طه يوسف يكتب: أيها الإسلاميون.. كفاكم عنصرية - منبر الشروق - بوابة الشروق
الأربعاء 2 أكتوبر 2024 3:36 ص القاهرة القاهرة 24°

طه يوسف يكتب: أيها الإسلاميون.. كفاكم عنصرية

نشر فى : الثلاثاء 16 أبريل 2013 - 9:30 م | آخر تحديث : الثلاثاء 16 أبريل 2013 - 9:30 م
أيها الإسلاميون.. كفاكم عنصرية
أيها الإسلاميون.. كفاكم عنصرية

الجدل الدائر داخل التيارات الإسلامية المصرية، وحالة التوهان التي تعيشها الرئاسة -التي خلعت يدها من كل شئ يخص الدولة-، والهجوم الواسع الممنهج من هذه التيارات على إيران، وبالأخص الشيعة، ورفضها المستفز وغير المبرر لهم وعدم قبولهم كسياح، يجعلنى أؤكد جازماً أن ثمة خلل ما في كوامن نفوس هؤلاء المدعين الكاذبين الذين لا يريدون لهذا الوطن النهوض من محنته وعلته التي تزيد يوماً بعد يوم بوجودهم وكأنهم أوصياء على الإسلام ويخشون عليه من المحو والضياع، لمجرد أن مختلفين معهم في الديانات والعقائد سمعوا أن هناك دولة اسمها مصر بها آثار وحضارة لا مثيل لها بالعالم فعقدوا العزم على القدوم من كل حدب وصوب ليستمتعوا بها.

 

إن التيارت الإسلامية في مصر بأفعالها لا تعي شيئاً عن  واقعنا المعاصر، وتعيش في عصور ماتت وعفى عليها الزمن، ولا تعلم أن الله ليس بحاجة لأحد ليدافع عن الإسلام وليس بحاجة لأحد أيضاً  ليدافع عن نبي، الهدى فقد تكفل بذلك رب العزة. فلقد وصل الإسلاميون في مصر إلى مرحلة من التفاهة والانحطاط العقلي التي تجعلهم يعتقدون أنهم أصحاب الأرض دون غيرهم، وأنها خُلقت لهم، ومن يريد العيش فيها عليه اتباع ملتهم والسير على خطاهم ومنهجهم، ودائماً ما يصنفون الناس على حسب دينهم ومعتقداهم -لا على إنسانيتهم- فهذا مسلم، وذاك كافر وجب قتله، بل وصلوا بفكرهم الأعمى إلى تكفير المسلم نفسه الذي يخالفهم، ووصفه بأنه يكره الإسلام ومصيره جهنم وبئس المصير، وكأن الله قد ملكهم التصرف في الجنة والنار!

 

يتعامل هؤلاء بمبدأ الوطن الجماعة لا بمفهوم الوطن الأرض، فمفهوم الوطن لديهم لا يتخطى حدود الجماعة التي يحصروا أنفسهم بداخلها سواء إخوان مسلمين أو حتى جماعات سلفية أو جهادية، وكل من هم خارج هذه الجماعات المنغلقة يعتبرونه ضيف على الوطن سرعان ما يتخلصون منه بوضعه في خانة معاداة الدين، وبعد ذلك يتكفل العامة جُهال الدين والدنيا ممن ينساقون خلفهم بالباقي، فيكفي أن يقولوا لهم هذا لا يريد الإسلام.

 

وتركَز هجوم التيار الإسلامي في الآونة الأخيرة على الفئات السياحية التي تأتينا من الخارج ونحن في أمس الحاجة إليها لدعم الاقتصاد؛ فنراهم لا يتوقفون عن تفنيد وفرز من يأتينا سائحاً.. فهذا شيعي يسب الصحابة، وهذا يهودي يكره الإسلام، وهذا بوذي من عبدة الأوثان، ومن ثمّ لا يمكنهم دخول أراضينا المسلمة الطاهرة التي لا تعرف البغاء، وأصبح على السائح أن يفصح عن نيته ليدخل بلادنا الميمونة، وعندما نسألهم سبب ذلك يقولون نحن الأغلبية والحكم لنا!

 

لا دهشة في تخلف أمتنا المصرية منذ عصور الخلافة الزائلة وحتى الآن، والفروق الرهيبة بيننا وبين الأمم الأخرى، والتي تصل إلى آلاف السنين الضوئية، فنحن نعيش تحت وطأة أناس لم يسمعوا يوماً عن أعظم ما خلقه الله للإنسان وهو العقل، فقد قال المعتزلة (إذا تعارض النص الديني مع العقل فالواجب تقديم العقل على النقل)، والذي لا يريد أن يفهمه الإسلاميون في مصر أن السياحة صناعة تتطلب كل الأمان والراحة والرخاء والهدوء للسائح أياً كانت ملته، وإن كان مجيئه ليعبد الشمس على أراضينا فالسائح يأتي ليجد كل متطلباته متوفرة، وهو لا يأتينا لنخضعه لديننا وعاداتنا وتقاليدنا وقيمنا ومعاييرنا التي يجب أن ننساها في تعاملنا معه، فالسائح ليس مجبراً أن يأتى لمصر لأنه إن لم يجد كل ما ذكرته سيقولها بأعلى الصوت (بلاها مصر).

 

 إن النظرة الدونية من الإسلاميين تجاه كل من يخالفهم العقيدة والمذهب، وتكفيرهم دائماً والحط من مذاهبهم هي سبب بلاء المسلمين في شتى بقاع الأرض.. فإن كانت المسألة هي  الأقلية والأكثرية.. فلماذا نلوم إذاً على بورما التي يدين أكثر سكانها بالبوذية عندما يضطهدون المسلمين؟ ولماذا ندعو على دول مسيحية ترفض بناء مسجد أو ارتداء الحجاب؟ ولماذا نريد أن نسود العالم ونحن قلة مقارنة بالديانات الأخرى؟

 

بالطبع نرفض ممارسات العنف في كل مكان، لا إعلاء لدين على آخر، وإنما إعلاءً للحقوق الإنسانية التي يجب أن تكون شاغلنا دائماً. ويكفي أن نذكر ألمانيا كقدوة في احترام الإنسان أياً كان دينه؛ فينص دستورها على احترام جميع الأديان والمذاهب والمعتقدات، فهناك يقف المسلم في الشارع يوزع المصاحف كنوع من التعبير عن الإسلام، وإلى جانبه المسيحي والبوذي واليهودي واللا ديني كل يدعو لدينه دون أن يعترض عليهم أحد، أو تقبض عليهم السلطات بتهمة تهديد الدين والسلام الاجتماعي في ألمانيا، أو تتلقفهم جماعات تتهمهم بالكفر والمروق كما يحدث في بلادنا.. ومابين ألمانيا وأفكار الإسلاميين الجامدة "يا قلبي لا تحزن".

 

لماذا يخاف الإسلاميون من الوافدين المخالفين لهم في العقيدة والمذهب.. أهو ضعف أم اهتزاز عقائدي؟ إلى متى العنصرية التي يكتسي بها هؤلاء؟ وإلى متى اعتقادهم أنهم الأطهر والأنقى ولا مثيل لهم؟ ولله در سعد بن أبى وقاص عندما قال (والله لا أقاتل حتى تأتوني بسيف له عينان وشفتان فيقول هذا مؤمن وهذا كافر).

شارك بتعليقك