قررت محكمة جنايات القاهرة تأجيل قضية اتهام 43 مصريا وأجنبيا بالحصول على تمويلات من الخارج تقدر بـ60 مليون دولار، والمعروفة بـ «التمويل الأجنبى» لجلسة 9 سبتمبر المقبل، لاستكمال سماع الشهود.
وكانت المحكمة برئاسة المستشار مكرم عواد، قد استمعت، أمس، إلى شاهد الاثبات الأول، السفير مروان زكى بدر، مشرف مكتب وزيرة التعاون الدولى، بعد أن أرسلت الوزيرة فايزة أبو النجا اعتذارا لعدم تمكنها من حضور الجلسة لظروفها الصحية.
وقال السفير: إنه يعمل بمكتب وزيرة التعاون الدولى منذ ما يقرب من 10 أعوام، مشيرا إلى أن مصر تتلقى من الجانب الامريكى دعما اقتصاديا وعسكريا، وأن وزارة التعاون الدولى مختصة بإدارة برنامج المساعدات الاقتصادية الامريكية، وهو برنامج متفق عليه بين البلدين، وينقسم هذا البرنامج الى تحويلات نقدية، واستهلاك سلعى، ومشروعات مقدمة من الجانب الامريكى.
وأضاف: «فى عام 2004 خصص الكونجرس الامريكى 25 مليون دولار من برنامج المساعدات الامريكية لمصر، للتمويل المباشر لمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الاهلية المصرية والامريكية القائمة فى مصر، وتضاعف المبلغ حتى وصل لـ150 مليون دولار»، مشيرا إلى أن الكونجرس لم يكن قبل ذلك يتدخل فى أوجه صرف برنامج التمويل، وكانت قراراته غير ملزمة للحكومة المصرية، بخلاف مبالغ ضئيلة تنفق لبعثات المصريين بالخارج، وتابع: «من جانبنا اعترضنا على هذا التدخل لأنه مخالف للسوابق المتعارف عليها، ولأن المبلغ مخصص للجهات الحكومية دون غيرها من منظمات المجتمع المدنى والجمعيات الاهلية غير الحكومية».
وأضاف: «فى محاولة للتفاهم بين الجانبين المصرى والامريكى، تم الاتفاق ووضع ضوابط لكيفية إنفاق هذا المبلغ على المنظمات الاهلية المصرية والاجنبية مباشرة، دون المرور على الحكومة المصرية، وتم الاتفاق أن تكون هذه المنظمات المصرية مسجلة، وبالنسبة للمنظمات الاجنبية يجب أن تكون أمريكية وحاصلة على ترخيص، وبموجب هذ الاتفاق تم تشكيل لجنة استشارية تضم 8 أفراد تمثل فيها الحكومة المصرية بشخصيتين من وزارتى التعاون الدولى والتضامن الاجتماعى، والجانب الامريكى يمثل بفرد واحد، يضاف إليهم 5 شخصيات عامة مصرية يتم الاتفاق عليها بين البلدين، وتم إلزام الطرفين بأن يخطرا بعضهما بحجم المبالغ الموجهة لأى من المنظمات، وفى حال قيام أى من الجانبين بالاعتراض على أى نشاط من أنشطة الجهات الممولة يتم إخطار الطرف الاخر بالاعتراض».
واستطرد الشاهد: «ويتضمن الاتفاق أيضا إبلاغ الامن العام ووزارة الداخلية، ومباحث أمن الدولة، بتلك الجمعيات والمنظمات الممولة وحجم تمويلها وانشطتها المختلفة، وبعد نحو 5 أشهر من الاتفاق، لاحظ الجانب المصرى أن الجانب الامريكى بدأ بتمويل كيانات مصرية لا ينطبق عليها وصف الجمعيات الاهلية، وغير مسجلة فى قانون 84 للجمعيات الاهلية، بالاضافة إلى تمويل منظمات أجنبية ليست أمريكية، وهذا مخالف للاتفاق الموقع بين البلدين، ووفقا لهذا الخرق من الجانب الامريكى أبلغنا الجهات المصرية والأمريكية المختصة بأن هذه الجهات الممولة لا ينطبق عليها وصف المنظمات والجمعيات الاهلية، وغير خاضعة للاتفاق الموقع بين البلدين».
وقال السفير: «الرد جاء من الجانب الامريكى بأنهم أصبحوا يمولون أى كيانات مصرية وأجنبية مسجلة قانونا فى مصر، سواء كانت جمعيات أهلية أو غير ذلك، مثل المنظمات البحثية والمكاتب الاستشارية والمحاماة». وشدد السفير على أنه مع استمرار المساعدات غير المتفق عليها، تم تصعيد الاعتراض من الجانب المصرى عبر السفارات الى أن وصل الى وزيرة الخارجية الامريكية، فيما أشار السفير إلى وجود أكثر من 70 منظمة أمريكية تعمل بمصر ولكن التعاون الدولى يختص بالجمعيات التى تحصل على تمويل من المساعدات سواء المصرية أو الامريكية.
وردا على سؤال المحكمة حول أسباب عدم اتخاذ إجراءات ضد هذه المنظمات، أجاب الشاهد: «من وجهة نظرى كانت هناك اعتبارات سياسية تحكم عملية التمويل، وخشية أن تؤثر هذه الاجراءات على الشق الاخر من التمويل وهو المساعدات العسكرية، أما دور مكتب التعاون الدولى فكان يكتفى بالخطابات والاتصالات الرسمية والدبلوماسية والابلاغ بالمخالفات للوكالة الامريكية».
وأكد السفير أن الجانب السياسى هو الذى كان يجب عليه القيام بهذه الاجراءات، وليس وزارة التعاون الدولى، ولكن مع تفاقم هذه المخالفات ابلغ مكتب وزارة التعاون الدولى رئيس الوزراء ووزراء الداخلية والخارجية والتضامن الاجتماعى، والمخابرات المصرية.
وسألت المحكمة: «هل هذا التمويل مخالف لنشاط الجمعية أم أنه مخالف لعملية التمويل نفسها؟»، ورد الشاهد: «إذا كانت منظمة حكومية أجنبية غير أمريكية يبقى مخالفا، أما بالنسبة للمنظمات المصرية فإذا كانت لا تخضع لقانون 84 وغير مرخصة فتعتبر مخالفة ايضا».
ولأول مرة يغيب عن الجلسة أنصار الشيخ عمر عبد الرحمن، الذين صرحوا على لسان ابن الشيخ، أنهم لن ينظموا وقفة احتجاجية كعادتهم أمام محكمة القاهرة الجديدة بالتجمع الخامس للتنديد بالحكومة المصرية التى قامت بتسليم المتهمين الاجانب إلى أمريكا وعدم مبادلتهم بالمعتقلين فى أمريكا، وأنهم قرروا انتهاج سياسة جديدة فى التعامل مع هذه القضية وأنهم سيزورون الرئيس محمد مرسى فى القصر الجمهورى خلال الايام القليلة المقبلة، بناء على الوعد الذى قطعة مرسى بالنظر فى ملفات المعتقلين السياسيين وعلى رأسهم الشيخ عمر عبد الرحمن و8 من المعتقلين بامريكا.
وقبل بداية الجلسة نشبت مشادة كلامية بين بعض أهالى المتهمين، والمحامى المدعى بالحق المدنى على ضرغام، أمر على أثرها رئيس المحكمة بإخراج ضرغام من قاعة المحكمة، وكان الأخير قد جلس على كرسى رئيس المحكمة، وحاول حاجب المحكمة منعه لكنه رفض، وهو ما اثار حفيظة أهالى المتهمين وصرخوا فى وجهه «إنت كل مرة تيجى تعطل الجلسة»، مما اضطر رئيس المحكمة وهو بداخل غرفة المداولة أن يأمر قوات الامن بإخراج ضرغام من القاعة.
وتم إثبات حضور المتهمين المخلى سبيلهم وإيداعهم قفص الاتهام، وهم كريستيان مارجريت، المتهمة الالمانية المتزوجة من مصرى، وشريف منصور، وأمجد محمد أحمد، وأحمد زكريا، وعصام محمد على، وأحمد شوقى أحمد، ومحمد أشرف عمر، وروضة سعيد أحمد، وحفصة ماهر سلامة، وإسلام محمد أحمد، ويحيى زكريا غانم، ونانسى جمال الدين حسين، وباسم فتحى محمد، ومجدى محرم حسن، ومحمد أحمد عبد العزيز، وروبرت فريدك.