اختيارات المعارضة «١-٢» - عمرو حمزاوي - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 8:07 م القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

اختيارات المعارضة «١-٢»

نشر فى : الأربعاء 28 مايو 2014 - 5:55 ص | آخر تحديث : الأربعاء 28 مايو 2014 - 5:55 ص

ليست فقط منظومة الحكم/ السلطة والمؤسسات والأجهزة النافذة بها والنخب الاقتصادية والمالية والإعلامية المتحالفة معها هى التى عليها أن تحسم اختياراتها بعد انتهاء مشهد الانتخابات الرئاسية، وتحدد ما إذا كانت تريد دولة الاستبداد أم دولة ديمقراطية ومجتمع التفاوت الصارخ بين الأغنياء والفقراء والنمو الاقتصادى والاجتماعى المحدود أم مجتمع متوازن يحقق التنمية المستدامة وتدريجيا العدالة الاجتماعية، بل أيضا الأصوات والمجموعات التى تقف فى خانات المعارضة مدافعة عن الديمقراطية وحقوق الإنسان ومازالت تفتقر إلى أجندة عمل/ فعل واضحة المرتكزات والمعالم تحتاج إلى حسم اختياراتها.

رفض كارثة المعارضة من الخارج، زيفا خونت وشوهت الأصوات والمجموعات المدافعة عن الديمقراطية بإفك «العمالة للخارج» وحمل «الأجندات الخارجية» و«كراهية الدولة الوطنية»، زيفا صنعت انطباعات سلبية ومنفرة عن حقوق الإنسان والحريات باعتبارها «حصان طروادة» الذى تنفذ منه القوى الخارجية للعمل ضد «المصلحة الوطنية» المصرية. اليوم، بجانب الإبراء الشخصى والجماعى من إفك العمالة للخارج، يتعين على المعارضة العمل المنظم لإقناع قطاعات مختلفة داخل الرأى العام (مجددا) بالتزامها الكامل بالدولة الوطنية وتماسكها وكون الدفاع عن الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات ينطلق من حقيقة راسخة مفادها أن الظلم والقهر والقمع والإقصاء وغياب المشاركة الشعبية جميعها معاول هدم لتماسك الدولة ينبغى مقاومتها ورفض وعود الاستقرار الزائف التى تتردد على جنباتها.

اليوم، استنادا إلى حقيقة راسخة أخرى مفادها أن المعارضة بهدف الديمقراطية والحقوق والحريات هى عمل/ فعل يمارس داخل حدود الدولة الوطنية وليس خارجها، يتعين على المعارضة أن تبحث بكل السبل السلمية المتاحة عن البقاء/ استمرار الوجود والعمل والفعل فى مصر وأن ترفض على نحو قاطع شرك «المعارضة من الخارج» وتنأى بأصواتها ومجموعاتها عنه. يقبل الوعى الجمعى للمصريات وللمصريين أن تعارض الحكم/ السلطة، أن ترفض الاستبداد والظلم وتطالب بالديمقراطية، أن تدعو إلى التغيير والثورة بسلمية، أن تقاوم هيستيريا الصوت الواحد والرأى الواحد؛ يقبل كل هذا ويحترم (على المدى الطويل) المتمسكين بمبادئهم والثابتين على مواقفهم ويمنحهم (ولو بعد حين) فرصة لإبراء ذواتهم (فرديا وجماعيا) من إفك التخوين والتشويه ويتعاطف معهم ما أن يدرك الظلم (التضييق/ الاعتقال/ الحبس/ السجن/ القتل) الذى وقع عليهم. إلا أنه يظل دوما (وباستثناء بعض فترات مقاومة الاستعمار البريطانى بين ١٨٨٢ ــ ١٩٥٢ والتى شهدت نفى قيادات وطنية إلى الخارج) رافضا للمعارضة من الخارج ولأن ترفع أهداف الديمقراطية وسيادة القانون وحقوق الإنسان والحريات خارج حدود الدولة الوطنية مهما تعاظمت تحديات ومخاطر العمل/ الفعل المعارض فى الداخل.

عمرو حمزاوي أستاذ علوم سياسية، وباحث بجامعة ستانفورد. درس العلوم السياسية والدراسات التنموية في القاهرة، لاهاي، وبرلين، وحصل على درجة الدكتوراة في فلسفة العلوم السياسية من جامعة برلين في ألمانيا. بين عامي 2005 و2009 عمل كباحث أول لسياسات الشرق الأوسط في وقفية كارنيجي للسلام الدولي (واشنطن، الولايات المتحدة الأمريكية)، وشغل بين عامي 2009 و2010 منصب مدير الأبحاث في مركز الشرق الأوسط لوقفية كارنيجي ببيروت، لبنان. انضم إلى قسم السياسة العامة والإدارة في الجامعة الأميركية بالقاهرة في عام 2011 كأستاذ مساعد للسياسة العامة حيث ما زال يعمل إلى اليوم، كما أنه يعمل أيضا كأستاذ مساعد للعلوم السياسية في قسم العلوم السياسية، جامعة القاهرة. يكتب صحفيا وأكاديميا عن قضايا الديمقراطية في مصر والعالم العربي، ومن بينها ثنائيات الحرية-القمع ووضعية الحركات السياسية والمجتمع المدني وسياسات وتوجهات نظم الحكم.
التعليقات