ماذا بعد انتخابات الرئاسة؟ لديك زخم سياسى كبير، وعدد كبير من المرشحين المحتملين، جميعهم يسعى للمقعد الكبير بدأب، يتحمل ما يتحمل من نقد ويبنى على ما يأتيه من تشجيع، لكن المؤكد أن بعد 30 يونيه المقبل حسب الجدول الزمنى المعلن، سيكون لديك رئيس واحد من بين كل هؤلاء وما قد يظهر إلى جانبهم من أسماء جديدة، فأين سيذهب الباقون بعد هذا التاريخ؟
هذا هو السؤال الجوهرى الذى لابد أن تسأله لأى مرشح رئاسى: ماذا ستفعل إن لم توفق، والأرجح أن مصر ستستفيد لو استمر هذا الزخم إلى ما بعد انتخابات الرئاسة فى صورة مشروعات وإطارات سياسية تخص المرشحين وأفكارهم ومؤيديهم، فما بناه بعضهم طوال شهور من العمل والجولات الميدانية لا يجب أن يتبخر عقب الانتخابات فجأة، وهو الخطأ الذى وقع فيه الدكتور البرادعى حين أعلن سحب إعلان ترشحه، ففتت كتلة تكبر أو تصغر كانت تعمل معه وتؤازره وتؤيده، ودفعها لشتات تحاول أن توازن بين ما تبقى من مرشحين لتختار ما تدعم، وهو خطأ صححه بدعوته مع عدد من أنصاره لتأسيس كيان سياسى يضم المؤمنين بالأفكار التى دعا إليها، بمعنى أن البرادعى كشخص يمكن أن تتضاءل فرصه، لكن مأسسة الأفكار وتقديمها للمجتمع فى صيغة كيان قادر على التفاعل ستفيد الوضع السياسى برمته.
ذات الوضع ينعكس على الجميع، سألت المرشح الرئاسى عمرو موسى عن تصوره لمستقبله بعد 30 يونيه لو لم يوفق فى الانتخابات، فقال كلاما جميلا إنه لن يغادر البلد وسيستمر فى العمل والدعوة لما يدعو له فى حملته الرئاسية، لكنه لم يفصح عن شكل هذا الوجود والحضور هل سيستمر حضورا شخصيا وفرديا ومستقلا أم ستجرى مأسسته فى إطار سياسى غير مربوط بالفرد بالضرورة؟
لديك مرشحون رئاسيون جميعهم يعمل تحت راية الاستقلال، دون دعم تنظيمى أو حزبى مباشر، لكن أغلبهم يعبر عن أفكار ورؤى وأيديولوجيات، بعضهم عمل طوال وقت طويل على تطوير الخطاب القومى الناصرى التقليدى ودمجه فى إطار ديمقراطى كحمدين صباحى، وبعضهم منح العمل الإسلامى السياسى زخما مختلفا، وانتقل به إلى مساحة قبول هائلة مثل عبدالمنعم أبوالفتوح بخطاب مفتوح على الجميع يراعى التنوع ويحترمه ويؤمن بالديمقراطية، وبعضهم مثل المرشح الجديد خالد على يتحرك من قلب هموم العمال والفلاحين عن تجارب شخصية، لكن ما هو مستقبل هؤلاء بعد الانتخابات لو لم يوفقوا فى الانتخابات؟ هذا سؤال جوهرى لابد أن يبقى مطروحا على كل مرشح، لأن من شأنه أن يدفعك لاختيار أفكار وليس أشخاص والانحياز لمستقبل تعرف إطاره، فعندما تختار أحدهم تعرف أنه حتى لو لم يوفق، فأنت مستمر فى تأييد مشروع كان يمثله مرشحك المحتمل، ومازال يقوده أو يلهمه بعد الانتخابات.
أما أن يعتقد مرشح أن المصريين مدعوون لانتخابه رئيسا وإلا فإنه «مش لاعب»، وينظر للمنافسة الانتخابية الحالية على إنها آخر رحلته، فمن الأفضل له ألا يبدأ الرحلة من الأصل.