دينا عسل تكتب: العنف عنوان المرحلة - منبر الشروق - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 5:06 ص القاهرة القاهرة 24°

دينا عسل تكتب: العنف عنوان المرحلة

نشر فى : الجمعة 22 مارس 2013 - 1:25 ص | آخر تحديث : الجمعة 22 مارس 2013 - 1:25 ص
دينا عسل
دينا عسل

إن حالة الفوضى السائدة في المجتمع المصري الآن تكشف عجزا خطيرا في إدراك الحقائق والواقع الذي نعيشه الآن، لأن من هم في السلطة الآن يعادون شعبهم، ويجهلون على ما يبدو أنهم محكوم عليهم باحترام هذا الشعب الذي وثق بهم وأعطاهم الفرصة، على أمل أن يسود مناخ ديموقراطي حقيقي، ولنحيا معا على أرض وطن واحد نشعر فيه بالحرية التي كنا نفتقدها بالأمس، ولكن – للأسف - أفاق الجميع على واقع مؤلم، فبعدما كنا نفتقد الحرية أصبحنا الآن نفتقد الحرية والمحبة والإنسانية، خاصة بعد أن أخذ من فازوا في الانتخابات يتكلمون عن أمور واهية، تحت شعار ما يسمونه بـ"الشرعية"، ولا يقبلون من أحد أن يعارضهم أو يعارض قراراتهم، حتى وإن كانت فاشلة، كأنهم يتصورون أن هذه الانتخابات أتت بهم ليكونوا حكاما أبديين.

 

أصبح هم الحفاظ على السلطة هو أكبر هم بالنسبة لهم، وبالتالي ما يفعلونه للحفاظ على هذه السلطة دون وعي جعل المواطنين في مواجهة مع بعضهم البعض، خاصة وأنهم نجحوا بالفعل –وبجدارة- في شن الخصومة الطائفية، وتقسيم الوطن إلى مؤيدين ومعارضين.. نراهم الآن يواجه كل منهم الآخر في مشهد ضبابي لم نعتد رؤيته من قبل في مصر، والسبب في ذلك هو أن المؤيدين للنظام أو ما يسمون أنفسهم بالإسلاميين اتجهوا إلى استخدام العنف، وأخذ الأمور بالقوة، والقيام بتصرفات غير منضبطة دون مراعاة أي آداب دينية أو أخلاقية أو حتى إنسانية.

 

فبعد أن دعا عدد من فناني رسم الجرافيتي والنشطاء السياسيين إلى الاحتشاد والتجمع بمنطقة المقطم للقيام بعمل رسومات جيرافيتى ليعبرون من خلالها رفضهم للأوضاع الراهنة في البلاد، إذا بهم يُفاجئون بمجموعة من الشباب يقومون بالتعدي على الشباب والفتايات دون تمييز، وينزلون عليهم ضربا بالأيدي والأقدام والشوم والعصي والكراسي، ويبدو وكأنهم غوغاء تم إطلاقهم في وجه المعارضين، ولا يجوز استعمال تعبير آخر سوى أنهم مجموعة من "الغوغاء" يعادون محيطهم ويجهلون أنهم يعيشون مع مواطنين لهم نفس الحقوق في الوطن، وأنه ليس من المنطقي أن يكونوا في مواجهة معهم، ولم يكتفوا بالضرب بل قاموا بعدها بشن هجوما عليهم وتوجيه الإساءات لهم.

 

عندما يصل الأمر إلى أن يتم ضرب الفتيات وصفعهن على أيدي من يعتبرون أنفسهم "رجالا"، فهذا يؤكد أننا إزاء مرحلة صعبة تشير إلى استمرار مصر في انفلاتها وضياعها وانحدارها، وهذا دليل على أن ليس هناك من يقدر على الرد على الرسم بالرسم وعلى الشعار بالشعار، لكن على أي حال لابد من إدارك أن من يستخدم العنف لا مستقبل له في تلك البلاد، وأن على الجميع احترام الرأي. أي ما المانع أن نختلف في الرأي وتبقى الأخلاق العالية والفضيلة والنبل واحترام الآخر بما أننا جميعا مصريون؟!

 

لذا إذا لم يبادر أهل الحكم لإصلاح الوضع فإنهم لن يجدوا شيئا يمكن إنقاذه، فعليهم أن يدركوا جيدا أن الغوغاء لا يمكنهم أبدا بناء دولة، وأن معرفتهم بالواقع وأفعالهم المحترمة وإنجازاتهم الحقيقية التي يقدموها لمصر وأهلها هي التي ستكسبهم الشرعية التي لا طالما يحلمون بها، أما أخذ الأمور بالقوة واستخدام العنف فسيودي بالجميع إلى الهاوية.

شارك بتعليقك