تابعت مثل غيري إعلان السيد الرئيس عن فريقه الرئاسي, نعم هو فريق الرئيس محمد مرسي للرئاسة, فالرئيس هو من اختار مساعديه ومستشاريه وهو حق أصيل له, وهو أدرى منا جميعاً بأسباب اختيار كل فرد فيه, نحن فقط نمتلك الحق في إبداء الرأي والتعليق من وجهة نظرنا, فمن حق بلدنا علينا أن نقول رأينا بحرية تامة مثلما السيد الرئيس اختار مساعديه ومعاونيه بحرية, وقد تبع القرار ملاحظات كثيرة, ولكن أكثر ما لفت انتباهي هو المقارنة الظالمة بين أسلوب تكوين مؤسسة الرئاسة في مصر ومؤسسة الرئاسة في أمريكا لأن الوضع مختلف تماماً, فهناك نظام مستقر منذ عشرات السنين, والرئيس في أمريكا يختار مساعديه من بين مجموعة كبيرة من الخبرات بين مؤيديه, فالمتخصصون كثيرون في كل مكان ومجال, ولذا أمام رئيس أمريكا فرصة واسعة للاختيار ووضع الرجل المناسب في المكان المناسب له, والمفاضلة والاختيار بين أكثر من شخص لشغل نفس الموقع, ولا مانع لدى الرئيس من ضم منافسيه السابقين لانتخابه إلى فريقه الرئاسي ما دام في ذلك مصلحة للبلاد, فقد ضم الرئيس أوباما السيدة كلينتون إلى فريقه الرئاسي كوزيرة للخارجية، وهي كانت منافسته على ترشيح الحزب الديمقراطي للرئاسة.
لكن في مصر الوضع ليس بمثله في الولايات المتحدة, فتكوين مؤسسة الرئاسة في مصر كان إلى حد قريب سراً عسكرياً, ولذا نحن أمام تجربة وليدة لم نعتاد عليها, نعم هناك اختيارات ملفته للنظر بالنسبة لي, منها اختيار رئيس حزب النور ذو الفكر السلفي مساعداً للرئيس لشوؤن التواصل المجتمعي, رغم كم الاتهامات الموجهة للسلفيين ليل نهار عن كل حادثة تحدث في مصر سواء بدليل أو بدون دليل, مما يجعل اختياره لهذا التخصص مثير للدهشة نوعاً ما, لكن ربما ليكون له دور في المعركة التي بدأت ضد العنف والإرهاب بعد مأساة رفح الأخيرة, حقاً لا أعرف لكن بالتأكيد السيد الرئيس يعرف لماذا اختاره في هذا التخصص بذاته.
ومن الاختيارات المثيرة للتساؤل أيضاً تعيين الدكتور عصام الحداد مساعداً للسيد الرئيس لشوؤن العلاقات الخارجية, وشخصياً لا أعرف أي خبرات سابقة لسيادته في العمل الدبلوماسي, فعضويته في مكتب الإرشاد ليست مبرراً بالنسبة لي ليتم اختياره في هذا التخصص الحساس, وما قيل عن توليه ملف العلاقات الخارجية في تنظيم الإخوان ليس كافياً لتوليه هذا المنصب, لكن في النهاية هو شخص مقرب للرئيس ومدير حملته الانتخابية، وبالتأكيد وجد فيه الرئيس مرسي ما يدعوه لاختياره من وجهة نظره, وما لفت انتباهي أيضاً هو عدم التركيز على الشوؤن الاقتصادية في الفريق الرئاسي سواء المساعدين أو المستشارين، وهو الجانب الأهم من وجهة نظري, فلم يعد خافياً على أحد الوضع الاقتصادي السئ الذي نمر به, وهناك كوارث تحدث في بعض هيئاتنا الاقتصادية بعد الثورة دون محاسبة لأحد, وهناك حرب غير معلنة لهدم كل شئ لأسباب غير معروفة على الأقل بالنسبة لي، فعن نفسي أعرف عن قرب أحد الخبراء اقترح مشروع يوفر مئات الملايين من نفقات إحدى الهيئات الاقتصادية فتم التنكيل به كي يكون عبرة لغيره! ولم يتوقفوا عن ذلك إلا عندما أغلق فمه تماماً في واحدة من عجائب مصر ما بعد الثورة, وهذه حرب على مصر وليست حرب على نظام يحكم مصر, ولكن للأسف لا أحد يحاسب أحد, فالبلد تعيش في حالة من الفوضى, الكل مشغول إما بمدح الرئيس أو نقده, أو الحصول على نصيبه من كعكعة المناصب.
ولا أدعي أنني سعدت بكل الأسماء التي تم اختيارها في الفريق الرئاسي سواء مساعدين أو مستشارين, لكنني لا أنكر سعادتي أننا بدأنا فكرة بناء نظام أو مؤسسة اسمها مؤسسة الرئاسة المصرية, نعم هناك قصور واضح في تنوع الفريق الرئاسي وبخاصة الجانب الاقتصادى كما قلت, وهو شئ يمكن تداركه مستقبلاً, فمعظم الاختيارات يغلب عليها الطابع السياسي شبه التوافقي, ويجب علينا أن ندرك أن هذا الفريق هو فريق الرئيس محمد مري الذي فاز كمرشح لحزب الحرية والعدالة, ولذا فهم محسوبون على التوجه الفكري للرئيس سواء أعلنوا ذلك أو تجاهلوه, ولذا فأنا أحترم من وافق على الانضمام للفريق متفقاً مع توجهات الرئيس وأحترم أيضاً من رفض الانضمام للفريق لنفس السبب, وفي النهاية علينا أن ننتظر لنرى التجربة ونحاول قدر الإمكان النصح والتوجيه من أجل نجاحها من أجل مصر أولاً وأخيراً.