لماذا تشترط واشنطن على الرياض التطبيع مع إسرائيل قبل توقيع معاهدة الدفاع المشترك؟ - بوابة الشروق
الأحد 19 مايو 2024 11:13 م القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

لماذا تشترط واشنطن على الرياض التطبيع مع إسرائيل قبل توقيع معاهدة الدفاع المشترك؟

بي بي سي
نشر في: الأربعاء 8 مايو 2024 - 8:11 ص | آخر تحديث: الأربعاء 8 مايو 2024 - 8:11 ص

عاد الحديث مجددا عن احتمال تطبيع سعودي إسرائيلي، ولكن من باب مختلف هذه المرة يتمحور حول اتفاقية أمنية دفاعية مُزمع توقيعها "قريبا" بين واشنطن والرياض بحسب مسؤولين سعوديين وأمريكيين، على رأسهم وزيرا خارجية البلدين أنطوني بلينكن والأمير فيصل بن فرحان.


الاتفاقية والتطبيع


ورغم انتشار تقارير صحفية أجنبية أخيرة تحدثت عن محاولات لفصل مسار الاتفاقية الدفاعية عن التطبيع بناء على رغبة سعودية، إلا أن تقارير أمريكية استبعدت هذا الخيار وحصرته بعملية تطبيع سعودي إسرائيلي، إذ أصر مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان على أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لن تدخل في اتفاقية دفاع مع المملكة العربية السعودية إلا إذا طبعت المملكة علاقاتها مع إسرائيل، وفق آخر تصريحات له لصحيفة فايننشال تايمز.

وبات معلوما لبعضهم أن للسعودية شروطا تتعلق بعملية التطبيع أبرزها قيام دولة فلسطينية على حدود الرابع من يونيو  1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
شروط ترفضها الحكومة الإسرائيلية وهو الأمر الذي مازال يشكّل العائق الأكبر أمام أي عملية تطبيع محتملة بين البلدين.

وهنا يشرح المحلل الأمني والسياسي السعودي أحمد الركبان في مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي أنه: "لا يمكن أن يكون هناك تطبيع مع إسرائيل إلا بعد انتهاء الحرب في قطاع غزة، ولا سيما أن الرياض أوضحت في كل المنابر الدولية وفي خطاباتها الرسمية أنه لا يمكن حصول التطبيع إلا بشرط إقامة دولة فلسطينية 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، ولا يمكن للسعودية أن تتنازل عن هذه الشروط التي تتضمن أيضا عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى أراضيهم".

أنواع الاتفاقيات الدفاعية التي تبرمها واشنطن


تبرم عادة الولايات المتحدة الأمريكية اتفاقيات دفاعية مع دول حليفة، غير أن هذه الاتفاقيات ليست متشابهة لناحية البنود والالتزامات. فهناك بعض الاتفاقيات تلتزم فيها الولايات المتحدة بالدفاع عن دولة ما بشكل صارم، مثل دول حلف شمال الأطلسي "الناتو"، أو اليابان أو كوريا الجنوبية أو أستراليا.
ويشرح الكاتب المتخصص في الشؤون الدفاعية والأمنية في صحيفة فوربز سباستيان روبلن هذا الأمر قائلا إنه من الناحية النظرية، فإن «الهجوم على أحد الأطراف هو هجوم على الجميع»، لذا في حال هاجمت الصين اليابان أو في حال هاجمت روسيا بولندا، فإنه ستكون من دون أدنى شك حرب مع الولايات المتحدة الأمريكية.
وفي مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي يضيف روبلن أن هناك نوعا ثانيا من الاتفاقيات الدفاعية، كتلك التي تُوقّع مع الدول التي تربطها بالولايات المتحدة علاقات أمنية مهمة - بما في ذلك التدريب والتعاون الميداني وتوريد الأسلحة وتبادل التكنولوجيا - من دون أن يكون هناك ضمان متبادل للتحالف العسكري الثنائي، كعلاقة الولايات المتحدة مع كل من الهند أو مصر.
وهناك النوع الثالث من الاتفاقيات، وهي تُبرم مع دول من المرجح جدًا أن تدافع عنها الولايات المتحدة في أي صراع، ولكن من دون أي التزام قانوني واضح بنسبة 100٪ تجاهها، مثل تايوان.
وبحسب روبلن، فإن السعودية ترغب في رفع مستوى تحالفها مع الولايات المتحدة إلى مستوى اليابان أو حلف شمال الأطلسي لكنه يستبعد أن ينتهي الأمر باتفاقية مماثلة؛ وذلك لأن هذه البلدان توجد في بيئات أمنية مختلفة.

مكاسب للبلدين

وبحسب المعلومات المتداولة، فإن الرياض ترغب في عقد اتفاقية دفاعية أمنية مع واشنطن تضمن لها دفاع الأخيرة عنها في حال تعرضت لأي هجوم، وحصول المملكة على أسلحة أمريكية متطوّرة، فيما ترغب واشنطن في المقابل أن تضمن الرياض وقفها لمشتريات الأسلحة الصينية والحدّ من الاستثمارات الصينية على أراضيها. كذلك، من شأن الاتفاق الأمني المزمع إبرامه بين الرياض وواشنطن، أن يوسع وصول السعودية إلى التكنولوجيا النووية المدنية بطرق من المفترض أنها لن تسهّل تسليحها بسهولة.
ولكن ماذا عن الدفاع المتبادل؟ بمعنى آخر، هل ستدافع الرياض عن المصالح الأمريكية في السعودية أو في المنطقة بشكل عام في حال تعرّضت لأي هجوم؟ أم أنه تحالف في اتجاه واحد فقط؟ شرح الكاتب الصحافي سباستيان روبلن هذا الأمر قائلا إن الولايات المتحدة قد تسعى إلى توسيع المشاركة السعودية فيما يتعلق ببعض التحالفات أو الطوارئ العسكرية الإقليمية في الشرق الأوسط، ولا سيما في ظل ما تتمتع به المملكة من نفوذ مالي واقتصادي يفوق قوتها العسكرية، وهذا قد يساعد في الرغبة الأمريكية في الحد من الاستثمارات الصينية في السعودية، لكنه شكّك في مدى قبول الرياض لمثل تلك القيود المالية والاقتصادية لا سيما المتعلقة بالصين وروسيا، قائلا: "أشك في أن الضمانات الأمنية التي ينصّ عليها الاتفاق الأمريكي ستكون قوية بما يكفي لموافقة رئيس مجلس الوزراء ولي العهد السعودي محمد بن سلمان على قيود صارمة للغاية".
المحلل الأمني والسياسي السعودي أحمد الركبان وفي مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي اعتبر أن واشنطن أيقنت أن تدهور مستوى العلاقة بينها وبين الرياض في المراحل الماضية يعود إلى غياب أسلحة متطوّرة تؤمن للرياض سلامتها وأمنها في المنطقة، خصوصا بعد قرار سحب واشنطن لأنظمة الدفاع الجوي "بطاريات الباتريوت" عام 2020 من السعودية وهو ما دفع الأخيرة برأيه إلى الاتجاه شرقا نحو الصين وشمالا نحو روسيا.
مكسب آخر تتطلع إليه الإدارة الأمريكية الحالية بحسب سباستيان روبلن وهو رغبة البيت الأبيض في تحقيق "انتصار" دبلوماسي لتلميع إرث الإدارة، خصوصا قبيل الانتخابات الرئاسية الأمريكية المنتظرة، ولا سيما أن الحرب في أوكرانيا من وجهة نظره، أجبرت البيت الأبيض أيضًا على إعادة الاستثمار في العلاقة السعودية بسبب أهميتها في أسواق النفط العالمية.
وفي مقابلة مع بي بي سي نيوز عربي، يشرح د. حسين إبيش الباحث في معهد دول الخليج العربية في واشنطن أنه بالنسبة للإدارة الأمريكية الحالية، فإن جمع القوة العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية مع النفوذ المالي والثقافي والديني للسعودية في "تحالف مفتوح" هو ما تريده واشنطن حاليا، ولا سيما أن السعودية هي بمثابة "الحاكم الفعلي" في محيطها العربي. وبالتالي، ستتمكن واشنطن من خلال هذا "التحالف المفتوح" من بسط نفوذها في المنطقة العربية لتحقيق هدفين: الأول الحدّ من النفوذ الإيراني والثاني الحدّ من الامتدادين الصيني والروسي في الشرق الأوسط ولا سيما من الناحية الاقتصادية.
ويشرح إبيش هذه النقطة قائلا: "أكثر من 40٪ من الطاقة المستوردة للصين تمر عبر مضيق هرمز، ونحو 40٪ من البضائع الصينية المتجهة إلى أوروبا وأمريكا الشمالية تمر من باب المندب نحو قناة السويس، وهذه المعابر الثلاثة هي الشريان الحيوي للاقتصاد الصيني... لذا فإن السيطرة الأمريكية غير المباشرة على هذه المعابر هو ما تريده واشنطن".


موافقة الكونغرس بشروط


لا يمكن للإدارة الأمريكية وحدها أن تبرم اتفاقية دفاعية مع الرياض. فلكي يصبح الاتفاق قانونا حقيقيا، يجب أن تتم المصادقة عليه بأغلبية الثلثين في الكونغرس الأمريكي. أما من دون تلك المصادقة، فقد تلتزم الولايات المتحدة طوعًا بالاتفاقية بشكل جزئي أو كلي، ولكن في هذه الحال، لن يكون هناك ضمان بالتزام الإدارة المستقبلية لهذه الاتفاقية. وهو ما حصل مع الاتفاقية النووية مع إيران التي أبرمها الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما عام 2015 من دون حصوله على تأييد الكونغرس آنذاك، والتي انسحب منها خلفه دونالد ترامب عام 2019.
ويرى سباستيان روبلن ومعه د. حسين إبيش أنه من دون التطبيع الإسرائيلي السعودي، فمن المرجح أن تفتقر الاتفاقية إلى الدعم السياسي في الكونغرس الأمريكي للمصادقة عليها.
لذا يُعتبر إشراك الكونجرس في الاتفاقية الدفاعية بالغ الأهمية لجهة تعزيز مصداقية وقيمة أي اتفاق أمني على المدى البعيد، وهو أمر ترغب في تحقيقه الرياض لضمان استمرارية الاتفاقية بحسب إبيش الذي أشار إلى أن "الاتفاقية لن تمرّ في الكونغرس بأي شكل من الأشكال من دون المكوّن الإسرائيلي".



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك