حمدين صباحي يكتب لـ«الشروق»: الجمهورية الثالثة.. بناء دولة الثورة (1-2) - بوابة الشروق
الإثنين 30 سبتمبر 2024 2:27 ص القاهرة القاهرة 24°

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تؤيد دعوات مقاطعة بعض المطاعم التي ثبت دعمها لجنود الاحتلال؟

صباحى يكتب عن مؤتمر «الشروق».. والدولة التى تليق بشعب مصر..

حمدين صباحي يكتب لـ«الشروق»: الجمهورية الثالثة.. بناء دولة الثورة (1-2)

حمدين صباحي
حمدين صباحي
الشروق
نشر في: الثلاثاء 11 نوفمبر 2014 - 9:37 ص | آخر تحديث: الثلاثاء 11 نوفمبر 2014 - 11:53 ص

نحتاج إلى دولة يحكمها الرشد والعقل والعلم والعمل.. لا جمهورية الخوف واليأس والظلم والكراهية

• المنطق يدعونا لتفتيت القوى المضادة للثورة ولكننا نفتت جبهة الثورة ونسجن شبابها الذين أطاحوا بمبارك والإخوان!

• مأساة أم ملهاة؟ أم هو عمى الألوان.. يقتلنا الإرهاب الأسود فنعاقب الشباب الأخضر

• تتطلب المصلحة الوطنية أوسع جبهة لبناء البلد ومواجهة الإرهاب وجنون الإخوان بالسلطة

«قيل لعمر بن عبدالعزيز: يا أمير المؤمنين، إن الناس قد تمردت وساءت أخلاقها ولا يقومها إلا السوط. فأجاب: كذبتم، فإنما يقومها العدل والحق»

• كلما سقط شهداء جدد للإرهاب من جنود جيشنا وشرطتنا مشت الجنازات فى دروب القرى المتربة وأقيمت ليالى العزاء فى النجوع الفقيرة والأحياء الشعبية.

الانتماء الاجتماعى والطبقى للأغلبية الساحقة من جنود حرس الحدود ومجندى الشرطة هو للفلاحين وفقراء المدن.

تأملوا الأب الصابر؛ فلاحًا مصريًا يرتدى الجلابية ويعتمر العمامة، منتصب القامة رغم المواجع وحرقة الفقد يقول: خذوا ابنى التانى أفدى بيه مصر.

تأملوا الأمهات بجلابيبهن السود وطرحة الرأس المنحسرة من وطأة النواح، يودعن الضنى الغالى بثخين الدمع ثم يواصلن معجزة البقاء على قيد حياة ضنينة.

من هنا ينبت الشهداء، من أصلاب الفلاحين وبطون الفلاحات. سلسال طاهر كابرا عن كابر استشهد جده فى حفر القناة وأبوه على نفس التراب المقدس فى سيناء على يد الصهاينة الأعداء. وهو الآن على يد الإرهابيين الخونة.

هم الفلاحون يروون الأرض بدمهم لتأمن مصر من خوف. ويروونها بعرقهم لتطعم من جوع.

• وعندما يغادر المعزون وينفض المأتم ويبقى الحزن؛ يعود الفلاح الذى دفع الثمن دما فى مواجهة الإرهاب ليدفع من قوته الشحيح 33% زيادة فى أسعار السماد! ويبيع حصاد شقائه من قطن وأرز وذرة بالرخيص. حتى دفع اليأس والغضب بعضهم إلى حرق قطنه!

تخلت الحكومة عن دورها فى تسويق المحاصيل وامتنعت عن إعلان السعر قبل زراعة المحصول. فضاع عرق الفلاح بين انسحاب الدولة وجشع التجار وهم المستفيد الأكبر من قرارات التسعير المتأخرة لأنها صدرت بعد أن شروا من الفلاحين بثمن بخس.

• يدفن الفلاحون أبناءهم الشهداء. ويدفن المجلس الأعلى للقضاء أبناءهم المتفوقين وحقهم المبين فى التعيين بحجة لا تجد سندا من دستور ولا قانون هى عدم حصول الوالدين على شهادة عليا!!!

هذا الجبل من الصبر والكبرياء الذى يقول خذوا ابنى التانى فداء لمصر ضد الإرهاب نجازيه بحرمان ابنه المتفوق من الحق فى التعيين فى النيابة العامة.

لم نكتف بموت ابن على يد الإرهاب بل أضفنا قطع عيش الابن الآخر بيد التمييز وكأنما كتب على الفلاح أن يكابد الويلين: موت وخراب ديار.

• أما ثالثة الأثافى فهى أن يلقى ابنه الثالث فى السجن لأنه اعترض سلميا على قانون التظاهر.

وهنا لا تسلم الطبقة الوسطى وأبناؤها الشابات والشبان من الأذى الذى يكابده الفلاحون.

فبينما واجب الوقت هو الاحتشاد كالبنيان المرصوص لندحر الإرهاب ونستأصل جذوره ونجفف منابعه ونذيقه وبال القصاص العادل؛ إذا بنا نقذف بـ23 من بناتنا وأبنائنا إلى السجن 3 سنوات إعمالا لقانون التظاهر! فى حين تتطلب المصلحة الوطنية أوسع جبهة لبناء البلد وحل مشكلاتها المزمنة ومواجهة الإرهاب والعنف وجنون الإخوان بالسلطة. نفرض قانونا ينتهك الدستور، ويمزق حلف 30 يونيو الهش، ويختار ضحاياه من أجمل وأنبل وأخلص شباب ثورة 25 يناير 30 يونيو ليرميهم إلى السجون.

وفى حين يقول المنطق والرشد السياسى وكفاءة الإدارة أن نحاصر ونفتت جبهة القوى المضادة للثورة. إذا بنا نفتت جبهة الثورة ونسجن شابات وشبابا كانوا فى الطليعة الشعبية التى أطاحت بحكم مبارك ثم حكم الاخوان!

مأساة أم ملهاة؟ أم هو عمى الألوان؛ يقتلنا الإرهاب «الأسود» فنعاقب الشباب «الأخضر».

يدمينا الشوك الذى ينبت فى سيناء فنقصف «الورد اللى فتح فى جناين مصر»!

•••

هذه عينة من وقائع ما يجرى الآن فى بر مصر.

هى وغيرها بذاتها ودلالتها تدعو إلى تمدد الشعور بالقلق وانحسار الشعور بالرضا. وتفتح الباب لأسئلة مشروعة تحتاج إلى الإجابة فى وقت تتصاعد فيه التحديات وتتباطأ الاستجابات. ويتوسع الأمن وتنكمش السياسة. وتتصدر الأجهزة التنفيذية وتنزوى هيئات المجتمع والمبادرات الشعبية. ويعلو زعيق التوصيفات الجاهزة والاحكام القطعية، وتسد قنوات الحوار المتفاعل الذى يطرح الحلول ويقترح البدائل.

• من هنا تأتى أهمية الدعوة التى وجهتها «الشروق» إلى حوار بين القوى السياسية تنظمه مشكورة بتكليف رئاسى.

وكان من الأوفق أن تقوم مؤسسة الرئاسة بنفسها لا بالإحالة ولا بالوكالة بأداء هذا الدور فهو أدعى للأخذ بنتائج الحوار.

نعم مصر تحتاج إلى حوار وطنى نأمل أن تكون مبادرة «الشروق» فاتحة موفقة له؟

• يركز الحوار، كما أوضح الداعون، على الوصول إلى توافق وطنى حول انتخابات مجلس النواب القادم بما فيها القوانين والإجراءات. وهو هدف لا خلاف على أهميته.

• لكننى أعتقد أنه قبل الانكباب على أية قضية وطنية بعينها مثل مجلس النواب، ينبغى أن نذكر بقضايا أخرى لا تقل أهمية إن لم تزدد فى مقدمتها: 1ــ مواجهة الإرهاب. 2ــ مصالحة الشباب وإدماجه. 3ــ محاربة الفساد. 4ــ حماية الحريات والحقوق الأساسية. 5ــ التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية. 6ــ التجديد الثقافى. 7ــ إصلاح وتطوير مؤسسات الدولة. 8ــ تحفيز المجتمع المدنى والعمل الطوعى والمشاركة السياسية. 9ــ العدالة الانتقالية. 10ــ السياسة الخارجية.

كما اعتقد انه لابد لنا من نقطة بدء قبل الانغماس فى مناقشة أية قضية على حدة. ونقطة البدء هى الاتفاق على الهدف الوطنى الذى نجمع عليه ونحتشد لتحقيقه. وتحديد القوى الاجتماعية والسياسية التى تصطف معه أو ضده. والسياسات التى تحدد ملامح الطريق نحو الهدف.

وهذه أهم مكونات الرؤية التى تقود العمل الوطنى فى كل مجالاته، وتنسق الاجابات المتكاملة عن الأسئلة المشروعة فى مختلف قضاياه، وتضمن تضافر الجهد الوطنى وتكامل أدوار الفاعلين من القوى الشعبية والاجتماعية والسياسية وهيئات المجتمع واجهزة الدولة. وتهيئ لاصطفاف وطنى بالوعى لا بالتعبئة.

وعندما يكون السؤال عن الرؤية الوطنية مطروحا فإن الإجابة عليه أولى، والحوار حوله أسبق لأنه المقدمة الضرورية للاتفاق فى أية قضية.

إذا كانت الرؤية غائمة وجب الجهد لإجلائها وإن كانت غائبة وجب الاجتهاد لاستحضارها. وفى هذه القضية تحديدا أعرض هذه المساهمة راجيا أن تقدم بعض الإفادة للحوار والمتحاورين.

متمثلا رأى الإمام الشافعى: «قولى صواب يحتمل الخطأ......». داعيا الله أن يهدينى، ويهدى الجميع، إلى خير القول المفضى إلى خير العمل.

•••

هدفنا بناء دولة الثورة، الجمهورية الثالثة، جمهورية 25 يناير / 30 يونيو.

الدولة الوطنية الحديثة، العادلة الناجحة، المدنية الديموقراطية، دولة الكرامة وصون الحريات العامة والشخصية، وضمان الأمان، والحقوق المدنية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية. دولة المواطنة وتكافؤ الفرص وإنهاء التمييز، وتمكين المهمشين، وتطبيق الدستور وإعلاء سيادة القانون. دولة التنمية الشاملة والعدالة الاجتماعية، واجتثاث الفساد والمحسوبية. دولة الفرد الحر المبادر، والمجتمع المشارك المراقب، والادارة النزيهة الذكية. دولة الكفاءة والمحاسبة والشفافية.

دولة الاستقلال الوطنى والقيادة العربية والريادة الافريقية والاسلامية والندية فى العلاقات الدولية. دولة السعى لقيام نظام عالمى إنسانى عادل يفصم عرى التبعية ويدعم شعوب الجنوب فى سعيها إلى التنمية والحرية.

دولة الاعتزاز بهويتنا الحضارية وإغناء ثقافتنا القومية بالتجديد والإبداع الحر، والإسهام بالتفاعل المتكافئ فى إثراء الحضارة الإنسانية.

الدولة الواثقة القادرة على تجاوز سياسات وخطاب وممارسات متلازمة الاستبداد والظلم، والاقصاء والنفى، والارهاب والعنف، والتخويف والتخوين والتكفير، واحتكار المال أو المعرفة أو السلطة أو الثورة أو الدين أو الوطنية.

دولة يحكمها الرشد والعقل والعلم والعمل والحلم والأمل.

لا هى جمهورية الخوف أو اليأس بل جمهورية الأمان والأمل، ولا دولة الظلم أو الكراهية بل دولة العدل والمحبة.

هذه هى الدولة التى تليق بشعب مصر العظيم. وتكافئ طول صبره وجسامة تضحياته ودماء شهدائه، وتحقق مطالبه المشروعة. وهى وحدها شهادة النجاح لثورة 25 يناير /30 يونيو التى بدأت لكنها لم تكتمل، ولن تكتمل إلا بالنجاح فى بناء دولة الثورة، الجمهورية الثالثة.

•••

تحديد الأهداف الكبرى للأوطان ليس اجتهاد فرد، ولا اتفاق حزب، ولا إملاء سلطة. إنها إرادة شعبية حرة ومعلنة، ظاهرة وغالبة، واضحة وموثقة.

وهذا تماما ما أنجزه الشعب القائد والمعلم فى ثورة 25 يناير /30 يونيو. وكثفها فى صياغته الآسرة المعبرة: عيش ــ حرية ــ عدالة اجتماعية ــ كرامة إنسانية.

هذا هو جوهر الهدف مهما تعددت صياغاته إسهابا أو تكثيفا. وهو هدف اكتسب شرعيته الثورية معلنا بحناجر الملايين محمولا على زنودهم العفية ممهورا بدماء شهدائهم الزكية.

ثم جاءت الوثيقة الدستورية 2014 لتضيف المشروعية القانونية إلى الشرعية الثورية عبر استفتاء أقر الدستور بالأغلبية.

• ولأن هدفنا الوطنى واضح بالشرعية الثورية ومشروعية الدستور. فإن هذا يعفى الحوار والمتحاورين، وسواهم، من الانشغال بتحديد الهدف. فما حسمه الشعب فى ميادين الثورة وصناديق الاستفتاء ليس معروضا للرأى وانما ينبغى أن يكون موضع إقرار مسبق من المتحاورين، واتفاقا ينطلقون منه، وغاية يتوجهون اليها.

ثم ينفتح الحوار ليكمل الرؤية بتحديد القوى القادرة على تحقيق الهدف والطريق الأصوب للوصول اليه، والسياسات الأنجح الكفيلة بتحقيقه وفى هذا كله تتعدد البدائل وتتجادل الاجتهادات وتختلف الآراء وصولا إلى بناء التوافقات وإقرار الاختيارات.

وهذا كله يتطلب أن يتسم الحوار بالحرية والتنوع والإبداع. بلا وصاية من حزب ولا رعاية من سلطة، فلا الوصاية مقبولة ولا الرعاية لائقة.

إنما هى الشراكة الوطنية التى تحكمها وحدة الهدف.

وعلى قدر وضوح الهدف تتضح الرؤية.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك