لأول مرة.. محمد مرسي بين الزعماء الذين مثلوا بلادهم من مختلف جنسيات العالم العضو في الأمم المتحدة، وسأتجاوز الانتقادات التي ركز عليها المهتمين من السياسيين والحقوقيين بخفة الدم المصرية، والتي ظهرت كرد فعل على ارتجال مرسي لبعض العبارات أو بعض الحركات العفوية التي جاءت بناء على عدم الخبرة المسبقة في المقابلات الرسمية، فكل هذه التصرفات لا تعنيني كسياسي من بعيد أو قريب، لكن إضافة لكل ما سبق فإن خطاب مرسي تركز بشكل عام في نقطتين رئيسيتين..
أولهما: كلام مرسي في الأمم المتحدة بوصفه الرئيس المسلم أو ربما جاء ذلك لإرضاء التيار أو الجماعة التي دفعت به على عرش فرعون، و برز ذلك واضحا من خلال مقدمة خطابه التي تقاسمها مع الرئيس الإيراني أحمدي نجاد، وإسهابه بالحديث عن الإسلام، الذي وثقها بالآيات القرآنية كلما أتيح له ذلك، على الرغم أني لست معارضا ليتحدث شخص عن عقيدته كما يشاء وقتما شاء، لكن وجه الاعتراض يأتي من منطلق لكل حدث حديث.. فسؤالي: ما هو وجه الربط بين المهمة السياسية المكلف بها مرسي كرئيس دولة بوصفها عضو في الأمم المتحدة وبين خطابه التي لا ينقصها سوى العمامة والعباءة لتكون رسالة دعوية؟
فإن اقتصرت زيارة مرسي على تقديم الإسلام للغرب فمن المؤكد أنها رسالة غير مثمرة لأننا لم نسمع من بين زعماء العالم الحضور من نطق الشهادتين، وإن كانت الزيارة تأكيداً على الوحدة الوطنية وتساوي جميع أطياف الشعب في الحقوق والواجبات التي أفاض سيادة الرئيس بشرحها بمرجعية دينية أيضاً. وإن حرية التعبير مكفولة لجميع المصريين، ولا أدري إن كان هذا نوع من الازدواجية في شخصية الرئيس أم هو جزء من طريقة تصرف جماعته (الإخوان المسلمين) تتكلم بطريقة وتتصرف بطريقة وتتعامل بطريق أخرى، أم أن سيادة الرئيس يغفل أنه في وقت إلقاء محاضرته الأولى في الأمم المتحدة أن المشهد السياسي في مصر مغاير تماماً للحقيقة. فهناك ألبير صابر يزج به في السجن لمجرد أنه أضاف على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي ما لا ترتضيه جماعة الإخوان المسلمين.. فأين هي إذا حرية التعبير يا سيادة الرئيس؟
وبالمقارنة.. أين هو المجرم الذي قام بتمزيق الكتاب المقدس على مرأى ومسمع من الجميع في واحد من أكبر ميادين القاهرة وتوعد بالمزيد؟ ولماذا هو خارج قفص الاتهام أو قفص القرود أو حتى مستشفى المجانين؟ أهذا هو القانون والقضاء يا سيادة الرئيس أم أن للعدالة في نظركم وجوه أخرى؟ أين هي حرية الأديان؟ وأي قانون مريض استندتم عليه لهدم كنيسة أثرية بمدينة رشيد للمسيحيين في وضح النهار تحت منطق متخلف لصعاليك الفرعون لم يجيدوا سوى لغة الهدم لأن الحوار هو الشعاع الذي يفقدهم بصيرتهم العمياء وأنهم في لغة المنطق والعقل مهزومين.
أين هو الأمن والآمان الذين ركزت عليهم في حملتك الانتخابية، وأكدت بفخر في الأمم المتحدة على أن مصر هي بلد الأمن والآمان؟ أي أمان تقصد؟ هل هو آمان جماعة الإخوان التي توغلت في كل قطاعات الدولة واستنادكم في الحفاظ على كرسي المرشد على أهل الثقة بغض النظر عن قدراتهم العلمية والسياسية داخليا وخارجياً، ولكي تتمكنوا من السيطرة عليهم وتوجيهم حسب رؤية مكتب الإرشاد، أما إن قصدت أمن المواطنين فلماذا أصبحنا نسمع مصطلحات جديدة كالتهجير الذي لم يكن شائعا من قبل فا بي؟ أي منطق يهجر موطنين من مدنهم ويجبروا على هجر بيتهم في منطقة العامرية ثم امتدت إلى منطقة دهشور وأخيرأ في رفح وحوادث القتل ضد الأقباط في نزلة جريس بمركز أبوقرقاص ومركزي ملوى ودير مواس والمنيا و الفرز الطائفي في أعلى معدلاته في تاريخ مصر الحديث والقديم.
بينما غفلتم تماماً إلقاء الضوء على وحدة الأقباط والمسلمين لرفض الفيلم المسئ للإسلام كنوع من الإصرار على شق الشارع المصري الذي يراهن عليه أنه لم يبقَ كثيراً أسيراً لفخاخكم المفخخة، وسيفوت عليكم فرصة الانشقاق والتعامل بمرجعية طائفية، ولن نكون لبنان أو إيران، ولن نرضى أن نكون غير مصريين كاملين الحقوق وعلينا نفس الواجبات، وأن المرحله القادمة ستشهد اقتلاع الدكتاتورية من جزورها في مصر والمنطقة وبلا عودة، وأن الكلمه الأولى والأخيرة للشعب، وأن الرئيس ماهو إلا موظف يتقاضى راتبه من خير شعبه.