سؤال بسيط ومنطقى وسهل: لماذا لم تتحرك الدولة وأجهزتها قبل الانتخابات لتدفع أو تشجع أو تقنع شخصيات عامة وحزبية بالترشح، بصورة طبيعية، بدلا من الاستعجال و«اللهوجة» التى شهدناها فى الأسبوع الأخير؟!.
مرة أخرى كانت الحكومة تعلم أو على الأقل تتوقع أن أحمد شفيق وسامى عنان لن يخوضا الانتخابات، وبالتالى فالسؤال: لماذا لم يتم تجهيز المرشحين المحتملين قبلها بوقت كاف حتى يبدو الأمر وكأنه طبيعى؟!
كان فى إمكان موسى مصطفى موسى رئيس حزب الغد أو أحمد الفضالى رئيس حزب السلام الديمقراطى أو أى رئيس حزب مماثل، أن يعلنوا ترشحهم من بداية العملية الانتخابية وليس فى آخرها.
وبدلا من السيناريو المأساوى الذى شهدته الهيئة العليا لحزب الوفد يوم السبت الماضى، كان يمكن إقناع الدكتور السيد البدوى بالترشح من البداية، وكذلك إقناع الهيئة العليا بهذا التوجه، قبل أن تجتمع وتتخذ قرارا بتأييد الرئيس عبدالفتاح السيسى وعدم الدفع بأى مرشح من الحزب، بدلا من «حفلات التريقة والقلش»، التى خصمت من رصيد الجميع، وأعطت للمتربصين فرصة ذهبية للطعن فى كل شىء.
لو أن موسى مصطفى موسى وغيره ترشح منذ فترة، لكان الأمر سيبدو أقل سوءا.
كلنا نتذكر ما فعله النظام فى انتخابات الرئاسة عام ٢٠٠٥، حينما جرى التوافق مع رؤساء بعض الأحزاب المصرية، بالترشح لأول انتخابات رئاسية تعددية. وقتها منحت الدولة كل رئيس حزب ٢٠٠ ألف جنيه. صحيح أن الجميع كان يعلم أن مبارك سيفوز لا محالة وبفارق كبير، وصحيح أن الجميع كان يعرف أن غالبية المرشحين وقتها، ربما باستثناء أيمن نور «نازلين كمالة عدد»، لكن على الأقل، كان الأمر معقولا نسبيا حتى فى طريقة الإخراج مقارنة بما نراه الآن.
للمرة المليون نؤكد أننا ندرك الواقع المرير، وأنه لا توجد انتخابات ديمقراطية بمعناها الكامل فى الأمد المنظور. وبالتالى فنحن نتحدث عن الشكل والإخراج وليس الجوهر.
مثل هذا الإحساس هو الذى دفع الإعلامية المتميزة لميس الحديدى إلى أن تقول مساء الأحد تعليقا على الترشح المتوقع لموسى مصطفى موسى: «ده مين المرشح اللى ممكن يبقى جاهز، بكشفه الطبى، وسلطاته، وبابا عنوجه.. يعنى مرشح كومبو؟!.. هو المرشح ده كان فى الثلاجة وخرج من الفريزر، وحطناه فى الميكروويف وسيحنا التلج، وخرج علينا حتى لا يكون عندنا مرشح واحد فى الانتخابات؟!».
كلام لميس، يقوله كثيرون بصيغ مختلفة، بمن فيهم بعض المؤيدين للحكومة والنظام.
وبما أن الانتخابات التعددية المفتوحة والشفافة يصعب توقعها هذه الأيام، فقد كان الأمر يقتضى تخطيطا وتنسيقا قبل الانتخابات.
لم يكن الأمر يقتضى جهدا كبيرا، بل مجرد اتفاق مع الأحزاب القريبة من الحكومة، على من يترشح ومن يؤيد ومن يعارض. ولو شكا المرشحون من الحصول على التوكيلات الشعبية اللازمة، كان ممكنا توزيع التزكيات البرلمانية على هؤلاء المرشحين، وبدلا من حصول الرئيس على غالبية تأييد النواب «545 تأييدأ من بين 596 نائبا»، كان يمكن ضمان وجود عشر مرشحين على الاقل، يحتاجون إلى تزكية ٢٠٠ نائب.
خلاصة القول ما حدث لم يكن جيدا، وأساء إلى الجميع من أول الحكومة إلى الأحزاب إلى الرئيس إلى المجتمع بأكمله. ومرة أخرى نتمنى أن يتوقف هذا الأمر، وتتوقف الخسارات المجانية الناتجة عن غياب التصورات السياسية.