يحمل هجوم على معبر كرم أبو سالم على الحدود بين إسرائيل وقطاع غزة ومصر أعلنت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) مسؤوليتها عنه وتسبب في مقتل ثلاثة جنود إسرائيليين العديد من الرسائل، بحسب محلل سياسي وخبير عسكري تحدثا إلى وكالة أنباء العالم العربي (AWP).
وقالت كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس، إنها أطلقت صواريخ على تجمعات للجيش الإسرائيلي في موقع كرم أبو سالم ومحيطه يوم الأحد، وردت إسرائيل بقصف منصة لإطلاق القذائف وهدف عسكري في رفح بجنوب قطاع غزة.
ويعتقد المحلل السياسي سليمان بشارات أن توقيت وطريقة تنفيذ الضربة يحمل رسائل لإسرائيل مفادها أن التهديدات التي أطلقتها خلال الساعات الماضية لن تجدي في المفاوضات الجارية حاليا بشأن الوصول لاتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى.
وتهدد إسرائيل منذ عدة أشهر بأنها ستقتحم رفح في جنوب قطاع غزة على الحدود مع مصر، وهي مدينة يحتمي بها ما يقرب من 1.5 مليون فلسطيني فروا من الضربات الإسرائيلية في شتى أنهاء القطاع الضيق. وأثار عزم إسرائيل شن هجوم على رفح انتقادات دولية.
وقال بشارات "الهدف الثاني هو تأكيد من حماس أنها ما زالت تمسك بزمام المبادرة ولديها قدرات استخباراتية تمكنها من استهداف الجيش الإسرائيلي في أي منطقة في قطاع غزة، وهذا يقرأ على البعد المستقبلي إن فكرت إسرائيل أن تبقى في غزة فإنها ستتعرض لحرب استنزاف طويلة".
وردا على سؤال حول تأثير الهجوم على كرم أبو سالم على قرار إسرائيل بتنفيذ عملية عسكرية في رفح، قال بشارات "باعتقادي هذا الأمر لن يؤثر، فقرار العملية العسكرية اتخذ منذ أشهر و(رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين) نتنياهو يتحدث عن ذلك وهيئة الأركان تحدثت أنه تمت المصادقة على الخطط العسكرية.
"لو حاولت إسرائيل أن تسوق بأن دخول رفح رد فعل لما جرى اليوم فهذا السبب غير منطقي لأن القرار مبيت له منذ أشهر. ربما القصف الذي حدث يوم الأحد يشكل رسالة رادعة لإسرائيل بأن هناك مفاجآت تنتظرها في حال دخول رفح".
وأضاف "إسرائيل ستكون حذرة في تعاطيها مع رفح، خاصة فيما يتعلق بمحور فيلادلفيا (شريط حدودي على الجانب الفلسطيني يفصل قطاع غزة عن مصر)، فالمساس بالحدود مع مصر لن يكون أمرا عاديا، كما أن إسرائيل بعد سبعة أشهر من الحرب تعرضت للعديد من الهزات التي أثرت على صورتها".
وتجري مصر وقطر محاولات للوساطة في إبرام اتفاق لوقف إطلاق النار وتبادل الأسرى، ووصل مدير المخابرات المركزية الأميركية وليام بيرنز إلى القاهرة يوم الجمعة ثم توجه إلى قطر ومن المنتظر أن يزور إسرائيل في وقت لاحق من الأسبوع الحالي.
لكن الآمال تضاءلت في الوصول لاتفاق بعدما أعلن نتنياهو أمس الأحد رفضه مطالب حماس بإنهاء الحرب في قطاع غزة، قائلا إن ذلك من شأنه أن يسمح للحركة الفلسطينية بالبقاء في السلطة.
وفي الجانب الآخر، قال رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في بيان إن الحركة ما زالت حريصة على التوصل إلى اتفاق شامل ومترابط لإنهاء الحرب وضمان الانسحاب الإسرائيلي من قطاع غزة وتحقيق صفقة تبادل "جدية" للأسرى.
وأضاف "(نتنياهو) يريد اختراع مبررات دائمة لاستمرار العدوان وتوسيع دائرة الصراع وتخريب الجهود المبذولة عبر الوسطاء والأطراف المختلفة".
وقال المحلل السياسي بشارات إن بعد هجوم حماس على كرم أبو سالم ربما تتأثر المفاوضات سلبا أو إيجابا.
ومضى يقول "ربما تحمل هذه العملية لإسرائيل رسالة بأنها ستدفع الثمن في الحالتين، لكن الثمن الأقل سيكون من خلال المفاوضات والذهاب لصفقة".
وأضاف "الذهاب لعملية عسكرية في رفح له تداعيات ليس فقط في قطاع غزة. الحوثيون في اليمن هددوا علنا بأن اقتحام رفح يعني إشعال البحر الأحمر، كذلك ربما تشتعل جبهة الشمال مع حزب الله (في لبنان)، فنحن مقبلون على سيناريوهات إما تغليب الحوار والدبلوماسية أو الذهاب لانفجار أكبر في الحرب".
وقال الخبير العسكري نصر محمد سالم إنه إذا ما أتيحت لنتنياهو فرصة اقتحام رفح فإنه لن يفوتها.
وأضاف "هو من قال (نتنياهو) إنه حتى لو استعدنا الرهائن لن نوقف الحرب وسندخل رفح، وهذا يؤكد أن معركة نتنياهو هي معركة رفح ولا ينتظر الإذن من أحد".
وتابع قائلا "محور فيلادلفيا ملاصق لحدود مصر وهو أصلا تحت سيطرة النيران الإسرائيلية، لكن نتنياهو يقول إن محور فيلادلفيا نقطة وصل للأنفاق مع مصر وإن الإمدادات (لحماس) تأتي من مصر، وهذا غير صحيح، كما أن الوصول لمحور فيلادلفيا لن يحقق له أي مكاسب عسكرية أو سياسية".
وسئل سالم عن تأثير هجوم حماس على كرم أبو سالم على مفاوضات وقف إطلاق النار الجارية حاليا، فقال "نتنياهو يتلكأ ولا يريد أن تنجح المفاوضات ويريد كسب الوقت، هو فقط يدخل في جولات مفاوضات لكسب الوقت".
وقال مصدر ميداني في رفح لوكالة أنباء العالم العربي إن "المقاومة الفلسطينية... (مستعدة) للقتال في رفح".
وأضاف المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه "المقاومة وضعت قدراتها العسكرية كافة استعدادا لهذه المعركة التي لن تكون كأي معركة سابقة"، مشيرا إلى عدم وجود أي إنجاز سياسي أو عسكري لإسرائيل من دخول رفح.