دينا عسل تكتب: وليكن الطوفان - منبر الشروق - بوابة الشروق
الأربعاء 8 مايو 2024 9:05 ص القاهرة القاهرة 24°

دينا عسل تكتب: وليكن الطوفان

نشر فى : الخميس 14 مارس 2013 - 1:15 ص | آخر تحديث : الخميس 14 مارس 2013 - 1:15 ص
دينا عسل
دينا عسل

يبدو أن شعار المرحلة الآن هو "الشعب يريد مصر"، وذلك في ظل وضع عام في منتهى السوء، وإدارة في منتهى الانحدار. وأصبحت هناك رغبة لدى البعض في الاستحواذ على مصر بدون وعي ولا إدراك، وهو ما أدى إلى حالة التشتت والتمزق، خاصة بعدما أصبح الدين –للأسف- سلاح في يد من يرغب التلاعب بعقول الجماهير وتضليلها، وذلك بالطبع بعدما تم استخدامه كحيلة للوصول إلى الحكم.

 

ولكن مع أشد الأسى والأسف الكل يشعر بخيبة الأمل وفقدان الثقة، والبلد بكامل شعبها تعاني من الأوجاع والآلام والمعاناة على كل الأصعدة، وذلك هو ما دفع بعض المصريين ممن شعروا بالإحباط بأن يقوموا بعمل توكيلات للجيش بإدارة شئون البلاد، خاصة وأن الرئيس رغم فشل الحكومة التي تسببت فيما نحن فيه الآن إلا أنه لا يريد أن يتنازل عن فرد فيها.

 

والأنكى من كل هذا هو أن بعض المسئولين يصـرون على صـم آذانـهم وغـمض أعينهم عن الأحداث الجارية وعن المهازل التي يشهدها الشارع المصري، في حين يخرج البعض الآخر بتصريحات تستفز الناس ليأتي قرار النائب العام الذي يثير العجب بمنح الضبطية القضائية للمواطنين، أي إعطاء الحق في قبض الأشخاص لبعضهم البعض، وذلك بعد الاعتصامات التي قام بها رجال الشرطة، فهل يجوز في ظل وجود أجواء مشحونة بالغضب والاحتقان والحديث عن وجود ميليشيات وفي ظل الانفلات الأمني يتم صدور قرار مثل هذا يساعد على بث الفوضي ويُطلق الحبل على الغارب.. وليكن الطوفان.

 

يقال إن الضبطية القضائية للمواطنين هي ضد البلطجية والمخربين، ولكن هناك لبس كبير الآن في مصطلح "بلطجي" أو "مخرب"، خاصة وأن كل ما لحق بالبلد تم نسبه إلى بلطجية ومخربين، فهناك من يرى أن من يدعو للعصيان المدني بلطجي لأنه يعطل المصالح ويضر بالاقتصاد، وهناك من يرى أن من يقوم بالتظاهر السلمي مخرب لأنه يهدد الاستقرار، ولكن هل لدى الشعب الآن الثقافة والسلوك التي تؤهله أن يتعامل مع الجاني -إن صح التعبير- بأن يسلمه إلى أقرب رجل من رجال السلطة العامة دون احتياج إلى أمر بضبطه بنص القانون؟

 

وهل إذا كان هناك سلطة عامة كان هذا هو الوضع الأمني، وكانت هناك حاجة لمنح الضبطية القضائية للمواطنين.. فهذا يذكرنا بما حدث من اعتداءات عند الاتحادية، حيث قامت مجموعة من الأشخاص بضرب المعتصمين هناك والتحقيق معهم على مرأى ومسمع الجميع دون إعطائهم وقتها حق في الضبطية القضائية، فما بالك لو كان لديهم الحق في ذلك وقتها! ويبقى السؤال هنا.. أين دولة القانون من هذا القانون الذي يعمل على زيادة الفوضى ويسكب الزيت على النار؟

 

يبدو أن الغرض الحقيقي وراء الضبطية القضائية هو إسقاط المعارضة، وتمكين الميلشيات من القبض على الثوار وشباب الأحزاب الثورية لندخل مرحلة اللادولة واللاحكم، ولكن متى ستتحقق آمال الأمة في الاستقلال والكرامة وسيادة القانون؟!

نرجو من كل من له آذان أن يسمع وينصت جيدا للشعب الذي فاض به الكيل، وكل من له عيون أن يرى الشهداء الذين يسقطون كل يوم وتُشيع جنائزهم، وكل من لديه إحساس أن يشعر بأن الوطن غالي ولا يستحق منه ذلك، وعلى كل من لديه عقل أن يفكر مليا ويراجع أموره ويقرر.. قبل فوات الأوان.

شارك بتعليقك