مصطفى الأسواني يكتب: إلى الرئيس.. «لا تستكبروا عندما يحاسبكم الشعب» - منبر الشروق - بوابة الشروق
الخميس 7 نوفمبر 2024 7:32 م القاهرة القاهرة 24°

مصطفى الأسواني يكتب: إلى الرئيس.. «لا تستكبروا عندما يحاسبكم الشعب»

نشر فى : الأحد 14 أكتوبر 2012 - 11:50 م | آخر تحديث : الأحد 14 أكتوبر 2012 - 11:50 م
مصطفى الأسواني
مصطفى الأسواني

بعد انتهاء المائة يوم الأولى في عهد الرئيس الإخواني محمد مرسي، والتي وعد خلالها بإيجاد حلول سريعة للمواطن فيما يتعلق بالإصلاح الاقتصادي، والعمل على عودة الأمن والاستقرار والنظافة والمرور وتحسين موارد الطاقة، نجد أن الرئيس لم يحقق سوى القليل مما وعد، وما أعلن عنه من أرقام لا حقيقة لوجوده على أرض الواقع.

 

 

ومن المؤكد أن برنامج المائة يوم لم يكن إلا دعاية انتخابية للرئيس مرسي، وهو الذي وعد به ثم أخلف وعده في ذكرى انتصار أكتوبر المجيدة، حيث يتأكد لنا كل يوم أن الرئيس مرسي رئيسًا لجماعة الإخوان المسلمين فقط، تلك الجماعة التي تستغل قلة وعي قطاعات كبيرة من الشعب بالترويج لهذا البرنامج «الفشنك».

 

 

وبالرغم من اعتراف مرسي في خطابه، بأن ما تحقق غير كافٍ، ولكن تم إنجاز أهداف بمعايير مهنية بنسبة 70 في المائة، إلا أننا لا نجد في حديث الرئيس أي معايير واضحة، فالحسابات التي قدمها كلها عشوائية، خاصة أنها لم تنسب لمصدر، كما أن كل الأرقام التي ذكرها غير صحيحة في ظل تفاقم أزمة السولار وعدم استقرار الأمن، وتركه لأزمة المرور والتحدث عن تحرير المخالفات فقط، وهذا ما لم يقنع الشارع المصري الذي انقسم حيال برنامج الرئيس.

 

*****

 

الخطاب الذي ألقاه مرسي في إستاد القاهرة بحضور الآلاف من أعضاء جماعته الأم التي خرج من بين صفوفها، بمثابة كشف حساب قدمه عن المائة يوم الأولى من حكمه، نجده مليئًا بالمغالطات، ويجسد الوجه الآخر للرئيس المخلوع حسني مبارك، إذ ذكر الإنجازات بالأرقام مع أنه لم يتحقق منها شيء أو على الأقل لم يشعر المواطن بها، حيث لم يتحدث عن آليات محددة لعلاج المشكلات التي نواجهها، كما أن هناك فجوة كبيرة بين ما تحدث عنه من إنجازات وما نواجهه من مصاعب في حياتنا اليومية، ونحن بحاجة لمزيد من الإيضاح بشأن إستراتيجية أو آلية عمل الخطة؛ لأن الأرقام التي ساقها الرئيس تبدو مبهمة.

 

 

وإن قراءة المواطنين لخطة المائة يوم لم تكن صحيحة، ومن أطلق هذا البرنامج أحاطه بدعاية كاذبة مخادعة، إذ كان يجب على مرسي عند التحدث عن الأمن، أن يتطرق لإنجازات حقيقية؛ مثل انخفاض الجريمة والمخدرات، وهي أمور أصبحت في تزايد.

 

 

وللعلم فإن من يقرأ مشروع النهضة يجب أن يعلم أن من أطلقه لن يستطيع تنفيذه؛ فالحزب الحاكم والرئيس استغلوا جهل وعدم وعي قطاعات كبيرة من المواطنين، بأن وعدوهم بما لا يستطيعون تنفيذه، إذ يحتاج مشروع النهضة لميزانية كبيرة في بلد اقتصاده متردٍ.

 

*****

 

ونلاحظ أيضًا، أن مرسي في خطابه حاول وقف الانتقادات الموجهة له بتشديده على إنجازه في تعزيز الأمن في البلاد، وعودة الداخلية لعملها، غير أن الوضع الأمني في سيناء بعهد الرئيس وحكم الإخوان أصبح أكثر ترديًا، كما أن الغرض من الإفراج المتوالي عن المعتقلين هو إلهاء الناس عن محاسبته، كما أنها محاولة يمكن أن تعود بالسلب على الأمن القومي بالإفراج عن أشخاص تم اعتقالهم نتيجة أحكام وتحقيقات وأدلة.

 

 

كما أنني أشفق على الرئيس، الذي ظلم نفسه بتعهده بحل مشاكل ثلاثين سنة للوطن خلال تلك الفترة القصيرة، فربما لم يكن قارئًا جيدًا للحالة. كذلك فإنه خصص نحو 40 في المائة من وقته للسفر للخارج، رغم أن برنامج المائة يوم ومشروع النهضة يركزان في أغلبهما على الشأن الداخلي، فضلاً عن حكومته التي لم تثبت جدارتها حتى اليوم، لاسيما وأن سياستها المتبعة حاليًا لا تختلف كثيرًا عن النظام السابق.

 

*****

 

من ناحية أخرى، فإن أبرز تحديات المائة يوم الأولى موجودة بشكل رئيسي في المؤسسات الاقتصادية والعمل على تحسينها، ووقف تراجع الاحتياطي النقدي؛ فالحكومة تعمل على تنمية الموارد لتمويل الدين العام للدولة، غير أنه رغم محاولات التماسك بالمؤسسات الاقتصادية على مستوى التضخم أو تحسن الموارد بالعملة الأجنبية أو الارتفاع النسبي في حركة السياحة، فإنه حتى الآن تفتقد الدولة للخطط الاقتصادية، ووضع برنامج زمني قصير ومتوسط الأجل بأولويات الإصلاح الاقتصادي.

 

 

ومما يعمل على تفاقم الأزمة، غياب المستشارين الاقتصاديين عن الفريق الرئاسي، وعدم خلق توافق وطني حول موعد وبرنامج عمل الحكومة اقتصاديًا، خاصة في بعض الملفات الشائكة مثل الدعم وسعر الصرف والقروض الدولية والحد من البطالة والدين العام، وعجز ميزان المدفوعات وحوافز الاستثمار، ومشكلات العمالة ومنازعات مع المستثمرين الأجانب والعرب، وملف الطاقة والعلاقات الاقتصادية الدولية، وسياسة استهداف التضخم.

 

*****

 

في الختام، أخشى أن نشهد صناعة فرعون جديد، بما نجده من ممارسات وتصرفات لأبناء جماعة الرئيس وصمته عما بدر منهم، بينما كنا نتمنى أن ينتهز مرسي هذه الفرصة المتاحة أمامه لعقد مصالحة مجتمعية بين جميع الفصائل السياسية، ليقف الجميع بجواره عاملين لا مراقبين.

 

 

ومن الواجب علينا، أن ننبه الرئيس مرسي، ونذكره بأنه طالما عملتم على تقديم كشف حساب عن مجمل أدائكم للشعب بصفته مصدر السلطات، فلا تستكبروا عندما يحاسبكم الشعب.

شارك بتعليقك