يجلس محمد عاصى عضو حركة الاشتراكيين الثوريين مع رفاقه فى مدخل قبة جامعة القاهرة، يرتدى الشال الفلسطينى، ويحرص على الدقة فى حديثه عن أزمة هذا العام فى الجامعة، قائلا: «كل ما نفعله الآن هو الضغط بالاعتصام وتوصيل توقيعات الطلاب إلى الجهات الحكومية من أجل تغيير اللائحة الطلابية بشكل كامل حتى يتاح مناخ حر فى الجامعة..» بعض زملائه الاشتراكيين الموجودين حوله أعضاء فى حركات طلابية مستقلة، أما طموحه الشخصى هو: «ألا يقتصر اهتمام زملائه بالقضايا الطلابية حكرا على المنتمين إلى حركات سياسية خارج الجامعة». قبل حديثه بدقائق كان فى حوار مع زميل بنفس الدفعة بكلية الطب، ينتمى إلى جماعة الإخوان المسلمين، ودار جدل بينهما حول ضرورة مقاطعة الانتخابات القادمة التى ستتم حسب لائحة معيبة، بينما خالفه زميله الإخوانى متبنيا ضرورة دخول الانتخابات والضغط من داخل الاتحاد لتغيير اللائحة. يجلس إلى جواره زميله حسام عضو الاشتراكيين الثوريين، لكنه يرفض الحديث حسب القواعد المعمول بها داخليا فى الحركة، محيلا الحديث إلى محمد عاصى مرة أخرى: «فى العام الماضى كنا نتعرض أحيانا للتشنيع من الطلبة العابرين، وذلك بعد الثورة مباشرة، واتهامات بأننا مدعومون من حركاتنا خارج الجامعة، لكن الوضع الآن اختلف بعد ظهور مجموعات مستقلة تماما، كما أن بزوغ دور الطلبة المسيسين مثل الاشتراكيين الثوريين أو أبناء حركة مثل 6 إبريل فى الحركة الطلابية طمأن الكثيرين، أضف إلى هذا أننا أقمنا من قبل معرضا للتعريف بالاشتراكية الثورية فى مؤتمر داخل الجامعة، وهذا ما لم يكن ليحدث من قبل.. لدينا الآن حالة من التعايش مع الطالب المسيس».
أثناء حديثه يمر به زملاء ويدخلون فى حوارات جانبية أو يلقون القفشات، وما زال لدى الجميع قلق من رد فعل السلطة تجاههم فى الفترة المقبلة. يضيف محمد عاصى معلقا: «تلقينا عروضا واقتراحات بأن ندخل انتخابات جامعة القاهرة حين تبدأ، وأن نقتنص عدة مقاعد، ثم ننسحب كى نحدث فراغا ونحرج الإدارة». ما يميز محمد عاصى عن بعض الطلاب الآخرين هو انشغاله فى حركة الاشتراكيين الثوريين خارج الجامعة أيضا ضمن فاعليات سياسية، حتى إن كانت بعيدة عن العمل الطلابى التقليدى. يشير بيده إلى شباب يلعبون الكرة أمام قبة الجامعة، وبعضهم من ممثلى حركتى 6 إبريل (جبهة أحمد ماهر)، و(الجبهة الديمقراطية). فى إحدى خيام الاعتصام، يجلس سيد محمد بعيدا عن زملائه، ويدخل مباشرة إلى فكرته: «نحن مكشوفون هنا للجميع، لا مجال لتنفيذ أجندات لحركاتنا أو ما إلى ذلك، فأنا من طلاب 6 إبريل فى جامعة القاهرة، وكل ما أفعله هو أن أنسق مع الحركة فى الخارج للاستفادة من خبرتهم، لكننا نحن أهل القرار».
قبل الثورة لم يكن سيد محمد مشغولا بالسياسة أو القضايا الطلابية، إذ كان طالبا فى جامعة حلوان قبل انتقاله منذ ثلاث سنوات إلى جامعة القاهرة، اليوم يجلس مع مسئول الملف الطلابى فى الحركة كتفا بكتف، رغم أنهما كانا زملاء فى جامعة حلوان ولم يفكرا فى دخول العمل العام إلا بعد الثورة. أحد أهم أدوار الطلبة المنتمين إلى حركات وتنظيمات خارج الجامعة أنهم أحيانا ما يقومون بمهام تنسيقية بين أعضاء تنظيماتهم فى جامعات أخرى، إلى جانب انشغالهم بالتنسيق مع المجموعات المستقلة داخل جامعتهم، يقول: «الوضع هنا فى جامعة القاهرة أفضل بكثير عن جامعة حلوان على سبيل المثال، حين اتجه إلى هناك لوضع الملصقات أفاجأ أحيانا بمن يزيلون ملصقا وضعته دون خشية». كلا من محمد عاصى من حركة الاشتراكيين الثوريين، وسيد محمد من 6 إبريل (الجبهة الديموقراطية)، يطمحان أن ينمو عملهما فى المجال السياسى بعد انتهاء دراستهما، أما اليوم، فكل انشغالهما بردود الأفعال على مطالب الحركة الطلابية فى هذا العام 2012.