المصريون جميعهم حضروا أمس إلى مدينة الإسكندرية، من كل فج عميق من المحافظات المجاورة، جاءوا إلى شارع بوبستس بمنطقة كليوباترا الذى قتل بداخله الشاب خالد والموجود بالقرب من منزله تأهب مبكرا على غير عادته.. شباب المنطقة أخذوا يعلقون اللافتات ويعدون العدة لإحياء الذكرى الثانية ليوم الشهيد.
شريط الذاكرة عاد للوراء على كل من عايشوا خالد سعيد ومن لم يعايشوه، الجميع تذكر أجواء الخوف والقمع الأمنى التى سادت مصر كلها وقتما قتل الشاب خالد سعيد، واكتفى كثيرون بالصمت والتضليل بينما تحمل قليلون دماءه فى رقبتهم.
الجميع يقارن الآن بين أجواء مقتل خالد سعيد وقت حدوثها وبين أجواء إعداد وتنظيم احتفالية الذكرى الثانية له بعد قيام الثورة المصرية، الجميع يردد «شكرا خالد سعيد كنت شهيد الطوارئ والآن نحيى ذكراك بدونها».
أم خالد
«قبل الثورة كنت أقول إنه لن يهمد لى بال إلا بعد القصاص من قتلة خالد، أما الآن فقلبى لن يتخلص من مرارته وألمه إلا بعد القصاص من قتلة أبنائى جميعا» بتلك الكلمات بدأت الحاجة ليلى، والدة الشهيد، تتحدث لـ«الشروق» عن مشاعرها فى هذا اليوم.
تقول الحاجة ليلى «فى هذا اليوم كان قلبى يتقطع ويصرخ ألما من قهر ضباط الداخلية وجبروتهم ووقتها كان الأمل فى الله الذى أشعرنى بأن دماء خالد لن تضيع هباء ولا أعلم لماذا كان هذا اليقين داخل قلبى ولكن كل الذى كنت أعلمه هو أن الله هو العدل» .
تكمل الحاجة ليلى «سأذهب اليوم إلى قبر خالد لقراءة القرآن على روحه ولكنى أعلم أن خالد سيكون حزينا من جراء شعوره بالظلم لعدم القصاص من قتله أشقائه أثناء الثورة المصرية».
محامى الشهيد
محمود البكرى العفيفى، رئيس هيئة الدفاع عن خالد سعيد أكد لـ«الشروق» أن الذكرى الثانية لـ«خالد سعيد» تفجر ملف المفسدين للأدلة وهم أساس النظام السابق الذى جعل الباطل حقا وشوه الحقائق حتى بات المجنى عليه متهما.
وأوضح البكرى العفيفى أن قضية خالد سعيد وكنيسة القديسين وقتل الثوار ما هى إلا حلقات مرتبطة ببعضها البعض حاول النظام السابق أن يمحى عبر رجاله فى وزارة الداخلية كافة الأدلة التى تدين تورطه فيها سواء كان ذلك عبر تحريات المباحث المضللة أو تقارير الطب الشرعى المزيفة.
وأشار البكرى العفيفى إلى أن ذكرى خالد سعيد الثانية تأتى عقب الحكم ببراءة رجال حبيب العادلى وهو الأمر الذى يجعلنا بحاجة إلى القيام بثورة محاسبة هؤلاء جميعا عن تدميرهم للأدلة ومحاسبة من تهاون فى السماح لهم بجعلهم خصما وحكما فى نفس الوقت متسائلا كيف ننتظر أن يقدم القتلة أدلة تدينهم.
وأضاف البكرى العفيفى أن قضية خالد سعيد كانت معركة حقيقية بين الخير والشر والحق والباطل، مشيرا إلى أن الفرق بين تحقق العدالة فى تلك القضية يتمثل فى أن النيابة العامة قامت بنفسها بعمل التحريات ولم تعتمد على تحريات وزارة الداخلية.
وأكد العفيفى أنه لولا قيام النيابة العامة بجمع الأدلة بنفسها عن المتهمين لما تمت محاكمتهم، مشيرا إلى حرب التضليل التى مارستها وزارة الداخلية عبر تحرياتها وتقارير الطب الشرعى.
حالة الاستعداد القصوى
رفعت القوى الثورية والوطنية بالإسكندرية حالة الطوارئ القصوى لإحياء الذكرى الثانية لمقتل خالد سعيد وسط دعوات لجعل هذا اليوم شرارة جديدة لتجديد دماء الثورة المصرية من جديد لمواصلة نضالها حتى تتحقق أهدافها.
وحتى مثول «الشروق» للطبع فقد استعدت القوى الثورية لإقامة وقفة صامتة أمام منزل خالد سعيد على طريق الكورنيش سيتم خلالها رفع صور خالد سعيد وجميع شهداء الثورة المصرية وسط رفع لافتات تطالب بالقصاص العادل من قتلة الثوار.
كما استعدت القوى الثورية لإقامة عدد من المسيرات والتى ستنطلق من وسط المدينة من بينها مسيرة حاشدة ستخرج بعد صلاة العصر من أمام مسجد القائد إبراهيم سيشارك فيها كل من حمدين صباحى وعبدالمنعم أبوالفتوح المرشحين الرئاسيين السابقين.
أسرة الشهيد تشيد بـ«الشروق»
فى الذكرى الثانية لـ«خالد» شرعت عائلة خالد سعيد فى تصوير فيلم وثائقى يتحدث فيه كل من وقفوا بجوار قضية خالد سعيد من بينهم الدكتور محمد البرادعى، وكيل مؤسسى حزب الدستور، وآخرون ومن بين هؤلاء «الشروق» التى قامت بتفجير القضية، ولم تتخل عن الدفاع عنها من أجل الحرية والكرامة والعدالة الإنسانية.