دينا عسل تكتب: رئيسة مصر - منبر الشروق - بوابة الشروق
الثلاثاء 7 مايو 2024 4:34 ص القاهرة القاهرة 24°

دينا عسل تكتب: رئيسة مصر

نشر فى : الأحد 14 أبريل 2013 - 10:40 م | آخر تحديث : الأحد 14 أبريل 2013 - 10:40 م
دينا عسل
دينا عسل

برغم أن المرأة أصبحت هي العنصر المسيطر على كل مناحي الحياة إلا أن يكون لمصر رئيسة هو شئ أقرب من الخيال أكثر منه إلى الواقع خاصة في ظل هذه الأيام، فبعد ثورة 25 يناير كنا نحلم بتغيير المستقبل، إلا أننا وجدنا التغيير يسير في اتجاه الماضي الأكثر تزمتا وعنصرية؛ فوجدنا أنه بعد أن حققت المرأة المصرية بعض المكاسب على مر الزمن بداية من الحصول على حقها في التعليم، ثم ممارستها للأعمال والوظائف التي انتهت بعملها بالقضاء والوزارة، وأثبتت تفوقها، كما أصبح هناك مجموعة من القوانين التي تنصف المرأة إلا أن هذه المكاسب أصبحت مهددة بوصول تيار دكتاتوري منغلق الفكر إلى الحكم.

 

ولأن المرأة لعبت دورا في الثورة ولا يستطيع أحد إنكار هذا الدور إلا أنه - للأسف - تم تنظيم عمليات عنف ممنهج وتحرش لا أخلاقي لإرهاب المتظاهرات وإبعادهن عن ممارسة حقوقهن السياسية، إلى جانب شن هجوما شرسا عليهن باسم الدين واتهامهن بسوء الأخلاق وبأنهم صليبيات، ولكن الدين براء من تجار الدين الذين يريدون إباحة الأعرض وتطبيق حد الحرابة على المعارضين، لذا فإن لم يقف المجتمع بأكمله مدافعا عن الحرية وتحديدا حرية المرأة فسنعود إلى عصور الظلام والسبايا لأن هذا هو ما يسعون لتحقيقه حتى تخرج أجيال تجهل معنى الحرية وترضى بالواقع المفروض.

 

وكما كل الدكتاتوريات كان لابد من إخضاع المرأة ونزع حقوقها وفق القانون الذي ينتجه الدكتاتور وأتباعه، لذا تم إلغاء مادة مساواة المرأة من الدستور بعد الخلاف على عبارة بما لا يخالف "الشريعة الإسلامية". وفي محاولة لإبعاد المرأة عن الحياة السياسية جاء قانون مجلس النواب بأن تتضمن كل قائمة في الانتخابات البرلمانية مرشحة واحدة على الأقل من النساء دون الاشتراط بتحديد وجودها في القائمة سواء في النصف أو الثلث، على اعتبار أنه ذلك هو منّ أو فضل منهم بدلا من أن يتم استقصائها نهائيا، لكنها في حقيقة الأمر أولى خطوات الاستقصاء.

 

يؤسفني جدا أن يحدث هذا في مصر الآن بعدما ظننا أننا على أعتاب صفحة سياسية جديدة؛ فرغم جدارة المرأة في المجال السياسي إلا أنها لم تقف بندية أمام أي مرشح آخر ليفاضل الناس بينها وبين الرجل وفقا للجدارة والقدرة على خدمة الشعب وتحقيق المطالب وتنفيذ الوعود. ولا أعرف إذا رشحت امرأة نفسها للانتخابات الرئاسية في مصر فهل سيعتبر المجتمع من الرجال والنساء أن كونها امرأة هذا يكون سبب مقنع لعدم أهليتها بالمنصب؟!

 

على الرغم من أنه كان هناك نماذج من التاريخ حكمت فيه المرأة إلا أن رغم نجاحها كانت تلقى معارضة؛ فمثلا شجرة الدر التي تولت عرش مصر بعد وفاة زوجها الصالح أيوب بمبايعة من المماليك، على الرغم من أنها أبدت مهارة وحزم في إدارة شؤون الدولة ونجحت في تصفية الوجود الصليبي في البلاد إلا أن الظروف لم تكن مواتية لأن تستمر في الحكم طويلا لأنها لقيت معارضة شديدة داخل البلاد وخارجها، وخرج المصريون في مظاهرات غاضبة يستنكرون جلوس امرأة على عرش البلاد، وكتب الخليفة المستعصم آخر خليفة عباسي في بغداد: "إن كانت الرجال قد عدمت عندكم فأعلمونا حتى نسيّر إليكم رجلاً"، مع العلم أن هذا الخليفة فشل في التصدي للمغول في حين نجحت هي في هزيمة الصلبيين، وكانت نهايته هو ورجاله على أيدي المغول، وبالتالي كان موته نهاية للحكم العباسي في العراق. 

 

وهناك أيضا في مصر القديمة من حكمت على استحياء لكونها امرأة وهي الملكة حتشبسوت أحد أشهر الملكات في التاريخ، فرغم أن تميز حكم حتشبسوت بالسلام والازدهار، وبرغم قوة الجيش إلا أنها كانت تبذل أقصى ما في وسعها لتنمية العلاقات، وخاصة التجارية، مع دول الشرق القديم لمنع أية حروب معهم، ومع ذلك واجهت مشاكل مع الشعب حيث كان يرى أغلب الناس أنها امرأة ولا تستطيع حكم البلاد، وهو ما جعلها دائما تلبس وتتزين بملابس الرجال لإقناع الشعب بأنها تستطيع الحكم.

 

ولكن نحن الآن في القرن الواحد والعشرين، وكان من المفترض أن تصبح هذه العنصرية ضد المرأة لا وجود لها، خاصة وأننا نجد نماذج من النساء في العالم اللاتي لمعت أسماؤهن في عالم السياسة، سواء كحاكمات ورئيسات أو في منصب رئاسة الوزراء مثل تاتشر رئيسة الوزراء البريطانية، والمستشارة الألمانية أنجيلا ميركل، وغيرهن ممن أسسن مدارس سياسية خاصة بهن وأثبتن الجدارة والتفوق. وهناك مقولة قالتها مارجريت تاتشر "في السياسة عندما تحتاج إلى الكلام اسأل الرجال وعندما تحتاج إلى الأفعال فعليك بالنساء".

 

وعلى الرغم من الدور الذي لعبته المرأة في الثورة إلا أنها غابت نهائيا عن الانتخابات الرئاسية التي كانت مليئة بالصراعات، كانت تبدو صراعات سياسية إلا أنها في الأساس صراعات اجتماعية وفكرية وثقافية، ولكن بشغل المرأة منصب الرئيسة في مصر سيكون هذا بمثابة نقطة ربح جديدة نعلن من خلالها وفاة هذا الفكر الذي ينظر للمرأة بنظرة عنصرية لا تستحقها. 

شارك بتعليقك