كلهم فى الجرم سواء - أحمد الصاوى - بوابة الشروق
السبت 18 مايو 2024 9:06 ص القاهرة القاهرة 24°

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

كلهم فى الجرم سواء

نشر فى : الأربعاء 28 نوفمبر 2012 - 11:05 ص | آخر تحديث : الأربعاء 28 نوفمبر 2012 - 11:05 ص

وقت كل أزمة سياسية فادحة من تلك التى يدخلنا فيها نظام مرسى، تجد أصواتا تدفع نحو تحريض على هدم المعبد، واستدعاء الجيش مرة أخرى للتدخل فى السياسة، هؤلاء يريدون حسم الصراع السياسى بإهدار مبدأ أصيل من مبادئ الدولة المدنية الحديثة، وكسر قيمة عظمى من قيم الديمقراطية، ولا يمكن أن تتعامل معهم إلا بذات القدر من الإدانة الذى تواجه به من يحاولون كسر استقلال القضاء.

 

 

 

لا فارق نهائيا بين من يحاول أن يزين للجيش أن يتدخل فى السياسة، وبين من يزين للرئيس أن يتدخل فى شئون السلطة القضائية، فإذا كانت الدولة الحديثة القائمة على القيم الديمقراطية لا تقبل وصاية عسكرية، فهى أيضا تملك عمودا واحدا لقيامها هو القضاء المستقل، ولا يملك راشد لديه إيمان حقيقى بدولة العدل والمساواة والحرية إلا أن يدين أى انقلاب على هذه القيم، سواء كان يذهب لإعادة الجيش إلى المشهد وصيا على السياسة، أو إقحام الرئيس ليتدخل فى القضاء وصيا عليه، وفى موقع يعلو على القانون والمحاسبة.

 

 

 

لا تحدثنى عن الأوضاع المؤقتة والنوايا الحسنة، لأن هناك من سيقول لك إن مطالبته بعودة الجيش استثناء ولفترة مؤقتة، والهدف منها أيضا حماية الثورة.

 

 

 

سترد بأن الثورة قامت من أجل إبعاد الجيش وهتفت بسقوط العسكر، وسيرد آخر بأن الثورة كذلك قامت من أجل قضاء مستقل وطالبت بذلك وهتفت.

 

 

 

هل تعرف الآن أن كل الانقلابيين ملة واحدة، وأن من يسعى للعسكر ومن يسعى للديكتاتور المحصن كلاهما وجهان لعملة واحدة رديئة لا تؤمن بالديمقراطية ولا قيمها، وتقول ما لا تفعل وتخالف كل ما تقول وتظهر من وعود وتعهدات.

 

 

 

هل النائب العام الذى عينه مبارك كان مستقلا؟ وهل النائب العام الذى عينه محمد مرسى مستقل؟

 

 

 

المقارنة ربما تكون غير منصفة لأن أداء الثانى لم يختبر بعد، لكن من حيث الشكل كلاهما اختيار رئيس الجمهورية الذى يمثل رأس السلطة التنفيذية، وكلاهما غير قابل للعزل، الأول لأن القانون كان يضمن له مؤبدا، ذلك والثانى لأن التعديلات ضمنت له ذلك مرحليا.

 

 

 

ستقول إن الثانى من تيار استقلال القضاء، لكن رموز تيار استقلال القضاء الذين طالبوا مرارا بأن يكون المجلس الأعلى للقضاء هو الجهة التى تختار النائب العام، قبلوا تعيينه من الرئيس، كما قبلوا انتهاك استقلال القضاء والدستور بحرمان المواطنين من حق التقاضى، والتدخل فى أعمال جهات قضائية لمنعها من نظر قضايا بعينها.

 

 

 

قبل أشهر كنت أدين تلويح بعض القوى بالانقلاب العسكرى وتحريضها عليه، ليس لأننى منحاز للإخوان لكن لأننى منحاز للمبدأ، وقتها كنت فى الجانب الذى تقف فيه الجماعة والسلفيين، ولم يكن ذلك بفارق، واليوم أنحاز أيضا لمبدأ، ولا يهم إن كنت أقف فى جانب يقف فيه أحمد الزند أو حتى أحمد شفيق، عندما تختار المبدأ لا تهتم بمن حولك ولا تبنى انحيازاتك لأن «سين» فى هذا المعسكر أو«صاد» فى ذاك المعسكر.

 

 

 

يعرف الرجال بالحق، وليس بالهوى الحزبى، فهؤلاء كلهم فى الجرم سواء، أنصار وصاية العسكر وأنصار وصاية الديكتاتور، كلاهما ينتهك أسس الدولة الحديثة، لا فرق بين جيش يتدخل فى السياسة وحاكم يتدخل فى القضاء.

أحمد الصاوى كاتب صحفي
التعليقات