حسام فاضل حشيش يكتب: كامب ديفيد.. وسيناء التي رجعت ناقصة - منبر الشروق - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 6:17 م القاهرة

حسام فاضل حشيش يكتب: كامب ديفيد.. وسيناء التي رجعت ناقصة

نشر فى : السبت 18 أغسطس 2012 - 6:50 ص | آخر تحديث : السبت 18 أغسطس 2012 - 6:50 ص
حسام فاضل حشيش
حسام فاضل حشيش

دوما ستظل سيناء التي نسمع عنها ونجهلها رغم وطنية أهلها الثابتة في مواقف تاريخية كثيرة.. تاريخيا رفض أبناء سيناء عرضا مغريا بتوثيق ملكيتهم لأراضيهم مقابل تدويل قضية سيناء والتنازل عن هويتهم ومصرية أرض سيناء خلال مؤتمر الحسنة الشهيرعام 68، ورغم هذا لازالت الدراما المصرية تقدم المواطن السيناوي على أنه تاجر المخدرات ومهرب الأسلحة وهو المتعامل باستمرار مع الإسرائيليين، وهو الذي يرفض الانتماء لتراب هذا الوطن ولا يشعر بكونه ابن لهذا البلد.

 

 المواطن السيناوي ظل دائما رهن الاختبار والعقاب على مدى آلاف السنين.. ففي مصر الفرعونية نجد لوحة شهيرة يؤدب فيها الفرعون مصريا من سيناء بنعاله حيث أن سيناء كانت آنذاك المنفى للمجرمين الذين كانوا يعاقبون بقطع أنوفهم، ولذلك كان الاسم القديم لمدينة العريش "مدينة مجدوعي الأنوف" سيناء كانت أيضا ومازالت منطقة إقصاء لموظفي الدولة المغضوب عليهم الذين كانوا يرسلون إلى هناك عقابا وتنكيلا (ملف مشاهد من مأساة المواطن السيناوى.. الاشتراكى).

 

المواطن السيناوي لا يستطيع تملك أرضه في سيناء وإنما طبقا للقانون يكتفي بمجرد وضع يد أو حيازة دون تمكينه من تملك أرضه بحجة خطورة هذه المساحة من الأرض على الأمن القومى المصري .

 

تركنا سيناء مهملة ونسيناها ومع هذا فنحن نحاسبها.. تركناها مساحات شاسعة من الرمال وحينما تزرع الحكومة المصرية هناك شجرة واحدة تقيم الأفراح والليالي الملاح والأناشيد الوطنية والأغانى للمشروع القومى الذي سيغير شكل سيناء وحياة أبنائها، وسرعان ما يفشل المشروع أو لا يحقق ما كان يرجى منه فكأننا نحكم عليهم بالموت واستمرار فشل مشاريع التعمير على أرضها التى لا تنجب خيرا كما قد يتوهم بعضنا.

 

سيناء التي خضنا على رمالها معركة العبور المجيد، والتي روت دماء أبنائنا رمالها الصفراء حتى استرجعنا بعضها ثم بعضها الأخر ثم وقع الرئيس السادات اتفاقية "كامب ديفيد" - بتفاصيل أمريكية - والتي حولت سيناء إلى أرض محرمة على المصريين وعلى العسكرية المصرية، وبموجب ذات الاتفاقية فإن نصوصها لا تجيز لمصر أن تنشر قوات مسلحة مصرية على التراب سينا المصري من أجل حفظ أمن مصر وتأمين بوابتها التاريخية، ورغم هذا ظللنا نغني ونهلل وقلنا أن "مصر اليوم في عيد.. وسينا رجعت كاملة لينا.. وحقنا عاد لينا بالأصول" ولم يقل لنا أحد ما كيف عادت سيناء كاملة لنا ولم يشر أحد لمعنى اتفاقية "كامب ديفيد" ولا لنصوصها المجحفة لنا، ولا لوضع سيناء طبقا لهذه الاتفاقية التي استقال بسببها وزير الخارجية وقتها "محمد إبراهيم كامل" وهو رفيق عمر وصديق الرئيس السادات.. استقال عشية التوقيع على الاتفاقية بين مصر واسرائيل معترضا عليها وعلى نصوصها وعلى فكرة أن يلجأ المنتصر لاتفاقية تضعف من موقفه وتقلل من سيادته على أرضه، وبسبب "كامب ديفيد" أيضا قاطعت الدول العربية مصر وتم تجميد عضوية مصر في الجامعة العربية من عام 1979 إلى عام 1989 ونقل مقر الجامعة العربية من القاهرة لتونس.

 

الجميع سواء كان داخل مصر أو خارجها كان يصر وقتها على أن اتفاقية "كامب ديفيد" بمثابة تفريط مهين في منجزات نصر أكتوبر العظيم وما حققته العسكرية المصرية من انتصار رائع وغير مسبوق في التاريخ، وأن الاتفاقية تمثل إهدار للدماء المصرية الذكية, الجميع رفضها إلا الرئيس السادات ومعه إسرائيل تحت مباركة ورعاية أمريكا.. فما هي تفاصيل هذه الاتفاقية بكل بساطة ووضع سيناء من خلال بنود اتفاقية "كامب ديفيد"؟

 

"كامب ديفيد" منطقة تقع في أعالي جبال كاتوكتين بولاية ميريلاند الأمريكية، وهي المنتجع الرسمي لرؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، وعلى مدى 12يوما هي مدة محادثات السلام المصرية الإسرائيلية في عام 1978 أسفرت تلك المحادثات عن توقيع معاهدة كامب ديفيد التي كانت أول اتفاقية سلام بين إسرائيل ودولة عربية.

بموجب اتفاقية "كامب ديفيد" لا يحق لمصر إنشاء أو استعمال أية مطارات حربية أو مواني عسكرية داخل سيناء، كما أنه بموجبها تكون أربعة أخماس سيناء (تقريبا ما يقرب من مساحة سيناء كلها) مناطق منزوعة السلاح ولا يجوز لمصر وضع أو نشر جنود وأسلحة ثقيلة فيها مع الاكتفاء فقط بتسليح الجنود المصريين في هذه المناطق بالأسلحة الخفيفة فقط أي أن القوات المسلحة المصرية لا يجوز لها أن تتواجد في هذه المساحة الشاسعة التي تمثل أربعة أخماس مساحة سيناء.

 

كما أنه بموجب اتفاقية كامب ديفيد تنتشر قوات طواريء دولية لمسافة 20 كم من البحر المتوسط شمالا ومنطقة شرم الشيخ وذلك لأعمال التفتيش والمراقبة لعدم قيام مصر بنشر أية قوات مسلحة أو تواجد أسلحة ثقيلة في سيناء أي أنها مراقبة على مصر داخل تراب مصر ودون النظر للقانون الدولي ومبدأ سيادة الدولة على أراضيها.. إلخ، ما ورد بهذه الاتفاقية المهينة إضافة إلى اتفاقية الكويز التي وقعت عليها مصر وفتحت أبواب سيناء للصهاينة للدخول لها كما يحلو لهم بحجج تتعلق بالتجارة والسياحة وخلافه.

 

إن سيناء تنتظر منا ألا نحاسبها بقسوة، وألا نلقي على أبنائها بسيل من الاتهامات الجاهزة، وأن ننظر لمطالبهم المشروعة، وألا نغفل عدوا لا ينام ويتربص كل لحظة بهذه البقعة الغالية وأن توافق الحكومة على استحداث وزارة خاصة لشئون سيناء،  وأن ندعو لها أن يحفظ ترابها ربي وأن يحفظ تراب مصر كله.

شارك بتعليقك