محمود عبد الظاهر يكتب: الثورة بين جيلين - منبر الشروق - بوابة الشروق
الخميس 2 مايو 2024 3:20 ص القاهرة القاهرة 24°

محمود عبد الظاهر يكتب: الثورة بين جيلين

نشر فى : الأربعاء 20 فبراير 2013 - 1:25 ص | آخر تحديث : الأربعاء 20 فبراير 2013 - 1:25 ص
محمود عبد الظاهر
محمود عبد الظاهر

"الثورة مش حكر

لا ملكك ولا ملكي

ملك اللي يومها سند صدره على السونكي

واللي الرصاصة شالت عينه ولم يبكي"

عبدالرحمن الأبنودي

 

أحبطني كثيرا ما لمسته في كتابات بعض الكتاب المحترمين في تحليلهم للأحداث الأخيرة من اتهام لهذا الجيل -الذي أشرف بالانتماء إليه- بإدمان الاحتجاج، وإدمان الثورة ضد أي شيء وأي شخص في السلطة، وتمادوا في وصف خطورة هذا الجيل على الوطن والسلم الاجتماعي. ولولا أني أعرف تاريخ هؤلاء الكتاب جيدا وأنهم يكتبون من منابر إعلامية مشهود لها بالنزاهة لحسبتهم قد انضموا إلى دوقة الكتاب إياها التي أدمنت الانبطاح لأي سلطة كانت.

 

انتبهت إلى أن والدي وأصدقاءه لهم نفس الفكر تقريبا، إذن هي ليست آراء فردية، بل هي نظرة جيل كامل نشأ وترعرع في أحضان الأنظمة القمعية التي توالت على حكم مصر لهذا الجيل الذي أشعل هذه الثورة, صحيح أن بعضهم نزل بالفعل وشارك في المسيرات التي جابت شوارع المحروسة طوال الثمانية عشر يوما الأولى للثورة، والبعض الآخر اكتفى بالتفاؤل الحذر والدعاء، ورغم ذلك لا يستطيعون فَهم تصرفات هذا الجيل، أو يفهمونها على أنها (قلة أدب وقلة تربية).

 

ولهم أقول: إننا حين نزلنا إلى الشوارع والميادين يوم 25 يناير غيرنا النظام السابق وتغيرنا معه.. جيلنا دليل دامغ على أن التغيير تجربة تبادلية، أنت حين تغير شيئا ما في واقعك فإن شيئا يتغير فيك أنت بالمقابل، ونحن غيرنا نظام فاسد فاجر كتم على أنفاسنا سنين طوال، وأصبحنا جميعا جيل ولد من جديد يوم 25 يناير.. من كان منا يرضى بأنصاف الحلول أصبح يرفضها الآن، ومن كان يفرح حين يحصل على جزء من حقه لن يرضى اليوم إلا بحقه كاملا غير منقوص.. لا تهاون أو تخاذل بعد اليوم.

 

كل من شارك في هذه الثورة من الشباب يدرك جيدا ما أتحدث عنه ويؤمن مثلما أؤمن أنه لا مساومة على حقوقنا بعد اليوم، ربما لأننا شعرنا بفداحة الثمن الذي دفعناه في هذه الثورة، فالجيل الذي يوجه إلينا اليوم سهام النقد والتجريح لم يرَ الأهوال التي رأيناها في محمد محمود، لم يجمع أشلاء أصدقاءه الملتصقة بأسفلت الشارع، ولم يلفظ رفاقهم أنفاسهم الأخيرة أمام أعينهم وهم يوصوهم بإكمال هذه الثورة للنهاية، فكيف تطالبوننا اليوم بأن نهدأ ونصبر!؟ أنصبر مثلما صبرتم أنتم على الطاغية وزبانيته ثلاثين عاما أخرى؟ إجابتنا هي: لا وألف لا.. أنتم آباءنا ولكم منا كل الاحترام والتقدير، ولكن ثورتنا ودونها الموت، ثورتنا ستكتمل الآن وليس غدا، وسنحصل على حقوقنا كاملة، لن نطلبها بل سننتزعها من كل من تسول له نفسه استعباد هذا الشعب من جديد.

 

لقد قتلوا أصدقاءنا، وطمسوا نور أعيننا، وتركوا لنا مصابين وعجزة، واتهمونا بالعمالة لكل دول العالم تقريبا إلا مصر، وصورونا على أننا منحلين وفسقة، وأخرجونا من الدين.. فماذا بقى لنا في رأيكم كي نخشى أن نفقده؟ لقد دفعنا الثمن مقدما أيها السادة دم وعرق.. فلماذا لا نطالب بثورة كاملة ووطن جديد لا نهان فيه ثمنا لما دفعناه؟

 

أجد ما نطلبه عادلا.. هو مطلب واضح وبسيط.. حقوقنا الآن وليس غدا، حقوقنا كاملة غير منقوصة أي شيء، دون ذلك لن نكف عن التظاهر والغضب والتمرد، ولن ينجح كائنا من كان في أن يكمم أفواهنا إلا بأن ترسلونا إلى نفس المكان الذي سبقنا إليه جيكا، والحسيني أبو ضيف، والشيخ عماد عفت، ومينا دانيال، وسالي زهران.

شارك بتعليقك