مصطفى الأسواني يكتب: «مرسي» يؤسس لمشروع «دولة الخلافة» في مصر - منبر الشروق - بوابة الشروق
الأحد 15 سبتمبر 2024 1:43 ص القاهرة القاهرة 24°

مصطفى الأسواني يكتب: «مرسي» يؤسس لمشروع «دولة الخلافة» في مصر

نشر فى : الإثنين 3 سبتمبر 2012 - 12:05 ص | آخر تحديث : الإثنين 3 سبتمبر 2012 - 12:05 ص
مصطفى الأسواني
مصطفى الأسواني

لقد تصور البعض أن ثورة يناير المجيدة قامت من أجل إبعاد الفاسدين عن الحكم ومحاكمتهم فقط، أو أنها عصا سحرية ستغير أوضاع مصر وتحولها بين ليلة وضحاها إلى جنة، ولكن كيف يمكن أن يتحقق هذا، والفساد والقمع قائم حتى الآن؟!، وكذلك أجهزة الدولة كما هي، بنفس العقلية وطريقة التفكير وكراهية الثورة والثوار، كيف يمكن تحقيق أهداف الثورة، ووسائل الإعلام المملوكة للدولة وجدت سيدًا جديدًا تقوم على خدمته، بنفس الأساليب البدائية المتبعة إبان عهد المخلوع حسني مبارك.

 

 

وبالرغم من سعادتي بأننا على أبواب عهد ديمقراطي جديد، وكذلك ليس لدي أية مشكلة في وصول جماعة الإخوان المسلمون إلى سدة الحكم، إلا أنني ضد كل من يحاول إيهامنا وإقناع عامة الشعب بأن وصولهم جاء بإرادة شعبية كاملة، فوصولهم كان برضا غربي تام، وباشتراطات مسبقة كما تشير إلى ذلك التقارير الموثقة، أو كما قال الرئيس الراحل أنور السادات إن «99% من أوراق اللعبة بيد الولايات المتحدة».

 

****

 

في السياق ذاته، لا يمكننا أن نتصور أن وصول القيادي في جماعة الإخوان المسلمون محمد مرسي، إلى منصب رئاسة الجمهورية سيمر مرور الكرام، أو بدون إحداث تغييرات على شكل المجتمع. وبوادر تلك التغييرات الشكلية التي ترغب الجماعة في فرضها على مجتمعنا جاءت متمثلة في قرار وزير الإعلام الإخواني صلاح عبد المقصود، بالسماح للمذيعات المحجبات بالظهور في التلفزيون المصري، والعجلة في تنفيذ القرار فور صدوره، بظهور الإعلامية المحجبة فاطمة نبيل، لتقديم نشرة أخبار الثانية عشر ظهرًا، يوم الأحد، وزميلتها سارة الشناوي، لتقديم النشرة الجوية.

 

 

وبدأ تهليل البعض باعتبار أن هذا القرار هو «وصول الثورة لمبنى ماسبيرو»، وبالغ البعض الآخر باعتبار أن «الإسلام دخل مصر اليوم». بالرغم من أن القانون في عهد المخلوع مبارك، لم يكن يمنع المحجبات من الظهور في الإعلام المصري الحكومي، إلا أنه لم يكن يسمح لهم بتقديم البرامج أو نشرات الأخبار.

 

 

لذا، فإن وصول مرسي إلى رئاسة الجمهورية سيساعد جماعات الإسلام السياسي بكافة أطيافها وتوجهاتها على الحركة في اتجاه تحقيق حلمهم، من خلال إعادة تربية المجتمع بطريقتهم الخاصة، ووضعه على أول عتبات مشروعهم الأكبر «دولة الخلافة».

 

 

ومن المؤكد، أن هذه الجماعات ستسعى جاهدة للسيطرة على قطاعات بعينها في الدولة، مثل «الثقافة والتعليم والإعلام والصحافة»، وإدخال رأس المال الإسلامي في تلك القطاعات، لتحويلها عن رسالتها الحقيقية، وهدفها الأساسي. إضافة إلى قطاعات أخرى، وهو الأمر الذي بدأ يتجلى بالفعل في العديد من النقابات.

 

****

 

أرى أن جماعة الإخوان المسلمون، الأكثر تنظيمًا، والمشهورة بالمراوغة وعدم الوضوح في كثير من الأمور والسياسات الداخلية والخارجية على السواء، لن تطبق تلك التغييرات التي ترغبها على شكل المجتمع بطريقة مفاجئة، لكنها ستبذل قصارى جهدها في تطبيقها بطريقة تدريجية وهادئة ومراوغة، عكس التحركات المتعجلة من جانب مجموعات الإسلام السياسي الأكثر تطرفًا.

 

 

وسينفذ الإخوان ذلك، من خلال عمليات إحلال بطيئة، وبدون قرارات واضحة أو قوانين. وأعني بذلك؛ أن تكون المحجبة أو المنتقبة مثلاً، لها الأولوية في العمل الإعلامي أو الثقافي أو التربوي، وأن يكون الشخص الأكثر التزامًا من الناحية الدينية على رأس المطلوبين للعمل. وهذا ما يجري الآن بالفعل. وبكل تأكيد سيؤثر على تكافؤ الفرص، وأماكن العمل، وحركة المواطنين، وعلى الحريات الخاصة والعامة بحجة «العفة والالتزام والعادات والتقاليد».

 

 

ما أتخوف منه هو أن تتمادى عناصر تيار الإسلام السياسي في ذلك، استنادًا لمرجعياتها، والديمقراطية التي اكتسبتها عن طريق «صناديق الاقتراع»، فهناك جوانب عنف بدأت تظهر في مجتمعنا، من ضمنها القتل بسبب عدم الالتزام، كمقدمة للقتل على الهوية الدينية.

 

****

 

أيها القارئ الكريم، إن كنت تظن أن مهمة جماعة الإخوان المسلمون قد انتهت وبلغت مداها، بانتخاب أحد أبنائها لرئاسة الجمهورية، فأنت واهمٌ للأسف، فالإخوان لا زالوا يثبتون يومًا بعد آخر مدى نهمهم غير المحدود للسلطة، وانتهازيتهم للانقلاب على المبادئ في سبيل تحقيق مصالحهم الشخصية الضيقة، تحت مسمى «الحرية»، وهي رسالة كاذبة ومضللة للخارج قبل الداخل.

 

 

ما يجري الآن في بلادنا يؤسس لتغييرات جوهرية في شكل مجتمعنا والدولة أيضًا، كما سيؤثر على شكل ومضمون الدستور الجديد. وهذا ما سيجعل مجتمعنا المصري يقع في هوة عميقة، وحوادث القتل والإقصاء والإحلال التي تجري الآن في مصر ستكون إحدى علامات المرحلة المقبلة تحت مسميات عدة، وعن طريق القضاء تارة، والتهديد تارة أخرى، والقتل تارة ثالثة. لا أنكر أن هذا كان يحدث قبل ثورتنا المجيدة، عندما لم تكن السلطة في أيديهم، فما بالنا الآن وهم يملكون زمامها، ويسيطرون عليها؟!.

شارك بتعليقك