محمد الفاروق يكتب: مصر ولادة - منبر الشروق - بوابة الشروق
السبت 14 سبتمبر 2024 7:42 ص القاهرة القاهرة 24°

محمد الفاروق يكتب: مصر ولادة

نشر فى : الجمعة 27 يوليه 2012 - 11:00 م | آخر تحديث : الجمعة 27 يوليه 2012 - 11:00 م
السيد الرئيس مصر أم الدنيا لأنها إلى أن يشاء الله ولادة ومليئة بالكفاءات والقامات
السيد الرئيس مصر أم الدنيا لأنها إلى أن يشاء الله ولادة ومليئة بالكفاءات والقامات

في صغري كنت أسمع جدتي وهي جالسة أمام "عشة الفراخ" فوق سطح منزلنا وهي تقول "الفرخة البيضة دي قطعت" كنت وقتها صغير السن، وكالعادة أسمع بعض المصطلحات العجيبة من جدتي ومن كل النساء اللاتي في سنها ولا أعقب عليها لعدم فهمي وإدراكي لها, ومع الوقت أدركت المخزى الحقيقي لمعظم هذه المصطلحات، وأدركت أيضا أن كل ما كان ينطق بِه أجدادنا لم يكن مُجرد مُصطلحات ريفية عَفوية, وإنما كل مُصطلح كان يحمل في مكنونه معاني وتأملات ورؤية واقعية ثاقبة بعدد ما تحتويه من حروف تخرج من رحم الواقع.

 

"الفرخة قطعت" مصطلح ريفي تستخدمه دائماً نساء الريف عندما لم تعد الفرخة قادرة على أن تبي , فهلاَ لي أن أستخدم نفس المصطلح وأقول: هل مصر "قطعت" ولم تعد قادرة علي أن تلدُ أشخاص جُدُد قادرون على تحمل المسئولية في الوقت الحرج الراهن!؟

 

هل كان اختيار الدكتور هشام قنديل يحتاج لكل هذا الوقت في التفكير من قِبل الرئيس ليتم تكليفه بتشكيل الحكومة؟

مع تقديري واحترامي الكامل لشخص الدكتور هشام قنديل ولقيمته العلمية والأدبية في مجاله وتخصصه إلا إنني يتبادر في ذهني الكثير من علامات الاستفهام لا تتعلق به كشخص بقدر ما تتعلق بالطريقة والأسلوب والمعايير التي بُني عليها هذا الاختيار وهذا بالطبع لا يقلل من قيمته.

 

علامات الاستفهام وربما التعجب التي تحوم في خاطري لا تحتاج سوى خروج القائم على الاختيار ببعض الكلمات القليلة والبسيطة يشرح فيها كيف ولماذا تم اختيار الدكتور هشام قنديل!؟ فكل هذا الوقت الذي استغرقه الرئيس في التفكير لا يتناسب مع الشخص الذي وقع عليه الاختيار، فهو شخصية معروفه إن لم يكن على مستوى الشارع فعلى الأقل على المستوى الحكومي، فهو وزير بالفعل في حكومة الدكتور الجنزوري, فلما إذن كل هذا الوقت؟ وعلى أي هدف أو معيار تم الاختيار؟ هل لأنه شخصية توافقية كما وعد الرئيس من قبل بأن يكون رئيس الوزراء شخصية توافقية بعيدة عن الإخوان؟! أم لأنه شخصية ذات قيمة علمية وكفاءة عملية عالية قادرة على تخطي هذه المرحلة الحرجة!؟

 

في الحقيقة وبعيداً عن هذا الاختيار فأنا مازلتُ لا أجد أي بوادر حقيقية للتغيير في السياسات المصرية والخاصة بطرق وأساليب الاختيار، فدائماً ما كانت تنحصر الاختيارات الوزارية في دائرة مغلقة, ودوماً ما كان  يستغرق هذا الكثير من الوقت مما يجعلنا نشعر بأن هناك تغيير ما, وأيضا كان يثار كل هذا الجدل قبل أي تغيير وزاري متوقع مما يجعل الجميع يحلم بشخصيات وقيادات جديدة غير تقليدية وفي الأخير نفاجأ بأنه لا تغيير, والسبب أنه لا هدف واضح نسعى إليه وبالتالي لا معايير موضوعية في الاختيار.

 

في القديم كانت المعايير تتلخص في أهل الثقة والولاء للنظام, وفي الحديث أظن وعَلي أكون مخطىء في ظني أن نفس المعيار مازال موجود, وأزيد عليه أن هناك ضغوطاً شعبية كبيرة أصبحت موجودة الآن لم يكن لها وجود في الماضي وبجانبها بعض الوعود التي قد قُطعت أثناء الحملة الانتخابية وجاء وقت الوفاء بها وهي تمثل نوعاً آخر من الضغط السياسي.

 

هذا الضغط الشعبي والسياسي لابد منه خاصة وإن كان يرمي إلى الصالح العام ويتم بموضوعية وإيجابية وليس لمجرد الضغط وأظن أنهما من الأسباب الرئيسية التي جعلت الرئيس يستغرق كل هذا الوقت (الضائع) في الاختيار وفي الشخص الذي وقع عليه التكليف, وهذا ما يجعلني أستشعر أن الاختيار جاء اضطرارياً ويشوبه شيئاً من الارتباك, فأغلب الظن أن الرئيس كان لديه تشكيل مسبق بالوزارة وهذا أمر طبيعي وإن لم يكن فهو إذن جاء بلا رؤية, ولكن التطورات الأخيرة وخاصة قبيل جولة الإعادة زادت من نسبة العهود والوعود السياسية ونحن نعلم أن إرضاء كل الناس غاية لا تدرك وفي النهاية من يريد ذلك لن يستطيع إرضاء أحد من الناس, وهذا ما قلب كل الأوراق وزاد الأمر تعقيداً وصعوبة عليه.

 

السيد الرئيس مصر أم الدنيا لأنها إلى أن يشاء الله ولادة ومليئة بالكفاءات والقامات العلمية والعملية والوطنية، وأبدا لن تختزل مرة أخرى في بلاط القصر وبطانته, كل ما هنالك أننا ينقُصنا وضع رؤية مستقبلية وهدف واضح نسعى إليه ومعايير اختيار تتناسب وطبيعة الهدف تأتي بالشخص المناسب في المكان والزمن المناسب وفي النهاية قيادة رشيدة, فإن كانت لديك القدرة على فعل ذلك فقط ضع هدفك ورؤيتك ومعهم معايير موضوعية وقم بطرحهم ستجد أمامك طوابير لا نهاية لها من القامات والهامات والكفاءات المصرية في كل المجالات الصغير منها قبل الكبير يستطيع تحمل المسئولية وتحقيق الهدف المنوط به تحقيقه لأنهم جاءوا بموضوعية لا بأهواء شخصية, ولا يعنينا في ذلك أي انتماءات سياسية ولا حزبية ولا عرقية ولا عقائدية ما يعنينا هو صالح هذا الوطن.

 

وبالرغم من كل ذلك إن كان لديكم فريق عمل ترى فيه القدرة والمقدرة على تحقيق ما قد رشحت نفسك من أجله فهلمَ بهِ وبكل صدق وشفافية واجه به الرأي العام غير عابئاً "بالقيل والقال" فالمسئولية أولا وأخيرا ملقاة على عاتقكم ولن يُحاسب إلا أنت, وإنني كما بدأت مقالي بكلمة لجدتي، والتي هي في الحقيقة كلمة لجدات كل المصريين، سأنهي المقال بكلمة أخرى لها فقد كانت تقول عندما يخطأ رب الأسرة "اللي يشيل الشيلة كبير العيلة".

شارك بتعليقك