سعت وزارة الداخلية عقب ثورة 25 يناير لترميم علاقتها مع الشعب المصرى التى أصيبت بشروخ خلال فترة حكم الرئيس الأسبق حسنى مبارك إذ اتسمت بالتوتر بين المواطن ورجل الأمن بسبب سوء المعاملة التى كان يلقاها الأول من الأخير فى أقسام الشرطة وفى أية جهة شرطية، وكانت هذه الممارسات أحد أهم أسباب ثورة يناير التى اختارت يوم عيد الشرطة لإطلاق شرارة الغضب فكبرت الشرارة وتحولت لنيران فالتهمت القبضة الأمنية المحكمة التى كان يتباهى بها الوزير السابق حبيب العادلى والتى كانت الذراع التى يرتكز عليه نظام مبارك. لذا بدأت الشرطة فى اتخاذ خطوات عاجلة لمحو الصورة القديمة والتأكيد على رغبتها فى إعلاء حقوق الإنسان ووقف التجاوزات فى الأقسام أو فى أية جهة أمنية، ولكنها كانت خطوات مشوبة بالحذر على خلفية السنوات الماضية التى تحمل إرثا ثقيلا من سوء العلاقة، ولكن جاء أداء وزراء الداخلية بعد ثورة 25 يناير مرورا بثورة 30 يونيو وحتى اللحظة الراهنة ليبدد الصورة القاتمة ويرسم صورة تحمل ملامح الأمل ما جعل المواطنين يرددون للمرة الأولى «الجيش والشرطة والشعب.. «إيد واحدة» ما يعنى ارتفاع أسهم الداخلية ورجال الشرطة لدى المصريون، وهو تطور نوعى غير مسبوق إذ ظلت المؤسسة العسكرية تحتل مساحة الحب الأكبر فى قلوب المصريين. اللواء
منصور العيسوى
اعتاد المصريون على رؤية رجال الأمن يتصدون للمظاهرات والمسيرات ولكن اللواء منصور العيسوى خالف القاعدة وشارك فى مظاهرات ثورة 30 يونيو بزيه المدنى بعدما رحل من منصبه الرسمى. وأوضح وزير الداخلية الأسبق، أنه لم ينفذ خطة القيادى الاخوانى خيرت الشاطر فى تسريح ضباط امن الدولة، موضحا أن ما تم ترويجه عن ذلك عار من الصحة، وأنه سرح مجموعة من الضباط بعد صدور تقارير حولهم تتعلق بالكسب غير المشروع. وأضاف أن عناصر من التيار الاسلامى وجماعة الاخوان المسلمين هم من اقتحموا مبنى أمن الدولة فى مدينة نصر، وان عناصر القناصة فى التحرير كانت من جماعة الإخوان المسلمين إلى جانب عناصر أجنبية قامت بالقتل والقنص من فوق أسطح العمارات التى قاموا بتأجيرها فى المنطقة المحيطة بوزارة الداخلية ـ حسب قوله ـ وهو ما جعله مستهدفا من الجماعة.
اللواء محمد إبراهيم يوسف
اللواء محمد إبراهيم يوسف أول من اصطدم بالإخوان فى البرلمان حيث أدرك أنه سيواجه الجماعة، وكان مجلس الشعب هو ساحة المعركة ووقف وقتها أمامهم رافضا كل مشروعات تفكيك الداخلية تحت مسمى هيكلتها ثم أشعل الإخوان عدة مظاهرات كان أبرزها امام مجلس الشورى والتى شهدت الاعتداء على أمين شرطة بامن الدولة فاعترض الوزير وبدأ مواجهة الإخوان واعلن استقلال جهاز الشرطة عن النظام تماما مؤكدا ان مهمة رجل الشرطة حماية المواطنين وامن البلاد وليس حماية النظام وكانت تلك التصريحات بمثابة استقالة مسببة قدمها يوسف للرئيس المعزول حتى ينهى خدمته فى الوزارة الجديدة
اللواء أحمد جمال الدين
كان موقف اللواء أحمد جمال الدين وزير الداخلية السابق برفضه استعمال العنف ضد المتظاهرين امام قصر الاتحادية، بمثابة تمهيد لثورة 30 يونيو إذ أعطت إشارة بأن الشرطة ستكون مع المتظاهرين ضد الاخوان وستكون داعما للشعب حال قرر إزاحة نظام الحكم الإخوانى، وكان أحمد جمال الدين يدرك بأنه سيدفع منصبه ثمنا لهذا الموقف، لكنه أظهر صلابة كبيرة. وطلب مرسى من وزير داخليته تأمين قصر الاتحادية، فرد الوزير بأن الوضع الأمنى لن يستقر إلا بتهدئة سياسية تتمثل فى حل الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى، وأن الشرطة لن تستطيع السيطرة على الوضع الأمنى إلا بحل المؤسستين، لكن مرسى قابل طلب الوزير بالرفض التام. بعدها زحف المتظاهرون إلى قصر الاتحادية، وفوجئ مرسى، بقوات الأمن المركزى تنسحب من محيط قصر الاتحادية تماما، فظل يتصل بوزير الداخلية 4 ساعات ولم يرد عليه. وكان تصاعد الصدام بين المتظاهرين والإخوان أمام مقر الجماعة فى المقطم، وقيام الداخلية بمطاردة أنصار حازم أبوإسماعيل عندما حاولوا اقتحام مقر حزب الوفد، بمثابة تأكيد على قرب رحيل جمال الدين.
اللواء محمد إبراهيم
يعد اللواء محمد إبراهيم وزير الداخلية من أبرز العناصر الداعمة لثورة 30 يونيو والذى وضع روحه على كفه برفض تعليمات الرئيس المعزول بقتل المتظاهرين، يحكى الوزير تفاصيل الواقعة المشهورة مع مرسى فى تصريحات صحفية حيث قال إن المعزول قال له: «اسمع يا محمد يا إبراهيم أنا اللى جبتك وزير.. انت فاكر إن 30 يونيو هتنفعك أنا بحذرك وبقولك بالفم المليان 30 يونيو هتفشل وهعدمك إنت والسيسى بإيدى فى قلب ميدان التحرير.. ومش هارحمكم». وكان سبب غضب مرسى هو رفض إبراهيم، تنفيذ تعليماته بتدخل الشرطة لإنقاذ مكتب الإرشاد من حصار المتظاهرين الغاضبين بعد سقوط 11 قتيل برصاص من مكتب الإرشاد.
وعن كواليس هذه الأيام التاريخية شهدت الساحة السياسية احتقانا كبيرا بين القوى السياسية وانقسم الشعب بين تمرد وتجرد وكادت البلاد أن تدخل فى حرب أهلية وأعلن ابراهيم مرارا وتكرارا ان الشرطة ستقف على مسافة واحدة بين القوى السياسية ولن تكون سلاحا فى يد النظام ولم يصدر الوزير اى تعليمات لرجال الشرطة بحماية مقار الاخوان والدفاع عنها ووجه تعليماته إلى جميع رجال الشرطة بالحياد وعندما ظهرت حقيقة الاخوان اتجه ابراهيم إلى الاستقرار والوقوف جنبا إلى جنب مع الشعب وإرادته والقوات المسلحة وانه يعرف انه مستهدف آجلا أم عاجلا من الاخوان ولم يهتز لحظة ولم يغير مقر سكنه فى مدينة نصر بعد فض اعتصام رابعة وتعرض للاغتيال ومازال مهددا.