«ارتباك» بهذه الكلمة لخص عدد من الخبراء السياسيين المشهد الراهن عقب إعلان محمد مرسى، رئيس حزب الحرية والعدالة، خوضه سباق الرئاسة، كمرشح احتياطى للإخوان، فى حالة استبعاد مرشح الجماعة خيرت الشاطر، وكذلك إعلان مساعد وزير الخارجية الأسبق، عبدالله الأشعل، عن ترشحه بعد ساعات من إعلان، نائب الرئيس السابق، عمر سليمان، نزوله ميدان الرئاسة.
أشرف الشريف، أستاذ العلوم السياسية بالجامعة الأمريكية، وصف المشهد بـ«الارتباك المتزايد» وقال «إن معركة الانتخابات الرئاسية ستقع بين استقطابين دينى وعسكرى». وأشار إلى إنه فى ظل هذين الاستقطابين فإن فرص مرشحى التيار الثورى فى تضاؤل واضح كلما اقترب موعد الانتخابات الرئاسية، مشددا على أهمية أن يشكل المرشحان عبدالمنعم أبوالفتوح، وحمدين صباحى، مجلسا رئاسيا ثوريا يجمعهما لتعظيم فرص فوزهما، مستبعدا أيضا حدوث هذا التحالف بسبب رفض الاثنين التنازل عن لقب الرئيس والاكتفاء بلقب نائب الرئيس.
وتابع الشريف: «عمرو موسى له فرصة كبيرة فى الوصول لجولة الإعادة لو تم إجراء انتخابات حرة نزيهة دون تدخل جهاز الدولة فيها»، أما ترشح سليمان فقال عنه «هو نازل عشان يكسب المعركة إما بالتزوير أو بانحيازه لأجهزة الدولة».
وتوقع الشريف أن تشهد الفترة المقبلة صداما بين المجلس العسكرى والإخوان بشكل مختلف عن أى سيناريو سابق داخل أو خارج مصر، وقال «العسكر يقومون الآن بتقليم أظافر الإخوان وإذا كان لابد من الصدام فإنه سيحدث»، مضيفا إنه فى هذه الحالة فإن الإخوان ستراهن على فضح التزوير الانتخابى الذى سيحدث وهو رهان صعب، حسب تعبيره.
وأرجع مصطفى كامل السيد، أستاذ العلوم السياسية، الارتباك الذى يسيطر على المشهد السياسى حاليا إلى تقاعس قادة الأحزاب عن دورها قائلا: «قادة الأحزاب أثبتوا أنهم ليسوا على مستوى المهمة التاريخية الواقعة عليهم وهى التقدم بمرشح يمكن أن يحظى بتأييد أغلب المصريين».
وتابع السيد: «القيادات أهملت فحص ملف كل مرشح قبل إعلان تأييدها له»، مضيفا: «هذا ينطبق على مكتب الإرشاد وحزب الحرية والعدالة والجماعة الإسلامية، وغيرهم».
وأشار السيد إلى أن هذا الارتباك سيؤدى لتفتيت الأصوات بين المرشحين الإسلاميين، خاصة أن أغلبهم لا يتمتع بقدر من الحضور الجماهيرى، على حد تعبيره. وفى ظل هذا المشهد، يتوقع السيد أن يحدث كذلك تفتيت للأصوات بين رئيس الوزراء الأسبق، أحمد شفيق، وعمر سليمان حال عدم انسحاب الأول، وقال: «أما عمرو موسى فستكون أمامه فرصة جيدة لأنه يمتلك ميزة أن المواطنين يعرفون اسمه، وكذلك فهو خدم فى الدولة المصرية فضلا عن تصريحاته العنترية عن إسرائيل».
نبيل عبدالفتاح، الباحث بمركز الأهرام للدراسات الاستراتيجية والسياسية، قال: المشهد الآن تحول من تنافس سياسى إلى صراع بين ذئاب سياسية تحاول الاستيلاء على الدولة.
واعتبر عبدالفتاح أن النظام القديم يحاول تجديد شبابه من خلال مجموعة تنتمى للنظام السابق عبر تركيبة من المصالح، قائلا: «هذه المجموعة لها جناحان، أولها التيار الإسلامى والآخر هى جماعة النظام القديم».
واستطرد عبدالفتاح: «الجماعة التى حملت شعارات دينية فى الحقيقة هى جماعة دهرية دنيوية أثبتت أنها تسعى لتحقيق مصالح سياسية واجتماعية للوصول للسلطة»، إلا أنه اعتبر أن هذه الجماعة «تفتقر للخيال السياسى ومن ثم فإنها تحاول أن تستحوذ على مؤسسات الدولة بعيدا عن النخبة السياسية المنتمية للنظام القديم».