هيكل يكتب: عن الأحكام والمظاهرات وإعادة المحاكمة - بوابة الشروق
السبت 20 أبريل 2024 8:40 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

هيكل يكتب: عن الأحكام والمظاهرات وإعادة المحاكمة

هيكل
هيكل
بوابة الشروق
نشر في: الخميس 7 يونيو 2012 - 10:50 م | آخر تحديث: الخميس 7 يونيو 2012 - 10:50 م

يوم الجمعة 1 مارس 1968 خصص الأستاذ هيكل مقاله «بصراحة» فى الأهرام حول أحداث الاحتجاج على الأحكام الصادرة ضد قادة الطيران، تحت عنوان «عن الأحكام والمظاهرات وإعادة المحاكمة!» فقال فى جزء من المقال «إن ما يشجعنى على تناول هذا الموضوع ما أحسست به وسط بعض المظاهرات التى عبرت شوارع القاهرة، ولقد التقيت فى مكتبى بوفود عديدة من طلبة الجامعات، وسمعت منهم وتحدثت إليهم طويلا وتفصيلا وتقييمى لهذه المظاهرات كما يلى»:

 

إن المظاهرات مهما كان فيها ـ بعض الأحيان ـ من جموح تعتبر فى الواقع ظاهرة صحية، وهى فى أبسط صورها تعبير عن اهتمام بالمصير لابد من تقدير دوافعه وحتى لو ثبت أنه كانت هناك محاولات لاستغلالها فإنه من الضرورى أن نفرق بين النوايا.

 

إن لمسات الجموح فى هذه المظاهرات تعكس بالدرجة الأولى شعورا عاما يهز المجتمعات العربية كلها بالقلق، وهو الشعور بتخلخل فى أسس «اليقين» الذى كان يسند كل تصوراتنا العامة قبل النكسة، وسواء كانت هذه التصورات السابقة صحيحة أو كانت مدخلة بشىء من التوهم، فلقد كنا قبل النكسة نقف على أرضية «يقين» معين فيما يتعلق باحتمالات المواجهة مع العدو الاستعمارى الإسرائيلى.

 

لكن النكسة هزت هذه الأرضية وحدث بالنتيجة تخلخل فى «اليقين» وفى وسط المراجعة والبحث عن «يقين» جديد تجرى على أرضيته المواجهة المقبلة مع العدو... فإن القلق واقع لا يمكن إنكاره.

 

ثم إننى أحسست من خلال النقاش طويلا وتفصيلا مع الشباب ـ أنهم أصحاب حق فى أسلوب تعامل أبعد إدراكا وعمقا، وقصارى ما أقوله إننى أحسست بحاجتهم إلى حقائق أوضح فى أيديهم، بأكثر من حاجتهم إلى شعارات أعلى، لها فى آذانهم مثل فرقعة السياط!

 

قدمت بذلك كله لكى أمهد به نتيجتين، أركز فيهما ما أريد الآن أن أقوله: النتيجة الأولى ـ إننى ـ برغم أى شىء ـ لست متحمسا لأسلوب التعبير بالمظاهرات خارج الجامعات. والنتيجة الثانية ـ إننى ـ برغم أى شىء ـ لست متحمسا لإعادة المحاكمة بالنسبة للقادة السابقين للسلاح الجوى! ولقد شرحت أسباب اقتناعى بهاتين النتيجتين أمام كثيرين ممن ناقشتهم طويلا وتفصيلا من شباب الجامعات وأشهد أنهم كانوا ـ قلوبا وعقولا مفتوحة ـ على استعداد للأخذ والعطاء! فيما يتعلق بالنتيجة الأولى، وهى أنى لست متحمسا لأسلوب التعبير بالمظاهرات خارج الجامعات فلقد عددت لهم أسبابى فيما يلى:

 

1 ـ إن المدخل الضرورى إلى أى بحث فى هذه النقطة، لابد أن يكون على وجه القطع هو التسليم المطلق بحق شباب الجامعات فى مناقشة كل المسائل العامة، سواء فى ذلك مسألة أحكام الطيران بجوانبها المحددة، أو غيرها من المسائل الأبعد والأشمل كقضايا البناء السياسى والاجتماعى.

 

2 ـ إن المناقشة فى ذلك كله وغيره حق للشباب، وإذا لم يتقدموا بأنفسهم نحوها فإن الواجب دعوتهم إليها، ذلك أن مشاركة الشباب فى عملية التفاعل الديمقراطى ليست مجرد أمر مرغوب فيه، ولكنها مطلوب ضرورى، ولسبب شرعى أساسى، هو أنهم أصحاب الغد الذى نحاول الآن أن نبنيه.

 

ولا تملك أى سلطة أن تعترض هذا الحق أو تعطله، بل إننا جميعا يجب أن نصونه ونحميه. وأظن أن مدير جامعة القاهرة كان صادقا فى تعبيره عن هذا الحق، عن الرغبة فى صيانته وحمايته فى نفس الوقت، حين قال لطلبته فى جامعة القاهرة: هنا فى حرم الجامعة تستطيعون مناقشة كل شىء وإبداء أى رأى وأما الخروج إلى الشارع فإنه لا يعطينا الحصانة المطلوبة... لأننا فيه لا نكون فى رحاب الجامعة، ولأننا فيه لن نكون وحدنا ولا نضمن أن تسير الأمور على النحو الذى نريده ونرضاه!



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك