فيما انتهى جهاز حماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية من رأيه الفنى حول مشروع قانون حماية المنافسة الجديد الذى تقدم به حزب الحرية والعدالة للبرلمان، أكدت الجمعية المصرية لحماية المنافسة أنها بصدد إعداد رد مفصل على مشروع حزب الأغلبية، فى الوقت الذى طالبت فيه دراسة مهمة بضرورة إعداد مشروع متكامل يقوم على فلسفة مختلفة عن تلك التى كانت مطبقة فى العهد البائد وليس مجرد تعديلات على مشروع المجموعة الاقتصادية لجمال مبارك.
ويدخل المشروع الذى وافقت عليه بالفعل اللجنة الاقتصادية ـ عددا من التعديلات على القانون القائم حاليا لعل أهمها تغليظ العقوبات والإعفاء الكامل للمبلغ وترشيح رئيس الجهاز وأعضاء مجلس الإدارة من جانب مجلس الشعب على أن يصدر قرار التشكيل من جانب رئيس الوزراء.
الاستقلالية الكاملة
وبحسب منى يس الرئيس السابق لجهاز حماية المنافسة ونائب رئيس مجلس إدارة الجمعية المصرية لحماية المنافسة فإن التعديلات التى ترى الجمعية ادخالها على المشروع الجديد تتعلق بضرورة الاستقلالية الكاملة للجهاز من حيث التبعية ومن حيث القرارات مؤكدة ضرورة منح الجهاز الحق فى إصدار قرار إدارى بالعقوبة «الغرامة» على أن يلجأ المتضرر للقضاء مما يحقق سرعة اتخاذ القرار وتحقيق الردع المطلوب وهو المتبع فى معظم بلدان العالم، وترى الجمعية أن تكون العقوبة نسبة من المبيعات وليس مبلغا قطعيا حتى يكون هناك تناسب بين العقوبة وحجم أعمال الشركة، ومن التعديلات المقترحة من جانب الجمعية أحقية الجهاز فى الإحالة المباشرة للنيابة دون وسيط.
البرلمان هل يريد؟
هل يريد برلمان ما بعد الثورة بصدق أن يطهر الأسس الفاسدة لاقتصاد عهد مبارك استعدادا لانطلاق الاقتصاد المصرى إلى أوسع مجالات التنمية العادلة وتحقيق أهداف الثورة «عيش، حرية، عدالة اجتماعية»، أم أن نظام مبارك الاقتصادى سيثبت لنا، مرة أخرى أنه ما زال يحكم ويتحكم، بنفس قواعد اللعبة الاقتصادية ولكن بفريق جديد من اللاعبين؟
هل نحن بصدد ترقيع البنية التشريعية لنظام مبارك أم إقامة قواعد صحية وصحيحة للاقتصاد المصرى؟
بهذه التساؤلات يمهد رضا عيسى الناشط فى مجال حماية المستهلك من خلال دراسة مستفيضة إلى أن التعديلات المطروحة سواء من جانب جهاز منع الاحتكار أو حزب الحرية والعدالة بمثابة محاولات لترقيع الثوب المهلهل الذى صنعته المجموعة الاقتصادية لجمال مبارك فى 2005 فيما كان يجب إعادة تقييم التجربة كلها بعد ثورة يناير المجيدة، مع الاستفادة من التطورات والتجارب العالمية فى هذا الشأن ويشير عيسى إلى احتلال مصر مركزا متأخرا فى فى مؤشر يقيس مدى كفاءة قوانين مكافحة الاحتكار أعلنه تقرير المنتدى الاقتصادى العالمى لعام 2010/2011 حيث جاءت مصر فى المركز 106 بين 139 دولة فيما سبقتها دول مثل الهند و تركيا وماليزيا وتونس والأردن والسعودية والبحرين
وبحسب عيسى فإن الجهاز ينبغى أن يكون مستقلا عن السلطة التنفيذية والتشريعية وأن يتم ترشيح رئيسه بمعرفة السلطة التنفيذية على أن يحصل على ثقة السلطة التشريعية، وأن تكون له طبيعة قضائية تمكنه من إصدار أحكام بالعقوبات، على أن تلجأ الشركات المتضررة من ذلك للاستئناف فى المحاكم المختصة.
يشير عيسى إلى أن التشكيل الحالى لمجلس إدارة الجهاز يغيب عنه تمثيل قطاع الاقتصاد التعاونى فى حين يتم تمثيل مؤسسات رجال الأعمال بشكل كبير، كما يخلو التشكيل من تمثيل حقيقى للمزارعين رغم أنهم من أكثر من عانى من احتكارات الشركات الكبرى سواء عند شراء مستلزمات الإنتاج من أسمدة ومبيدات وتقاوى، أو عند تسويق منتجاتهم.
ووفقا للدراسة، يجب إلغاء سلطة الوزير المختص فى الإذن برفع القضايا أو بدء أى إجراءات فيها. يجب أيضا إلغاء التفويض الممنوح له، أو لمن يفوضه، بالتصالح خاصة إذا كان الجهاز هو الذى يوقع عقوبة الغرامة المالية، بعيدا عن رقابة القضاء وهو ما يمكن اعتباره دعوة صريحة للفساد كما تدعو الدراسة إلى تعديل العقوبات ليتم توقيع غرامة على من يخالف القانون، بالإضافة إلى مصادرة الأرباح الناتجة عن المخالفة، وعدم الاكتفاء بمصادرة الأرباح، وذلك تحقيقا لفكرة الردع، مع تشديد العقوبات خاصة فى حالة تكرار المخالفة لتشمل الحبس أو السجن أو سحب الترخيص والكثير من الدول تفعل ذلك من بينها تايلاند والعقوبة فيها السجن من سنة إلى ثلاث سنوات وفى نيوزيلندا الغرامة تعادل القيمة الأعلى بين 3 خيارات 10 ملايين دولار أو 3 أضعاف الربح الناتج عن المخالفة أو 10% من قيمة مبيعات الشركة والشركات المرتبطة بها وفى قطر تصادر الأرباح الناتجة عن مخالفة القانون، مع فرض عقوبة شخصية مماثلة على المسئول عن الإدارة التنفيذية إذا ساهم فى المخالفة.
التجارة العادلة
وتطالب الدراسة بتعديل المادة 10 بحيث لا تعتمد فقط على تدخل الحكومة بوضع تسعيرة مؤقتة للسلع الاستراتيجية عند الضرورة، ولكن تعتمد على دعم آليات السوق الحرة العادلة، وذلك بتمكين المشاركة الشعبية للفئات العريضة فى الاقتصاد من خلال تطبيق مفهوم «التجارة العادلة» ومن أهم مبادئها حماية المهمشين اقتصاديا حتى يتمكنوا من الصمود أمام ضغوط الشركات الكبرى وإمكانياتها التنافسية الرهيبة، مقارنة بإمكانيات المزارعين وصغار المنتجين وتتحقق حماية صغار المنتجين من خلال السماح لمنظمات الفلاحين وصغار المنتجين بتحديد حد أدنى عادل لسعر بيع منتجاتهم بما يغطى التكلفة ويحقق لهم عائدا عادلا ومناسبا دون أن يعتبر ذلك ممارسة احتكارية ويتم ذلك عن طريق آلية أقتصادية دائمة تضم الجمعيات التعاونية للفلاحين وروابطهم ونقاباتهم وأيضا شباب الخريجين وأصحاب المهن الصغيرة التى تخضع لضغوط تنافسية من الشركات الكبرى، لتكون تلك الآلية هى الكيان الموازى للغرف التجارية والاتحادات الصناعية وجمعيات المستثمرين.
كما يجب أن يشمل تعديل المادة 10، تطبيق فكرة سعر البيع العادل لتصحيح الخطأ التاريخى الذى فرضه نظام مبارك الذى منع تدخل أى جهة حكومية أو إدارية فى تحديد هوامش الأرباح أو أسعار بيع السلع والخدمات، وهو ما يعنى إطلاق يد رجال الأعمال فى صناعة الغلاء.