فى لحظة توتر فى العلاقات بين مصر والغرب على خلفية توجيه الاتهام لعدد من منظمات المجتمع المدنى المصرية والأجنبية بــ «تلقى تمويلات غير شرعية والعمل ضد مصالح مصر»، التقت «الشروق» مبعوث الاتحاد الأوروبى لجنوب المتوسط، «برناريدنو ليون»، للحديث حول عدد من القضايا الساخنة وعلى رأسها طريقة إدارة المرحلة الإنتقالية والهجمة التى تتعرض لها منظمات المجتمع فى مصر ومستقبل العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى. وإلى نص الحوار:
● باعتبارك مبعوثا للاتحاد الأوروبى لجنوب المتوسط، وتتابع التطورات فى شمال أفريقيا، ماذا ترى عند المقارنة بين تجربة الثورة فى كل من مصر وتونس؟
ــ الثورة فى كلتا الحالتين كانت متشابهة، نقطة البداية كانت واحدة، كما أن هناك اختلافات مهمة. اعتقد أن الجيش لعب دورا مهما فى كلتا الحالتين فى مصر وتونس، ورفض الوقوف ضد المتظاهرين، وكان الجيش المصرى قريبا من الناس. لكن بعيدا عن التشابهات هناك أيضا موضوع التوقيت، فالأمور تسير فى تونس بشكل أسرع وبالفعل اختاروا الجمعية التأسيسية التى انتخبت بدورها رئيس الوزراء والرئيس. لكن المهم هنا هو أن التحولين ناجحان، فمصر دولة رئيسية فى المنطقة ويجب أن تكون تجربة ناجحة أيضا، ونحن ملتزمون بإنجاح التحول الديمقراطى فى مصر.
● تحدثت عن دور الجيش، رغم أن كثيرين ينتقدون طريقة إدارته للمرحلة الانتقالية، واستخدامه العنف ضد المتظاهرين، وإصدار قوانين ضد الحريات، كيف ترى الوضع خلال الفترة الانتقالية، خاصة فيما يختص بالحريات؟
ــ لقد تطرقت إلى هذا الأمر خلال حديثى مع ممثلى الجيش، وقيل لى، أولا إنه لم تكن هناك توجيهات للجنود بالضرب، كما سمعت تعليقات منتقدة عن الشرطة وتعاملها مع المتظاهرين، وثانيا إصرار على التحقيق فى أى انتهاكات لحقوق الإنسان. اعتقد أنه الآن المهم ليس فقط إعطاء تصريحات لكن اتخاذ قرارات وتطبيقها بطريقة فعالة، وتعاون الجيش لإجراء هذه التحقيقات، ليكون جزءا من التحول.
● ناقشت مع وزير الخارجية قضية الأموال المصرية فى أوروبا، هل اتفقتم على إجراءات معينة لاتخاذها، هل تلقيتم أى طلبات من الحكومة المصرية لبدء العمل على هذا الأمر؟
ــ تلقينا طلبين من وزارة الخارجية؛ الأول أن نضع هذه القضية فى جدول الأعمال الذى نعده بين الاتحاد الأوروبى ومصر، ليكون على قمة الأجندة وربما يكون أول موضوع تتم مناقشته. وعلى المستوى السياسى، هناك رسالة قوية من مفوض الاتحاد الأوروبى لشئون الجوار للمصريين أن هذه ستكون أولوية لدينا. أما الطلب الثانى هو أنه فى أثناء إعداد جدول الأعمال، أن نبدأ فى التعامل مع هذا الموضوع فى أقرب وقت ممكن، وخلال الأسابيع القادمة سيكون هناك تعاون فنى بين المتخصصين المصريين والأوروبيين فى محاولة لاستعادة الأموال المهربة.
● هل الوقت متأخر لهذا؟
ــ لا يجب أن يكون متأخر، لقد رأينا حالات متشابهة فى عمليات التحول حول العالم، فى بعض الأحيان أخذت وقتا طويلا، وفى حالات أخرى أقل، الآن لدينا ميزة التكنولوجيا الحديثة وأتمنى أن نكون قادرين على التعامل بطريقة فعالة وقانونية لتحقيق طلبات المصريين.
بالطبع تطرقت فى مناقشاتك مع المسئولين المصريين إلى الهجمة على منظمات المجتمع المدنى، خاصة أن القضية تضم منظمة ألمانية.
● لكن ألن تؤثر هذه القضية على العلاقات المستقبلية بين الاتحاد الأوروبى ومصر، والمساعدات المقدمة؟
ــ لا يمكن أن أقول الآن كيف ستؤثر على العلاقات، اعتقد أنه من المبكر أن أقوم بهذا التقييم، ما يمكن أن أقوله إنه موضوع خطير، يثير القلق لدى الاتحاد الأوروبى، والدول الأعضاء، لذا أعتقد أنكم حققتم انجازات مهمة خلال الأشهر الماضية، من حيث الانتخابات المنظمة، والعمل على تطوير نظام الأحزاب السياسية، وقد كنت اليوم فى البرلمان، لديكم برلمان ديمقراطى يعمل، كل هذا مهم، لكن احترام المجتمع المدنى والدور الذى يجب أن يلعبه لبناء المجتمع مهم أيضا، وفى ذات الوقت أؤكد على استقلالية القضاء لكن الأمر لا يتعلق كثيرا بالقضاة لكن بالقانون الذين يعملون به.
● التقيت مع رئيس حزب الوفد ووزير الخارجية، وكلاهما تقريبا طلبا نفس الطلب وهو توجيه المساعدات الأوروبية للأوجه الاقتصادية والتنموية بدلا من مواضيع الحريات والديمقراطية على اعتبار أن المصريين حصلوا على حرياتهم بالفعل، هل تتفق مع هذا؟
ــ لا. هذا ليس الطريقة التى نرى بها الأمور، هناك قلق لدى من قابلتهم بشأن الاقتصاد، ونحن أيضا قلقون، نعتقد أنه قد يكون عنصرا مهما جدا فى التحول السياسى إذا صارت الأمور فى الطريق الصحيح أو أن يكون عائقا كبيرا إذا لم تسر الأمور فى الاتجاه الصحيح، طلب منى أن نضع الاقتصاد فى مقدمة الأولويات لدينا، وأن يكون هناك تعهد جاد من الاتحاد الأوروبى بهذا الشأن، ونحن ننوى عمل هذا. لكن فى نفس الوقت نتحدث مع كل نظرائنا بشأن الأمور السياسية لأننا نؤمن أن هذه فرصة فريدة فى تاريخ مصر.
● كان هناك حديث عن حزمة مالية من الاتحاد الأوروبى لمصر بقيمة 500 مليون يورو، شريطة إبرام إتفاقية مع صندوق النقد الدولى، ما هى شروط هذه المساعدات؟
ــ هناك طلب من الحكومة المصرية للاتحاد الأوروبى لتقديم حزمة مالية، تتضمن أيضا البنك الدولى وصندوق النقد الدولى والولايات المتحدة. وهى حزمة قصيرة الأجل، وبالنسبة للاتحاد الأوروبى الفرصة الوحيدة لبحث هذا هو أن يكون برنامج مساعدات اقتصاد كلى، وهذا يتطلب موافقة المراقبين الدوليين على التمويل، وبدون هذه الموافقة سيكون من المستحيل بحث هذه الإمكانية، لكن هذا لمخاطبة للتحديات قصيرة الأجل، وبعد هذا سيكون علينا التعامل مع التحديات بعيدة الأجل من خلال البرامج المستدامة، وهذه تكون غالبا أصعب.