على ضوء مبادئ «الدستورية».. البطلان يهدد القوانين والقرارات الإدارية غير المنشورة فى الجريدة الرسمية - بوابة الشروق
الخميس 26 ديسمبر 2024 1:00 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

على ضوء مبادئ «الدستورية».. البطلان يهدد القوانين والقرارات الإدارية غير المنشورة فى الجريدة الرسمية

هيئة المحكمة الدستورية تنظر فى إحدى الدعاوى - تصوير: هبة الخولي
هيئة المحكمة الدستورية تنظر فى إحدى الدعاوى - تصوير: هبة الخولي
كتب ــ محمد بصل:
نشر في: الإثنين 6 فبراير 2017 - 11:39 ص | آخر تحديث: الإثنين 6 فبراير 2017 - 11:39 ص

• نسب نشر متدنية لقرارات أبرز المسئولين فى 2016: أقل من النصف لرئيس الجمهورية و13% لرئيس الحكومة و5% للداخلية

• المحكمة ألزمت المسئولين بنشر جميع قراراتهم.. واستثناء اللوائح الداخلية التى يعلمها المعنيون بحكم الضرورة

• مصادر قضائية: المحكمة هى من تقدر مدى تحقق العلم بالقرار.. ولا داعى لنشر التعليمات والكتب الدورية


جاء حكم المحكمة الدستورية العليا الصادر أمس الأول بعدم دستورية قرار أصدره رئيس الهيئة العامة للرقابة المالية عام 2009 وتم تعديله عام 2012 لعدم نشره بالجريدة الرسمية، مؤكدا مبادئ سابقة للمحكمة فى هذا السياق، اشترطت نشر القوانين والقرارات فى الجريدة الرسمية أو ملحقها الوقائع المصرية لضمان علانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها.

وتلقى هذه المبادئ ظلالا كثيفة من الغموض على القرارات التى تصدر من مستويات مختلفة من قيادات السلطة التنفيذية دون أن تنشر فى «الوقائع المصرية» وكذلك على بعض القوانين التى كشفت «الشروق» سابقا ــ وتحديدا فى عدد 25 ديسمبر 2015ــ عدم نشرها حتى الآن رغم صدورها فى عهود سابقة، خاصة عهد المجلس الأعلى للقوات المسلحة.

وحتى الآن لم تنشر الجريدة الرسمية 5 مراسيم بقوانين صدرت فى عهد المجلس العسكرى هى أرقام: 133 و134 و135 و129 و105 لسنة 2011، بينما تم نشر البعض الآخر بعد مرور نحو 4 سنوات على صدورها، كما تم نشر قوانين أصدرها الرئيس عبدالفتاح السيسى عام 2015 خلال العام الماضى 2016.

وقياسا بحالات سابقة، فإن معظم القرارات بقوانين التى لا يتم نشرها فى مواعيدها، وتنشر لاحقا بعد فترات طويلة، تكون تصديقا على اتفاقيات دولية وقعت عليها مصر بأغراض اقتصادية أو تمويلية، أو ترخيص لوزير البترول بالتعاقد مع شركات أجنبية للتنقيب عن الغاز والبترول فى مصر.

وينص الدستور الحالى فى مادته 225 على أن «تنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال 15 يوما من تاريخ إصدارها، ويعمل بها بعد 30 يوما من اليوم التالى لتاريخ نشرها، إلا إذا حددت لذلك ميعادا آخر. ولا تسرى أحكام القوانين إلا على ما يقع من تاريخ العمل بها..» وهو ما يتفق فى إلزامية النشر مع المادة 188 من دستور 1971 التى كانت تنص على أن «تنشر القوانين فى الجريدة الرسمية خلال أسبوعين من يوم إصدارها..».

• النشر ليس للقوانين فقط:
لكن الأحكام السابقة للمحكمة الدستورية ــ وآخرها الصادر أمس الأول ــ لم تقصر ضرورة النشر فى الجريدة الرسمية أو الوقائع المصرية على القوانين؛ بل اتفق أغلبها على ضرورة نشر جميع القرارات التى تمثل قواعد قانونية جديدة حتى يمتنع القول بالجهل بها، ولكفالة وقوف المخاطبين بها على ماهيتها ومحتواها ونطاقها.

ومن هذه المبادئ السابقة:
الحكم فى الدعوى 36 لسنة 18 قضائية بتاريخ 3 يناير 1998 بعدم دستورية قرار وزير الإدارة المحلية 239 لسنة 1971.

الحكم فى الدعوى 95 لسنة 23 قضائية بتاريخ 3 يونيو 2012 بعدم دستورية قرار محافظ المنوفية 482 لسنة 1987.

الحكم فى الدعوى 131 لسنة 32 قضائية بتاريخ 8 نوفمبر 2014 بعدم دستورية قرار رئيس مجلس إدارة الهيئة العامة لميناء دمياط 443 لسنة 2003.

واتفقت جميع هذه الأحكام على أن «نشر القاعدة القانونية ضمان لعلانيتها وذيوع أحكامها واتصالها بمن يعنيهم أمرها، وامتناع القول بالجهل بها، وكان هذا النشر يعتبر كافلا وقوفهم على ماهيتها ومحتواها ونطاقها، حائلا دون تنصلهم منها، ولو لم يكن علمهم بها قد صار يقينيا، أو كان إدراكهم لمضمونها واهيا، وكان حملهم قبل نشرها على النزول عليها، وهم من الأغيار فى مجال تطبيقها، متضمنا إخلالا بحرياتهم أو بالحقوق التى كفلها الدستور، دون التقيد بالوسائل القانونية التى حدد تخومها وفصل أوضاعها، فقد تعين القول بأن القاعدة القانونية التى لا تنشر، لا تتضمن إخطارا كافيا بمضمونها ولا بشروط تطبيقها، فلا تتكامل مقوماتها التى اعتبر الدستور تحققها شرطا لجواز التدخل بها لتنظيم الحقوق والحريات على اختلافها».

وبتطبيق قاعدة «ضرورة النشر» على القرارات الصادرة من أبرز مسئولى الدولة، نجد أن ما ينشر هو النذر اليسير من إجمالى القرارات.

بحسب إحصاء أجرته «الشروق» على القرارات التى نشرتها الجريدة الرسمية أو الوقائع المصرية خلال عام 2016 تبين نشر عدد ضئيل مما أصدره الرئيس وأبرز المسئولين الذين تنشر قراراتهم، وذلك باعتبار أن أحدث قرار تم نشره هو أحدث ما أصدره المسئول، وذلك على النحو التالى:

رئيس الجمهورية: 292 قرارا تم نشره من إجمالى أكثر من 604 قرارات بنسبة أقل من النصف.

رئيس الوزراء: 641 من إجمالى أكثر من 4681 قرارا بنسبة 13% تقريبا.

وزير الداخلية: 244 من إجمالى أكثر من 4786 قرارا بنسبة 5% تقريبا.

وزير العدل: 129 من إجمالى أكثر من 11302 قرار.

وزير التعليم: 13 من إجمالى أكثر من 404 قرارات.

وزير السياحة 70 قرارا من إجمالى أكثر من 1031 قرارا.

وزير التجارة والصناعة: 165 من إجمالى أكثر من 3376 قرارا.

• موقف القرارات غير المنشورة:
أقرت المحكمة الدستورية أن الأصل فى القرارات هو النشر فى الجريدة الرسمية أو ملحقها بحسب الأحوال (تنشر الجريدة الرسمية القوانين وأحكام المحكمة الدستورية وقرارات الرئيس ورئيس الوزراء ومجلس الوزراء، وتنشر الوقائع المصرية قرارات باقى المسئولين).

لكن المحكمة الدستورية فى حكم وحيد أصدرته برئاسة المستشار الراحل فتحى نجيب، فى الدعوى 233 لسنة 21 قضائية بجلسة 7 يوليو 2002 استثنت بعض القرارات من قاعدة «ضرورة النشر» طالما اتصلت بصورة أكيدة بعلم المعنيين بها.

وكانت هذه القضية متعلقة بالطعن على اللائحة الداخلية للدراسات العليا بكلية الطب بجامعة عين شمس، حيث دفع الطاعن بعدم دستوريتها لعدم نشرها فى الجريدة الرسمية، إلا أن المحكمة رفضت هذا الدفع باعتبار أن «الأحكام التفصيلية الواردة فى اللائحة الداخلية للكلية هى شأن داخلى خاص بالكلية، ويتوافر العلم اليقينى بها لكل طالب أتم إجراءات التسجيل لنيل الدرجة العلمية».

لكن المحكمة لم تتعرض لمسألة نشر هذه اللائحة الداخلية إلا بعدما تأكدت أولا من نشر قرار رئيس الجمهورية المحدد للدرجات العلمية التى تمنحها الكلية، وكذلك نشر اللائحة التنفيذية لقانون الجامعات، مؤكدة وجوب نشر القواعد العامة المجردة المتعلقة بالدرجات العلمية.

• سلطة الإلغاء «تقديرية» للمحكمة:
ويقول مصدر قضائى بمجلس الدولة إن «عدم نشر القرارات ذات الصفة التشريعية أو الإدارية أيا كان مصدرها فى الجريدة الرسمية أو ملحقها هو سبب رئيسى للطعن عليها أمام المحكمة الدستورية العليا، والمحكمة تملك ــ وفقا لمبادئها السابقة ــ تقدير مدى تحقق اتصال هذه القرارات غير المنشورة بالمخاطبين بها».

بينما يوضح مصدر قضائى آخر أن «قاعدة ضرورة النشر تنطبق على جميع القوانين والقرارات التى تخاطب عامة المواطنين، وكذلك القرارات التى تخاطب نخبة منهم بشرط أن يكون النشر هو الوسيلة الوحيدة لإعلانها للمعنيين بها».

ويشير المصدر إلى أن «قاعدة ضرورة النشر لا تنطبق على القرارات الداخلية التى تبلغ للموظفين بوسائل أخرى غير النشر؛ كالتعليمات والكتب الدورية والتعميمات والتوجيهات».

وفى تصريحات سابقة لـ«الشروق»، قال المستشار د. محمد عطية، وزير الشئون القانونية والنائب الأول لرئيس مجلس الدولة سابقا، إنه «يجب نشر جميع القرارات التى يكون نشرها هو الوسيلة الوحيدة لإعلام المواطنين بها ومن ثم إتاحة الفرصة أمامهم للطعن عليها أو التظلم منها».

وطالب عطية بـ«مساءلة الموظفين الحكوميين، أو الجهات المسئولة عن تأخر نشر قانون لشهور أو سنوات، لدرجة قد تربك المواطنين أو تعيق نفاذ أحكامه» واصفا هذا التأخر بـ«التقاعس غير المبرر، والمخالفة الواضحة لأحكام الدستور، التى لم تميز بين القوانين التى تخاطب العامة أو القوانين الصادرة باعتماد اتفاقيات دولية أو اتفاقيات بترول أو عقود تختص الحكومة بتنفيذها».



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك