نشأت النادي يكتب: الإسلاموفوبيا المحلية - منبر الشروق - بوابة الشروق
الخميس 9 مايو 2024 8:18 م القاهرة القاهرة 24°

نشأت النادي يكتب: الإسلاموفوبيا المحلية

نشر فى : الإثنين 22 أبريل 2013 - 10:10 م | آخر تحديث : الإثنين 22 أبريل 2013 - 10:10 م
أرشيفية
أرشيفية

في العصور الوسطى التي وصفت بعصور الجهل والتخلف والظلام للقارة الأوروبية العجوز، كانت الكنيسة هي المتحكم الرئيس في الدولة، وكانت أهواء رجال الدين وأحكامهم هي قانون الدولة ومنهجها الذي يسيطر على كافة مناحي الحياة، وكانت مظاهر الإقطاع والاستعباد وفرض الضرائب والظلم والجور من الحكام تعد حالة عامة ترضخ فيها كل شعوب المنطقة، المنطقة التي كانت تنعم بالحضارتين الرومانية واليونانية التي لم يتبق فيها أثر من آثار هذه الحضارات القديمة، لذلك فإن هروب الناس من مظاهر الاستغلال والاستبداد التي تولدت عن شكل وأسلوب هذا الحكم أدى إلى ظهور تحركات ثورية "الثورة الفرنسية" وظهرت حركات تحررية مناهضة لتلك الحقبة المريرة "العلمانية" التي أفرزت أنماط وأفكار جديدة للحياة.

 

على الجانب الآخر كانت أضواء العلم والحضارة تنير المشرق الإسلامي من سواحل المحيط الهندي شرقاً وحتى الأندلس غرباً، الأندلس التي كانت تشع نوراً وعلماً وحضارةً وإسلاماً يتندر منه أهل الغرب ويبسطوا أيديهم إليه لينالوا منه متحسرين على ما هم فيه من وضع بئيس.

 

عندما خرجت الثورات في أوروبا تمرداً على الأوضاع المذرية، انبثقت عن أفكار تحريرية تفصل الدين عن الدولة تخلصاً وتملصاً من ماضٍ أليم، ومع تطور الوضع الاقتصادي الأوروبي ودخول دول أوروبا عصر الثورة الصناعية سادت تلك الأفكار والأنماط المعيشية حتى أصبحت أسلوب حياة يعتاده أهل أوروبا، أما على الجانب الآخر فإن ضعف الدولة الإسلامية وانحسار دورها وتخلي أهل الحل والعقد فيها عن ثوابت الدين وأصول الشريعة وتخلي حكامها وولاتها عن الحكم بما أنزل الله، كل هذا أدى إلى انكماش وضعف وتفكك الدولة الإسلامية.

 

وكعادة البشر فإن الفضول والانبهار بالأفضل هو المحرك الذي يدفع الإنسان إلى التقليد، ولهذا فإن التأثير والتأثر هو دور تبادلي يُلعب بين متناقدين يؤثر فيه القوي على الضعيف، والحسن على السئ، والعالم على الجاهل، فقد أخذ العلمانيون من الإسلام علوم مادية ومعاملات أخلاقية بنوا عليها حضارتهم الجديدة وتركوا عبادات وشرائع ومناهج ربانية هي المسيطر والمنظم والمقنن لتلك الحضارة، ولذلك فإن العلمانية التي بنت الحضارة الأوربية الحديثة أثرت على جل سكان العالم الحديث مادياً وبهرتهم ظاهرياً بينما ظلت أرواحهم خاوية خربة باطنياً.

 

وعلى نفس الطريق سار جميع أتباع العلمانية في كل أسقاع العالم ومن بينهم العلمانيين المسلمين، الذين نحوا شريعة دينهم جانباً وفصلوا الدين عن الدولة، بل حاربوا رجال دينهم كما فعل معلموهم من قبل ونعتوهم بنعوت مخترعة فسموهم: الرجعيين، أو الراديكاليين، أو السلفيين، أو أصحاب الفكر المتحجر.. إلخ.

 

انتبهوا أيها العلمانيون فإن الإسلام دين ودولة، حضارة مادية وغذاء روحي، شرعة ومنهاجا، راية ورؤية، ومهما حاولتم تخويف الناس من الإسلام وشرعه بناءا على بعض تصرفات خاطئة من قلة من الإسلاميين قد تكون اجتهادا منهم أو سوء فهم فإن الدين دائما ما يقوّم أتباعه.

 

أيها العلمانيون إن الوتر الحساس الذي تدقون عليه وتريدون به تخويف أهل الإسلام أنفسهم الذين عاشوا حقبا مغيبين مضللين بعد فترات احتلال ونشر لعادات وقيم ليست منهم فتنشرون في المجتمع إشاعات قطع الأيادي والأرجل والجلد والرجم وكل أشكال العقاب التي تنفر الناس من دينهم، بل وتشجعهم على إفشاء المظاهر التي ولدوا فيها في حقب الاستعمار وطمس الهوية أقول لن تفلح كل هذه المحاولات عن رد الناس لفطرة الله التي فطر الناس عليها .

 

أيها العلمانيون بكل أشكالكم إن كل الذين تنعتون ممن يدعو إلى تطبيق مبادئ دينه وتحكيم شرعه بحكم ما أنزل الله بأنهم تجار دين فإنهم بلا شك كذلك لأن هذه بضاعتهم التي يفهمون فيها ولديهم فيها قراءة وخبرة، أما أنتم فبعدما ابتعدتم عن تلك البضاعة ولم تقلبها أيديكم ولم تعيها قلوبكم وأفهامكم فبلا شك وبكل تأكيد فإنكم تجار عرض زائل تبيعون السراب للواهمين لذلك فإنكم حقا تجار دنيا.

شارك بتعليقك