فيما شاب الهدوء الحذر أرجاء ميدان التحرير، أمس، للمرة الأولى منذ خمسة أيام، شهد مجلس الشعب جلسة ساخنة، لم تخل من المفارقات الجديدة على قاعة البرلمان، فى حين أضرم عاملان فى المجلس النار فى جسديهما، أمام البوابة رقم 4 ليصابا بحروق متفاوتة.
كانت الاشتباكات توقفت بين المتظاهرين وقوات الأمن، فى محيط وزارة الداخلية، صباح أمس، حيث تراجع المتظاهرون لمحيط ميدان التحرير، بعد محاولات عديدة من جانب نواب البرلمان والقوى السياسية، أعقبت مواجهات استمرت خمسة أيام، نتج عنها مقتل 12 متظاهرا، وإصابة مئات آخرين.
ووضع المتظاهرون حواجز حديدية على مدخل شارع محمد محمود من ناحية الميدان، وشكلوا دروعا بشرية لمنع الاشتباك مجددا مع قوات الأمن المكلفة بحراسة ديوان وزارة الداخلية، لتسود حالة من الهدوء الحذر، وتعود حركة المرور إلى طبيعتها.
يأتى هذا فى الوقت الذى تصاعدت فيه الدعوات لمليونية «جمعة التحدى»، بعد غد الجمعة، والتى تتزامن مع الدعوة لعصيان مدنى، أطلقته عديد من القوى السياسية والحزبية والثورية، فى حين أعلن حزب الحرية والعدالة، وجماعته (الإخوان المسلمين)، رفضهم المشاركة.
إلى ذلك، شهدت جلسة مجلس الشعب، أمس، تبادلا للاتهامات بين النواب، ففى حين وصف نواب زملاءهم ممن دخلوا فى إضراب عن الطعام واعتصموا داخل المجلس بأنهم «مزايدون، ويهدفون إلى البروز الإعلامى والسياسى»، رأى فريق آخر أن هناك نوابا «خانوا الثورة وباعوا دماء الشهداء».
وعقد الدكتور سعد الكتاتنى، رئيس المجلس، اجتماعا طارئا لممثلى ورؤساء الهيئات البرلمانية، من أجل الوصول إلى حالة تفاهم وتوافق حول الأزمات التى تمر بها مصر، ومنها ما شهده محيط مقر وزارة الداخلية.
وقال رئيس إحدى الهيئات البرلمانية لـ«الشروق» ــ طالبا عدم ذكر اسمه ــ الأمور تكاد تكون خرجت عن السيطرة، بعدما تبادل النواب اتهامات الخيانة والمزايدة.
وأضاف المصدر: «وصلتنى معلومات أن هناك حالة ارتباك فى صفوف الأغلبية، وأن قياديا بمكتب الإرشاد وجه اللوم لنواب الحرية والعدالة، بسبب عدم اتفاقهم على موقف واحد فى بعض القضايا».
وفى واقعة تعد هى الأولى من نوعها، فوجئ نواب المجلس بزميلهم ممدوح إسماعيل، يرفع أذان العصر داخل قاعة المجلس، ما قوبل بانفعال من الكتاتنى صارخا: «لا تزايد علينا، لست أكثر منا إسلاما».
وطلب الكتاتنى من الشيخ سيد عسكر، رئيس اللجنة الدينية، أن يدلى برأيه، فقال عسكر «إذا أراد الأذان فكان من الأولى أن يسير إلى المسجد على قرب خطوات من القاعة».
وكان مجلس الشعب خصص جلسته أمس، لمناقشة تطورات الأوضاع الأمنية، وذلك فى حضور اللواء محمد إبراهيم، وزير الداخلية، والذى نفى مجددا، إطلاق ضباطه الخرطوش على المتظاهرين، وقال: «قوات الأمن أطلقت قنابل الغاز المسيلة للدموع فقط لحماية وزارة الداخلية»، وهو ما تناقض مع تقرير اللجنة المشكلة من قبل المجلس، والتى رصدت سقوط شهداء ومصابين، من جراء تعرضهم لطلقات الخرطوش.