقيادة الثورة المضادة، وحتى دعوة الرئيس لحل المحكمة تماما رغم أن وجود المحكمة يستمد شرعيته من وجود الدستور نفسه، والذين قالوا نعم للدستور قالوا بالضرورة نعم للمحكمة الدستورية باختصاصاتها تلك وتشكيلها هذا.

 

سياسيون غاضبون من المحكمة وكتاب ومعلقون على المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعى عرضوا جميعا فى تناغم أو اتفاق فى الرؤى نقطة غاية فى الأهمية، وتستحق البحث إذا كان الهدف من ورائها معرفة الحقيقة وليس التشكيك فى المحكمة لمجرد التشكيك.

 

قال هؤلاء إن القانون تم عرضه على المحكمة مرتين فى الأولى اعترضت على مواد لم يكن من بينها تصويت العسكريين، وفى الثانية أبدت ملاحظات على نفس المواد التى اعترضت عليها فى المرة السابقة وأضافت عدة مواد أخرى من بينها تصويت العسكريين، وكأن المحكمة «بتتلكك».

 

والحقيقة أن المحكمة فى المرة الأولى أرسل لها مجلس الشورى تعديلات على بعض المواد فقط، وردت عليها، ليس من حق المحكمة أن تضيف شيئا عما طلبه الطالب أو صاحب الطعن أو الدفع، وفى المرة الثانية أجرى مجلس الشورى تعديلات على عدد أكبر من المواد، مما جعل رئيس المجلس يرسل القانون كاملا للمحكمة، معنى ذلك أن تلك المرة الأولى التى يطلب فيها من المحكمة رسميا الفصل فى القانون كاملا، وبالتالى المرة الأولى التى تنظر ما يخص تصويت العسكريين، لأنه لم يطلب منها ذلك من قبل ولم يسبق أن طعن عليه أحد، كم من قوانين غير دستورية يعرفها قضاة المحكمة لكنهم لا يستطيعون نظرها أو إبداء رأى فيها إلا إذا طلب ذلك منها بطعن أو دفع أو رقابة سابقة كما يقول الدستور الجديد.

 

الغريب أن البعض يتحدث اليوم عن المواءمة السياسية، يقول إن المحكمة كان عليها أن تراعى خطورة قرارها سياسيا وما يمثله من آثار وأضرار إذا ما صار للعسكريين انحيازات سياسية بحق التصويت، وهو طرح عجيب خاصة من أطراف دأبت على جلد القضاء بزعم تسييسه وتحريكه بأهواء سياسية، ثم يطلبون من القضاة اليوم تقديم الاعتبار السياسى على الحكم القضائى المهنى المنسجم مع الدستور.

 

هذه محكمة مقيدة بالدستور. الدستور مرجعيتها الوحيدة. وهذا الحكم هو حكم الدستور وليس المحكمة، وإذا كان به خلل ما، فعيبه على الدستور وواضعيه وليس قضاة المحكمة.

 

قلت بالأمس إن تصويت العسكريين كارثة وقتل لآخر بقايا الدولة المحايدة، لكن الخروج من هذا المأزق يحتاج حلولا دستورية تبدأ من احترام رأى المحكمة الصحيح بحكم الدستور إجرائيا وقانونيا، لا التشكيك فى المحكمة وإهانتها وافتعال معارك جديدة كلما أصدرت حكما على غير هواكم.. إلا اذا كان هدفكم المعركة فى حد ذاتها وليس الحق والحقيقة.  

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات