من حكومة إلى حكومة، ومن وزير قوى عاملة إلى آخر، ومن مشاكل لأزمات.. هكذا تنقل العمال المصريون وضاعت حقوقهم ومطالبهم فى عهد حكومات مؤقتة، لم تكن تسير على منوال ثابت، وجب بناء عليها تقديم كشف حساب للحكومات الممتالية المسئولة عن ملف العمال، بمناسبة احتفالهم بعيدهم للعام الثانى للثورة المصرية، التى خرجت تنادى «عيش.. حرية.. عدالة اجتماعية»، ولم تحصل عليها بعد.
وبدأ وزير القوى العاملة والهجرة السابق، أحمد حسن البرعى، بتقديم كشف حساب لنفسه أولا، لأنه الوزير الذى استمر فى الوزارة لمدة 10 شهور، منذ تولت حكومة عصام شرف، مجلس الوزراء من مارس حتى ديسمبر 2011، وكان قد سبقه فى الوزارة، القائم بأعمال اتحاد نقابات عمال مصر «الرسمى»، إسماعيل فهمى، لمدة 8 أيام فقط، ولحقه، الوزير الحالى، فتحى فكرى.
البرعى، لخص الخطوط العريضة التى سارت عليها حكومة عصام شرف فيما يتعلق بملف العمال، بأنها شملت عدة محاور تم تنفيذ بعضها وتعثر تنفيذ الآخر، وكانت أهم المهام التى تم إنجازها، بحسب البرعى «إقرار الحد الأدنى للأجور فى القطاع الخاص 700 جنيه»، وهو القرار الذى اعتبره البرعى «قرارا ناجزا لم ترد عليه أية شكوى من أية جهة على الإطلاق».
المهمة الثانية التى تبنتها حكومة عصام شرف، تمثلت فى إصدار قانون الحريات النقابية، وهنا أبرأ البرعى ذمته قائلا: «القانون خرج من وزارة القوى العاملة والهجرة، بعد عقد جلسات حوار مجتمعى واسعة على مشروع القانون، خلصت لصيغة نهائية تم تقديمها لمجلس الوزراء، الذى وافق عليه بدوره، وأحاله للمجلس العسكرى، لإصدار مرسوم قانون به، ولكن ما حدث أن تم انتخاب مجلس الشعب، الذى أصبح بدوره هو الجهة المنوطة بدراسة القوانين وإصدارها قبل تشريعها رسميا».
جدير بالذكر أن القانون الذى تقدم به منذ حوالى شهر مجموعة من نواب مجلس الشعب، وعلى رأسهم أبوالعز الحريرى، وعمرو حمزاوى، قد قوبل بمشروع قانون آخر مواز، تقدمت به جماعة الإخوان المسلمين ــ الأغلبية البرلمانية ــ، وهو المشروع الذى وصفه البرعى بأنه «يقلل سقف الحريات التى تم الاتفاق عليها فى النسخة الأصلية للمشروع التى خرجت من وزارة القوى العاملة بعد جلسات الحوار المجتمعى، التى شارك بها اتحادى عمال مصر الرسمى والمستقل، ومجموعة كبيرة من منظمات المجتمع المدنى، والجهات العمالية والحقوقية المختلفة».
القرار الثالث، الذى رأى فيه البرعى من الأهمية ما حافظ على حقوق وكرامة المصرى داخل وخارج بلده، كان قرار الحكومة ممثلة فى وزارة القوى العاملة، بعدم تشغيل الأجانب فى الوظائف التى يستطيع المصريين القيام بها، وإحلال الوظائف التى يعمل بها الأجانب بمصريين خلال 3 أشهر لحين تدريبهم عليها.
الإنجاز الرابع فى ملف العمال، من وجهة نظر البرعى، يكمن فى إنهاء أزمة الحوالات الصفراء التى كانت معلقة منذ انتهاء حرب الخليج، والتى شرعت فيها وزارته فى حكومة عصام شرف، وتم إنجازها نهائيا فى الحكومة الحالية.
«الحكومات الانتقالية المتتالية فشلت فى إقرار الحدين الأقصى والأدنى للأجور للخاص العام وقطاع الأعمال، ووزارة المالية عليها أن تتفهم تلك الأزمة الحقيقية التى تحف بملف العمال، حيث لن ينقطع العمال عن المطالبة بحدين للأجور وتثبيت العمالة المؤقتة»، الكلام على لسان البرعى، الذى اعترف بفشل الحكومات الانتقالية فى تنفيذ حدين أقصى وأدنى للأجور فى مصر, يتطرق البرعى فى حديثه إلى وزير المالية السابق، سمير رضوان، نظرا لطبيعة التعاون والتنسيق بين الوزارتين فى حكومة عصام شرف: «سمير أتظلم لما خد الهوجه القاسية كلها فى الأول، وباقى الوزراء إلى جم (جاءوا) من بعده كان وضعهم أهدى كثير منه، ولكن الأزمة حقيقة فى ضعف الاقتصاد، مقارنة بحجم المطالب».
وفى خطوة «لتنفيذ مطالب الثورة»، كما يصفها الوزير السابق، وافق مجلس الوزراء على حلِّ اتحاد نقابات عمال مصر «الرسمى»، بناء على مذكرة تقدم بها البرعى للمجلس بشأن الأحكام الصادرة ببطلان انتخابات الاتحاد فى الدورتين النقابيتين 2006، و2011 وهى الأحكام التى غض النظام البائد الطرف عن تنفيذها، هذه الخطوة التى قال عنها البرعى «أى وزارة محترمة كان لا بد أن تستجيب وتنفذ أحكام القضاء، وحل الاتحاد جاء بناء على أحكام قضائية ببطلان الانتخابات»، ولكن ليست تلك هى الخطوة الأهم من وجهة نظر البرعى، بينما تأتى أهمية حل الاتحاد فى تأكيد المحكمة الإدارية العليا لقرار الحل، فى مطلع أبريل الجارى, وأضاف البرعى «حكم الإدارية العليا قضى على أية شرعية للاتحاد المنحل، وعلى وزير القوى العاملة والهجرة الحالى أن يعمل بهذا الحكم الذى قد يترتب عليه نتائج خطيرة»، رفض البرعى التنويه لها, وفيما كانت لهجة البرعى حادة فى حديثه عن ضرورة الالتزام بحكم الإدارية العليا بحل الاتحاد، فقد زادت الحدة كثيرا بمجرد حديثه عما يدور فى الاجتماعات المغلقة لمنظمة العمل الدولية، التى يعمل بها خبيرا واستشاريا فى علاقات العمل الدولية، حيث أوضح البرعى أن احتمالات عودة اسم مصر لقائمة ملاحظات منظمة العمل الدولية، المعروفة إعلاميا باسم «القائمة السوداء» كبيرة جدا، وقد تتجاوز العقوبات ما هو أبعد من إعادة إدراج اسم مصر على القائمة، بحسب البرعى الذى رفض الكشف عن طبيعة هذه العقوبات