محمد غالي يكتب: نزيف الدم السوري.. إلى أين؟ - منبر الشروق - بوابة الشروق
السبت 23 أغسطس 2025 1:59 ص القاهرة

محمد غالي يكتب: نزيف الدم السوري.. إلى أين؟

نشر فى : الجمعة 2 نوفمبر 2012 - 5:05 م | آخر تحديث : الجمعة 2 نوفمبر 2012 - 5:05 م
محمد غالي
محمد غالي

واقع مؤلم تعيشه المعارضة السورية كل يوم، وأنهار من الدماء تسيل يوما تلو الأخر، والآلاف من القتلى قد سقطوا بالفعل جراء العنف والمجازر التي ترتكبها قوات الجيش النظامي وجماعاته المسلحة في سوريا، والعالم يقف متابعا لمشاهد الدماء التي تتداولها وكالات الأنباء، لم نرى حتى الآن جهداً ملموسا يضع حلولاً من الممكن تطبيقعا لوقف تلك المجازر والعنف الممنهج الذي يرتكب ضد الأطفال، أشاهد دوما الكثير من مقاطع الفيديو لجرائم مكتملة الأركان، لن أستطيع أن أكمل بضع ثوانى في رؤية مشهد دموي واحد يعرض أشلاء ضحايا ناجمة عن قصف بنيران مدفعية الجيش النظامي، ومقطع آخر يعرض بتر لأوصال وإطفاء السجائر في صدور الأطفال.

 

كيف يقال عنه "مجتمع" عربي والعرب يقفون صامتون ومنظمات أخرى، يقولون أنها دولية ومعنية بحقوق الإنسان، لم تحرك ساكنا، فقط لا تحرمنا من خطاباتها التي تحوى كلاماً مرسلاً لا يعرض حلولاً واقعية لإنهاء الأزمة وإيقاف نزيف الدماء.

 

أقف متأملاً ومتعجباً في الوقت ذاته من روح الصمود لدى ثوار سوريا، فقط يريدون  نظاماً عادلاً بعيداً عن أحادية السلطة التي تقمع أي صوت ينادي بالتغيير، هم ينادون بأبسط حقوقهم في العيش بحرية وكرامة إنسانية بعيداً عن واقع سياسي فرضه نظام تسيطر عليه عجرفة السلطة، ويستخدم جيشه في قتل معارضيه بأبشع الوسائل وبجميع أنواع الأسلحة من دبابات ومدفعية وطيران حربي.

 

الآن حلب وحدها تقترب من عشرة آلاف شهيد، حسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، ومازال دوىّ نيران المدفعية وطائرات الجيش النظامي تقصف المدن والريف بلا رحمة، والجميع يكتفي بأن يكون متابعا.

 

إن ما يحدث في سوريا الآن من قتل وتدمير واعتقالات لآلاف من المعارضين هو انتهاك واضح وصريح لكل مواثيق حقوق الإنسان، ولم يأتِ رد فعل دولي واحد يحمل شيئاً إيجابياً يصب في مصلحة الشعب السوري، وإذا نظرنا إلى الحلول التي قدمتها دول ومنظمات المجتمع المدني نجد في مجملها أنها تجعل الوضع أكثر سوءاً بدايةً من فرض عقوبات اقتصادية على النظام وحظر استيراد النفط السوري ولا تجدي تلك الحزم من الإجراءات بأي حلول واقعية.

 

وفي محاولة أخرى من الأمم المتحدة وبعد كل هذه المشاهد من الدماء والقتل العشوائي لثوار المعارضة، تريد أن ترسل بعثة مراقبيين دوليين إلى سوريا، وتتصاعد موجات العنف وتقوم قوات الجيش النظامي بمنع المراقبيين الدوليين من دخول بعض المناطق التي تدور في رحاها عمليات القتل والتعذيب، وخصوصا التي تستهدف الأطفال، ويقوم المراقبون الدوليون بتعليق عملهم اعتراضا على مشاهد الدم واستهداف الأطفال وسط الكثير من الاستغاثات المقدمة إليهم، من بينها امرأة قالت لأحد المراقبين إن شبيحة النظام قتلوا أطفالها، والمرقب يتأثر بها وهي تبكي ويعدها بإبلاغ الجهات المسؤولة عن ما شاهده من موجات القتل العشوائي التي يقوم بها قناصة النظام، ومبعوث آخر يتحدث بالإنجليزية، وهو في حمص يسمع دوى القصف ويقول "إنهم يشترون الخبز ليستعدوا لما يحدث اليوم، ويسمع دوىّ القذائف ويقول: هذا ما يحدث لهم كل يوم والقناصة لا يرحمون، حضرت استشهاد تسعة أشخاص في زاوية من هذا الشارع في هذا الأسبوع، ولم يكن أي منهم يحمل سلاحاً، وتشكو سيدة للمراقبين صارخةً (لقد هدموا بيوتنا ولا يوجد كهرباء ولا طعام، وأنتم الأجانب لا تفعلون شيئاً، وفي زقاق في هذا الشارع الأطباء يعالجون جروح المصابين في أحد العيادات الميدانية ورصاص القناصين لا يفرق بين طفل وراشد).

 

في آخر المطاف يأتي التفكير في اختيار مبعوث للتفاوض مع النظام من قبل الهيئة العامة للأمم المتحدة خلفا لكوفي عنان، ووقع الاختيار على الجزائري الأخضر الإبراهيمي، الذي يطوق دول العالم دون الوصول لحلول ملموسة لتلك الأزمة، لا أتعجب إن كنت مندهشا من أن مقالي لا يحوي حلا للأزمة إنما أردت أن أعبر عن ما بداخلي من غضب مما أراه من انتهاكات ومجازر ماكان للجيش السوري أن يرتكبها في عدو له، مستغلا معارضة لا تملك سوى التحدي والإصرار على الحرية والكرامة.

 

الكثير من مشاهد الاستغاثة مرت على عيني والدمع يفيض لهول ما ترى العين، وأنا مثلكم ليس لدي أي سلطة لكي استخدمها لصالح تلك القضية سوى كبسات لوحة مفاتيح حاسوبي الشخصي.

 

هذا هو الواقع المؤلم الذي يعيشه الشعب السوري المنتفض، والكثير من الشهداء يشيعون كل يوم، وهناك قلة من المنافقين يؤيدون النظام ولا تحرك مشاهد الدم مشاعرهم قيد أنملة، أدعو الله أن يحشرهم معه كما قال في كتابه (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً) (النساء:93).

 

إذا كنت مسلماً موحدًا نبيك محمد، نبي الرحمة، فكيف ترضى أن تزهق أرواح بالمئات يوميا في دولة عربية إسلامية شقيقة، ستسأل نفسك ما بوسعي أن أفعل؟ سأقول لك كمواطن عربي عليك بالضغط على من بيده السلطة في دولتك ليتحرك لمساعدة إخواننا في سوريا في التخلص من نظام قمعي بات سفك الدم له أمراً هينا وهو عند الله عظيم. لا أريد من الحكام العرب عبارات رنانة لا تسمن ولا تغني من جوع بل بحلول يمكن تحقيقها فعلياً، وإن لم يكن ذلك فلكي الله يا سوريا فهو خير حافظاً وهو أرحم الراحمين.

شارك بتعليقك