انتهت أول 100 يوم من فترة حكم الرئيس محمد مرسي، الذي خرج وهو مرشح على منصب رأس السلطة في مصر، فاتحًا صدره واعدًا الناخبين بأنهار من الكلمات التي تدغدغ المشاعر، وتحمل لهم بشرى حل مشكلات الوقود والنظافة والخبز والمرور والأمن.
ودارت معركة الانتخابات وخرج مرسي فائزًا جالسًا على الكرسي الأول في مصر، وانتظر الناخبون الذين أيدوه واختاروه عن اقتناع أن تظهر قدراته في حل ما لا يحل، وتحقيق «مشروع النهضة»، الذي سيجعل مصر جنة الله على الأرض، من كثرة ما قيل عنه وقت دعاية الانتخابات الرئاسية.
ونجح الرئيس مرسي في اتخاذ قرار كان الجميع يريدونه، أو بالأحرى الذين يؤيدون إقامة دولة مصرية «لا عسكرية ولا دينية»، حيث أزاح المجلس العسكري بسلطاته التي اتجهت لعالم السياسية فتسببت في كثير من حالة «العك» التي نشهدها حتى الآن، فبدلاً من بناء الدولة عبر «الدستور أولاً»، اتجهنا إلى لعبة انتخابية برلمانية، وسبقها استفتاء قائم على التصويت بصك «الحلال والحرام»، فكلمة «نعم» تجري بك إلى الجنة يوم 19 مارس 2011، أما النار والعياذ بالله فهي عند اختيارك «لا».
أزاح الرئيس مرسي المجلس العسكري من على رأس السلطة السياسية في قرارات «12 أغسطس» الشهيرة، وهو الإنجاز الذي يمكن أن ندركه من وجهة نظري المتواضعة، خلال أول 100 يوم له.
أما بالنسبة لما وعد به في الأمن والمرور والوقود والخبز والنظافة، فلم نشهد منه سوى ما أشار إليه موقع «مرسي ميتر»، الذي يتولى مراقبة أداء الرئيس وقياس ما حققه من إنجازات وعد هو بها.
فنجح الرئيس في «إزالة كافة إشغالات الطرق»، وفقا لـ«مرسي ميتر»، وأخفق في 20 وعدًا من وعوده فيما يتعلق بملف «المرور»، بينما هناك سعي لتنفيذ 3 وعود أخرى، وتتمثل في «إلغاء اشغالات محطات المترو، وتوفير مواقف جيدة بجوار المحطات، لتيسير استخدام المترو لمالكي السيارات»، فضلا عن «تقديم حوافز ومكافأت لرجال المرور فى الأماكن التى تستحق سيولة مروية»، وبالفعل تم تكريم شرطي المرور المساعد محمد سيد قطب، في الفيوم، لقيامه بأداء عمله فى تنظيم المرور وقت الذروة.
ولم تخرج أي مكافأة لرجال المرور بعد ذلك، ولا أحد يدري إذا كان ذلك لغياب الكفاءة، أم لأن الأموال المخصصة للمكافآت غير موجودة في الأصل، والله أعلم، وخد بالك من الصدف فالمجند جزء من اسمه يحمل لقب «سيد قطب»، وبالنسبة للوعد الثالث المقرر تنفيذه فيتمثل في «العمل بأنظمة المرور الحديثة، والتي تشمل إشارات مرور أوتوماتيكية وكاميرات خاصة».
وقدم الرئيس مرسي 5 وعود في ملف «الوقود»، فحقق منها وعدًا يتيمًا يتمثل في « تنفيذ عقوبات رادعة لمهربي الوقود والمتعاونين معهم»، ورغم ذلك لا تزال الأزمة مشتعلة إما لغياب الموارد أو لغياب الرقابة والضمير، فيما لا يزال العمل جاريًا على «إيصال أنابيب البوتاجاز للمواطنين في بيوتهم بالتنسيق بين الجمعيات الأهلية والتموين والمحافظة».
أما الملف الأمني فتم «منح حوافز وترقيات ومكافآت لرجال الشرطة، مرتبطة باستعادة الأمن في مناطق عملهم»، وبقى 16 وعدًا في ذمة الله، وجاري العمل على تنفيذ 7 منهم.
ونأتي لرغيف الخبز الذي لا غنى عنه على مائدة البسطاء والغلابة الذين يعتمدون على الدعم، فيأخذ الرئيس مرسي «صفرًا» وكحكة حمراء لو كانت في شهادة مدرسية، فلم يتحقق أي وعد، وجاري العمل على 6 من أصل 13 وعدًا، والبركة في «النهضة» وعقبال ما تخلينا نفرح ونهلل بحق وحقيقي بدلاً من التهليل الزائف الذي يصنع «الفرعون» من الحاكم.
وفي النظافة شهدنا «حملات توعية إعلامية»، وخطب في صلاة الجمعة تحث على النظافة، بينما تبقت 7 وعود أخرى جاري العمل على تنفيذها، وبالتالي وفقًا لكشف حساب «مرسي ميتر»، نجد أن رئيسنا «ابن الإخوان المسلمين»، كما يعتز بذلك الانتماء، قد نفذ 4 وعود من اصل 64 وعدًا، بينما جاري تنفيذ 24 وعدًا منهم، وهناك حالة رضا لدى 42% من المصريين، بما تم وأنجزه الرئيس مرسي، وفي المقابل يعكف موقع «مرسي ميتر» على إعداد تقرير يلخص فيه ما وعد به الرئيس ونفذه.
محمد مرسي الذي اختير من مكتب إرشاد جماعة الإخوان المسلمين، لكي يترشح في الانتخابات الرئاسية، لا بديل أمامه سوى مصارحة الشعب بحقائق وأرقام بخصوص وعوده التي ذكرها في لحظة تجلي أمام الناخبين، فأخذته الجلالة بطرح وعود معسولة لم يتحقق منها الكثير بل وبالبلدي أصبحت بلغة التجار «مضروبة»، وكان عليه أن يتكلم بتخطيط لا بكلام انتخابات «لا يودي ولا يجيب»، لأننا نعلم جيدًا استلامه لـ«تركة خربة» لكنه أحب توريط نفسه، رغم أنه لو أبلغ الشعب بما هو متاح ويمكن فعله، سيقفون بجواره حتى تتحقق «النهضة» بحق وحقيقي.
وتحدث الرئيس مرسي في خطاب «ستاد القاهرة» وهو يحتفل بانتصارات أكتوبر عن أمور الأمن والنظافة والوقود والخبز والمرور، لكنه لم يُجب عن سبب عدم تحقيق وعوده بشكل كامل، ولم يضع رؤية وخطة واضحة لما يمكن فعله.
مصارحة الشعب هي الحل، بعيدًا عن خطب المساجد التي لها كل الاحترام والتقدير، كما أن مخاطبة العقل بالحجة أفضل من مخاطبته بـ«مشروع النهضة» الذي لم تتحدد ملامحه بعد، بل أصبح العبد لله يعرف بشكل مؤكد أن «النهضة» هي المدرسة التي درس فيها في المرحلة الإعدادية، لكنه لا يعرف هل «النهضة» مشروع حقيقي أم مجرد «فنكوش»؟!