أجمعت القوى السياسية المنافسة لجماعة الإخوان المسلمين وحزبها السياسي أن الجماعة تسعى للهيمنة على مؤسسات الدولة، وأن تضع السلطات جميعا تحت قبضتها، وذلك تحت مسمى "أخونة الدولة"؛ فمنهم من قذف بذلك كرها في فصيل سياسي منافس ليس إلا، والبعض الآخر قذف بذلك معللا أسبابه واضحة؛ وهذا هو الفصيل الذي يعلي المصلحة الوطنية ويجعلها بمنأى عن أي وجهه حزبية.
وعندما ننظر لتلك المرحلة نرى أن هناك سوء تقدير مبالغ فيه في اختيار من يعتلون المناصب القيادية في الدولة حتى ممن لا ينتمون لجماعة الإخوان المسلمين، فالدولة الآن تقودها حكومة فاشلة في حل أزمات المرحلة، فهي لا تناسب مصر الثورة. فقط هي تحاول أن ترسي دعائمها بقروض تقوم بإهدارها في علاوات الموظفين، واستيراد السلع لتكفي استهلاك مواطنيها، واستمر مسلسل خداع المواطنين بمشروع أو برنامج للنهضة كان عبارة عن بنود تقليدية ليس لها أساس تفصيلي يمكن تطبيقه على أرض الواقع المؤلم اقتصاديا الذي تعيشه مصر، ويستمر الاتجاه المعاكس للانتفاضة، وهو الاتجاه إلى الإنفاق والاقتراض وتفاقم الديون ونذهب لنتسول من هذا وذاك.
هناك العديد من الأسئلة التي تطرح نفسها، وربما لدى البعض إجاباتها الواضحة، وتكمن في ماهية علاقة الرئيس مرسي بالجماعة؟ وما هو مدى تدخل الجماعة في إدارة شئون الدولة؟ إذا كنت متابعا جيدا لتلك الحقبة الرئاسية الجديدة فسترى أن هناك تلميحات وأراء مجردة تصدرها قيادات إخوانية ويعقبها قرارات من مؤسسة الرئاسة تؤكد تلك التلميحات، وعلى النقيض يأتي الرئيس بقرارات يغلب عليها الطابع الثوري ليلقى نصيبه من التأييد الشعبي، ثم نرى بعد ذلك أن كلامه هباءً منثورا لايسمن ولا يغني من جوع.
يجب على الشعب أن يعي أن تلبية مطالبه في العيش بكرامة وحرية وعدالة اجتماعية حق أصيل له لا يتسول من أجله أو ينحني ليقبل أيدي السلطة إذا كان لا يرضى أن يبقى في أخاديد الذل.
وعلى الرئيس ألا يفرح بحجم هذا التأييد، وأن يسعى لتنفيذ عهوده وقراراته وإعلاء قيمة القانون في دولة تسودها الفوضى، وأن يعيد النظر في من تولوا قيادة مؤسسات الدولة، وأن يسعى إلى التوافق مع كل الفصائل السياسية، يكفيه خجلا أن الحزب الذي كان يرأسه يعمل الآن على إقصاء الأحزاب الأخرى الناشئة عليه بالتوافق، فتلك النهضة تأتي بالاتحاد إذا كان يريد الإصلاح الحقيقي.
فمن يستحقون مناصبهم سواءً كانت في الحكومة أو الفريق الرئاسي قليلون، لهم منا الاحترام والتقدير فليوفقهم الله، ويجب على الرئيس أيضا ألا يشتتنا في الحكم عليه، فتارة يصيب وتارة يخطىء. فاستقم كما أمرت يرحمك الله.