تصدر الدائرة الخامسة بمحكمة جنايات القاهرة، برئاسة المستشار أحمد فهمي رفعت، حكمها غداً السبت علي الرئيس السابق مبارك ونجليه علاء وجمال ورجل الأعمال حسين سالم (هارب) وحبيب العادلي وزير الداخلية الأسبق و6 من كبار معاونيه، في اتهامهم بالتحريض علي قتل المتظاهرين والفساد المالي وتصدير الغاز لإسرائيل.
ومنذ تنحي مبارك في الحادي عشر من فبراير 2011 عقب اندلاع المظاهرات المناوئة له ولنظام حكمه في 25 يناير من نفس العام، لم يكن أكثر المتفائلين بتنحيه عن الحكم يتوقع مثوله في قفص الاتهام وتنقل صورته كاميرات التليفزيون لملايين المشاهدين في جميع أنحاء العالم، كأول رئيس عربي يحاكم علي جرائم أتهم بارتكابها ولم يكن أكثر المتشائمين بابتعاد مبارك عن سدة الحكم في مصر بعد تصدره المشهد علي مدر 30 عاماً يتوقع ذلك أيضاً ولكن كل ذلك تبدد تماماً في أول جلسات المحاكمة، لتضرب مصر مثالاً للعالم، أن الكل سواء أمام سيادة القانون، فلا فرق بين رئيس ومرؤوس طالما أقُترف ذنباً، وجب أن يتم الحاسب عنه.
واستمرت جلسات المحاكمة علي مدار 45 جلسة استمعت فيها هيئة المحكمة لطلبات المحامين "المدعين بالحق المدني ودفاع المتهمين"، وشهادة الشهود، بالإضافة إلي مرافعات النيابة ومحامو المتهمين وتصل بجلسة الغد إلي 46 جلسة ويسدل الستار علي أهم محاكمة في تاريخ مصر بل والشرق الأوسط بأكمله.
وشهدت جلسات المحاكمة، العديد من الوقائع المثيرة، منذ الجلسة الأولي يوم 3 أغسطس 2011، فتحولت قاعة المحكمة لساحة تراشق بالألفاظ بين المعارضين لمبارك والمؤدين له، تطورت في بعض الأحيان لاشتباكات بالأيدي وحرق صور لمبارك أو رشق قفص الاتهام بزجاجات المياه.
أما خارج أكاديمية الشرطة بالتجمع الأول، مقر انعقاد المحكمة، فالأمر كان أشد عنفاً، فتواجد علي مدار جلسات المحاكمة أهالي الشهداء والمصابين للتظاهر ضد مبارك والعادلي والمطالبة بالقصاص لذويهم، فيما تظاهر أنصار الرئيس السابق مطالبين بإخلاء سبيله لأنه من رموز الوطن -علي حد تعبيرهم- وهو الأمر الذي نتج عنه تراشق بالألفاظ بين الطرفين وصل في بعض الأحيان لاشتباكات عنيفة خلفت عشرات المصابين.
ويواجه مبارك -المتهم الأول في القضية- اتهاما بالتحريض علي قتل المتظاهرين عن طريق الاتفاق والمساعدة وتسهيل ارتكاب الجريمة بالاشتراك مع حبيب العادلي -المتهم الخامس- بأن أعطوا أوامرهم لكل من "أحمد رمزي، رئيس قطاع الأمن المركزي الأسبق -المتهم السادس- وعادلي فايد، مساعد وزير الداخلية الأسبق لقطاع الأمن العام -المتهم السابع- وحسن عبد الرحمن، رئيس جهاز مباحث أمن الدولة الأسبق -المتهم الثامن- وإسماعيل الشاعر، مدير أمن القاهرة الأسبق -المتهم التاسع-" بمنع وصول المتظاهرين لميدان التحرير.
ونتج عن ذلك المنع -بحسب النيابة العامة- سقوط العديد من القتلى والجرحى وطالب ممثل الادعاء، المستشار مصطفي سليمان المحامي العام لنيابات استئناف القاهرة، بتوقيع أقصي عقوبة علي المتهمين وهي الإعدام شنقاً لارتكابهم جريمة القتل العمد والتحريض علي ارتكابه.
ولائحة الاتهام مختلفة بالنسبة، لأسامة المراسي، مدير أمن الجيزة الأسبق -المتهم العاشر- وعمر الفرماوي، مدير أمن 6 أكتوبر الأسبق -المتهم الحادي عشر، فالاثنان لا يواجهان جناية قتل المتظاهرين وإنما متهمان بجنحة وهي اعطاء الأوامر لمرؤوسيهم من جنود وضباط الشرطة بالانسحاب من الشوارع مما خلف فراغ أمني كبير، أدي إلي اتلاف الممتلكات العامة والخاصة وهما مخلي سبيلهما منذ بدأ القضية.
أما حسين سالم، رجل الأعمال الهارب -المتهم الثاني- فيواجه تهمة منح عطية للمتهمين الأول والثالث والرابع، عبارة عن فيلل بشرم الشيخ لتسهيل تمرير بعض الأعمال لهم مع الرئيس السابق ونجليه، الذين يواجهون في تلك التهمة، قبول عطية بدون وجه حق واستغلال النفوذ والمناصب.
كما يواجه مبارك، وحسين سالم أيضاً، الأول، تهمة الموافقة علي بيع الغاز المصري وتصديره للكيان الصهيوني، عبر شركة شرق البحر المتوسط المملوكة للثاني بأقل من السعر العالمي، مما كبد خزينة الدولة خسائر فادحة وتسبب في إهدار المليارات من المال العام للدولة.