حارس المرمى.. وحارس الاقتصاد - عماد الدين حسين - بوابة الشروق
الجمعة 27 ديسمبر 2024 12:34 ص القاهرة

احدث مقالات الكاتب

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

حارس المرمى.. وحارس الاقتصاد

نشر فى : الأحد 30 أكتوبر 2016 - 10:15 م | آخر تحديث : الأحد 30 أكتوبر 2016 - 10:15 م
لنفترض أن هناك مدربا فى كرة القدم، خاض فريقه مباراة مهمة فى نهائى كأس بلاده، وانتهت النتيجة إلى هزيمة فريقه بخمسة أهداف مقابل أربعة، وكان حارس مرماه هو السبب الرئيسى فى الهزيمة. وبعدها بأسابيع كان نفس المدرب يخوض مباراة مصيرية فى بطولة الدورى، وأصر على إشراك نفس الحارس، وانتهى الأمر بهزيمة مدوية بستة أهداف مقابل خمسة فقط لفريقه، وللمرة الثانية يكون حارس المرمى هو المسئول الأساسى عن الهزيمة، رغم أن هجوم الفريق جيد ويلعب ويسجل الكثير من الأهداف.

هذا المدرب خسر الدورى والكأس، لكنه يستعد لمباراة غاية فى الأهمية فى نهائى بطولة الاندية القارية، ويصر على أن يستمر حارس المرمى فى المشاركة بالمباراة، فماذا نتوقع من حارس «شال» خمسة أهداف فى مباراة ثم ستة أهداف فى المباراة الثانية، وفى بطولتين مهمتين؟

النقاد الثقاة المتابعون لحال الفريق، يقولون إن الحارس لم يعد صالحا لحراسة مرمى فريق كبير، يقولون أيضا إن هناك ربما بعض المراكز الأخرى فى الفريق تحتاج للتبديل والتغيير بعناصر أخرى أكثر استعدادا ومهارة وقراءة للملعب وصنع الأهداف والأهم تسجيل الأهداف.

حال الفريق الكروى فى النموذج السابق، يشبه إلى حد ما مع فارق القياس، حال إدارة أمور الملف الاقتصادى فى مصر. لا أقصد بحارس المرمى أو بعض مراكز اللاعبين الأخرى شخصا أو أشخاصا محددين بالاسم، لكن أتكلم عن التشكيل وطريقة اللعب، وضمان أن يكون المدرب متأكدا مليونا فى المائة من أن كل اللاعبين خصوصا حارس المرمى وقلب الهجوم على أعلى مستوى من الكفاءة واللياقة البدنية والرغبة فى الفوز والجلوس على القمة بدلا من اتباع الشعار المصرى الأصيل «الأداء المشرف».

مهمة المدير الفنى أو مدرب الفريق أن يتابع لاعبيه كل لحظة.. فقد يتعاقد مع لاعب جيد أو لديه تاريخ حافل، ثم يكتشف فجأة أن المستوى هبط وتراجع لأسباب مختلفة.

بعض المسئولين كان مستواهم رائعا، وبعضهم تصورنا ان يكونوا ممتازين، وقسم ثالث لديه سيرة ذاتية رائعة، لكنه بلا أى خبرة عملية. وعندما جد الجد اكتشفنا أن أداء البعض صار سيئا وخطيرا على مستقبل البلاد والعباد.

والسؤال: ما الذى يمنع من تغيير هؤلاء المسئولين الذين ثبت فشلهم سواء كانوا وزراء أو مسئولين أو رؤساء شركات وهيئات ومؤسسات وأجهزة وبنوكا؟

استمرار مسئول ضعيف المستوى فى مكان خطير وحساس قد يؤدى إلى خسائر كارثية للوطن بأكمله.

يقول خبراء كثيرون إنه ينبغى أن يتم إعادة النظر فى أداء بعض الوزراء والمسئولين خصوصا أعضاء المجموعة الاقتصادية.

على أرض الواقع هناك انفلات غير مسبوق فى الأسعار، هناك أزمة اختفاء سلع أساسية كثيرة آخرها السكر، هناك أيضا مضاربة غير مسبوقة على الدولار للدرجة التى رفعت سعره ليتجاوز 17 جنيها.

هناك أيضا الكثير من المشكلات الحياتية فى أكثر من مجال، وللموضوعية هناك نماذج مشرفة داخل الحكومة، لكن على أرض الواقع فإن شكوى غالبية المصريين صارت لا تخفى على أحد، وأنين الفقراء صار مرتفعا.

فى هذه الحالة ينبغى على رئيس الجمهورية وكبار مساعديه أن يراجعوا مستوى أداء بعض المسئولين، خصوصا الذين تسببوا فى كوارث يراها ويلمسها القاصى والدانى.

ليس عيبا أن نغير أى مسئول، ولكن العيب أن يستمر مسئول مقصر أو ضعيف أو متهور فى منصبه، فتزيد الخسارة وتتفاقم ويدفع الوطن بأكمله الثمن.

مرة أخرى، القضية ليست فقط أسماء أو أشخاص، هناك مشاكل جوهرية فى الاقتصاد المصرى أو أمراض نعرفها جميعا وبعضها نتيجة تراكمات سنوات طويلة، لكن كل هذه الأسباب تدفع لضمان أن يكون لدينا مسئولون على أعلى درجة من الكفاءة، حتى يتمكنوا من مواجهة هذه الأزمة شديدة الصعوبة. وأن تكون ثقة الشعب فيهم كبيرة جدا كى يتقبل قراراتهم الصعبة.
عماد الدين حسين  كاتب صحفي