تستطلع «الشروق» اليوم آراء سياسيين جاهروا بمطالب التغيير منذ سنوات بعيدة، كجورج إسحق، وبعض من شباب الثورة، الذى أصبح نائبا فى البرلمان، زياد العليمى، وأحد شباب الثورة المستمرة، الفاعلين فى دعوات استمرارها، خالد عبدالحميد، مثلما تستعرض رأى الصحفى ورئيس تحرير جريدة وطنى المهمومة بالشأن القبطى، يوسف سيدهم.
جورج إسحاق: لا أريد رئيسًا يأخذنا للعصور الوسطی
يعد جورج إسحاق من أول الأسماء التى نطقت وجاهرت بالدعوة إلى تغيير نظام حكم مبارك، فعلها فى 2005 عندما لم يكن كثيرون غيره، هو والمناضل الوطنى عبدالوهاب المسيرى ورفاق قليلون، يتجاسرون على حديث كهذا. واليوم ينظر إسحاق للسباق الرئاسى الذى سيأتى بخليفة لمبارك «خارج سياق الأسماء»، كما يقول.
«لا أريد أن أتحدث عن أسماء، أريد أن أتحدث عن مواصفات، مواصفات أريدها وأخرى لا أريدها»، يشدد إسحاق ويبدأ بما لا يريده من مواصفات: «لا أريد الرئيس الكاريزما والقائد والزعيم أبوالعيلة وكبير الأسرة، ولا أريد رئيسا له عنوان معين كأن يكون إسلاميا أو مسيحيا أو ليبراليا أو يساريا أو ما غير ذلك».
ما يريده إسحاق، الذى يمكن بحق أن يوصف بأنه من آباء دعوة التغيير فى مصر، هو «رئيس لكل المصريين، رئيس عادل ومثقف لا يفرق بين أحد من أبناء الوطن وله علاقات دولية متميزة وله خبرات إدارية واضحة لأن مصر فى حالة انهيار إدارى».
لا يعلم إسحاق إلى من ستئول الرئاسة لأن الوضع على الساحة الآن، كما يقول بأسف: «وضع ملتبس وهناك إشاعات تقول إن الرئيس القادم سيكون بالضرورة مدعوما من الإخوان المسلمين».
فالشعب المصرى، كما يصر إسحاق، يدرك ان مصر لديها مشكلات فى الأمن والاقتصاد والإدارة وأن الرئيس القادم يجب أن يساهم فى الدفع بمصر للأمام «لا أن يعود بها للعصور الوسطى»، والرئيس القادم، حسبما يضيف، «وبغض النظر عن اسمه هو ذلك الرجل الذى سيسير مع الشعب للامام»
يوسف سيدهم: أتمنى موسى أو أبوالفتوح
محرر جريدة وطنى التى تحمل هم الشأن القبطى، يوسف سيدهم، قلق من الفرز الطائفى على اساس الهوية الدينية الذى رآه ماثلا بصورة مفزعة خلال انتخابات مجلسى الشعب والشورى والذى يراه بالضرورة قادما فى انتخابات الرئاسة لأن الحالة المزاجية للشارع المصرى فى رأيه مازلت كما كانت عليه يوم انتخابات الشعب والشورى «بنسبة 80 بالمائة على الأقل».
يتمنى سيدهم رئيسا لمصر «يكون رجل دولة» ويفضل عمرو موسى فى هذا الصدد، وكان لديه ميل نحو أحمد شفيق تراجع بدرجة «لأننى أشفق عليه مما يتعرض له من استفزازات».
ويخشى سيدهم من أن يبدى جموع الأقباط وغيرهم من المسيحيين فى مصر ميلا نحو مرشح بعينه «لأن ذلك سيكون للأسف بالنسبة لهذا المرشح وصمة أنه المرشح «المسيحى» وقد رأينا من خلال انتخابات مجلس الشعب ما مثله ذلك لمرشحين مسلمين يخوضون الانتخابات تحت عنوان حزب المصريين الأحرار بسبب تصور البعض أن نجيب ساويرس هو القائم على هذا الحزب».
سيدهم يرى الرئيس القادم حاملا للعنوان المباشر للإسلام السياسى بما يعنى أنه حتى منصور حسن، المرشح المفترض أنه توافقى بين المجلس الأعلى للقوات المسلحة والإخوان المسلمين، لن يجد الدعم المطلوب من جموع الإخوان لأنه ليس إسلاميا.
ولكن قدوم الرئيس الإسلامى لا يسبب لسيدهم جزعا كبيرا لأن «القادم سيكون أمامه 8 أعوام على أقصى تقدير هذا إذا ما أحسن خدمة الشعب» ولأن المد المفضى للاختيار السياسى على الهوية، حسبما يضيف، لن يسيطر على مصر طويلا «لأن الهوية الوسطية لمصر والتى يدعمها بالأساس الدور المستنير لمؤسسة الأزهر كما يدعمها الاعتدال الكامن فى قلوب المصريين المسلمين لا بد أن يعلو فوق أى دعاوى للتشدد».
العليمى: رئيسًا للمجلس الاستشارى وليس للدولة
لا يخوض زياد العليمى، نائب مجلس الشعب، فى أسماء المرشحين المتنافسين على مقعد الرئاسة كثيرا ولا يرى لذلك أهمية كبرى لأنه مقتنع حسبما يقول إن الرئيس القادم هو «بغض النظر عن الأسماء» المرشح الذى سيدعمه الإخوان المسلمون والمجلس الأعلى للقوات المسلحة «ليكون القادم ليس رئيسا لمصر بالمعنى الحقيقى ولكن ليكون ما يمثل رئيسا للمجلس الاستشارى الذى شكله المجلس الأعلى للقوات المسلحة مؤخرا ليبدى الرأى فى بعض الأمور».
وبالتالى، يضيف العليمى، «فإن الثورة مستمرة لأن الناس ستدرك أن ما هو آت ليس سوى استمرار لما هو حادث الآن وستتحرك لإنهاء هذا الوضع ولمحاسبة كل من يحاول الالتفاف على الثورة».
خالد عبدالحميد: لم يظهر بعد
يقول خالد عبدالحميد، المناضل والناشط، إن الرئيس القادم لم يظهر بعد لأن المجلس الأعلى للقوات المسلحة والإخوان المسلمين لم يصلا بعد إلى اتفاق نهائى على الشخص الذى يمكن أن يتم تسويقه بالأساس لقواعد الإخوان المسلمين «التى من المستحيل أن يتم إقناعها تحت أى اسم بمنصور حسن بديلا عن أبو الفتوح» أو حتى لمجمل الشارع المصرى الذى يصعب أن يقتنع بمنصور حسن بديلا عن عمرو موسى «رغم أن عمرو موسى ينظر إليه فى كل دوائر الثورة على أنه من الفلول».
طرح منصور حسن، حسبما يقول عبدالحميد، ليس دليلا على أن الرجل الثمانينى قادم لرئاسة مصر بل هو دليل على أن المجلس الأعلى للقوات المسلحة يريد أن «يمارس ضغوطا على عمرو موسى لضمان مكتسبات» تتعلق بوضعية المجلس وبوضعية القوات المسلحة عموما، كما أنه «عملية جس نبض للقوى السياسية لترى ردة الفعل على طرح مرشح توافقى جديد» بعد فشل تجربة طرح الأمين العام الحالى للجامعة العربية نبيل العربى، وأيضا محاولة لإقناع قواعد الإخوان المسلمين بأن يقروا أن الرئيس القادم ليس من التيار الإسلامى وبالتالى فعليهم أن يقبلوا بمرشح له بعض الصفات المدنية وبعض الخبرات السياسية والإدارية.
فى إطار اختراقه لمختلف ثنايا المشهد السياسى يعلم عبدالحميد، وهو لا يخمن، أن النقاش مازال دائرا حول «المرشح المنتظر» الذى يمكن أن يرضى المجلس الأعلى للقوات المسلحة الذى يدير شئون البلاد منذ تنحى مبارك وجماعة الإخوان المسلمين التى حققت مكتسبات سياسية وتريد دعمها بالمساهمة المباشرة فى «تعيين» الرئيس القادم.
غادة شهبندر: هل سيكون من اختيار الشعب؟
الناشطة الحقوقية غادة شهبندر لديها مخاوف حول مصير انتخابات الرئاسة بغض النظر عن أسماء المرشحين المحتملين الذين يروجون لانتخابهم عبر الشهور الماضية أو هؤلاء الذين يتوافدون على بوابة الانتخابات الرئاسية فى الساعات الأخيرة.
تقول شهبندر إنه فى ظل الوجود الحالى للجنة العليا للانتخابات المشكلة من قبل المجلس الأعلى للقوات المسحلة وفى ظل بقاء كشوف الناخبين كما هى معدة من قبل وزارة الداخلية وبدون تنقيح ومراجعة من جهة مدنية وفى ظل المادة 28 التى تحصن قرارات اللجنة العليا للانتخابات ضد الطعون «لا أعتقد أن الرئيس القادم سيكون من اختيار الشعب».
إيناس مكاوى: التوافقيون يغيرون التكهنات
إحدى مؤسسات حركة بهية يا مصر، ناشطة مدنية ــ سياسية، إيناس مكاوى تقول إن الصورة كانت على حال قبل أربعة أيام وأصبحت على حال، متغير كل يوم، منذ أن طرح منصور حسن رئيس المجلس الاستشارى اسمه مرشحا محتملا لرئاسة الجمهورية فى إطار الحديث عن صفقات للتوافق بين مؤسسات الدولة والقوى السياسية المهيمنة.
حسن ليس الاسم الوحيد التى تبدو مكاوى قلقة من فرضه تمريرا على منصب الرئاسة المصرية فهناك أيضا الحديث عن عمر سليمان، مدير المخابرات القوى فى عهد الرئيس المتنحى حسنى مبارك، والنائب الوحيد لرئيس الجمهورية ــ استمرت مهمته عدة أيام ــ خلال حكم مبارك المستمر ثلاثة عقود.
مكاوى التى تقول إنها قبل أربعة أيام كانت تجد التنافس على مقعد الرئاسة متزايدا بين عمرو موسى وعبدالمنعم أبوالفتوح تتابع بتحسب كون أن أحمد شفيق، آخر رؤساء وزراء مبارك، أول من قام بتسجيل أوراقه مرشحا للرئاسة أمس مع فتح باب الترشح ــ وهو من أواخر القادمين لساحة الترشح الرئاسى.
التوافقيون، بأنماطهم المختلفة، والمدعمون من دوائر النفوذ على تنوعها، تقول مكاوى، لا يعبرون بحال عن الحقوق التى أرساها الشعب المصرى من خلال ثورته ومن أهمها حقه فى الاختيار وفى رسم مستقبل بلاده.
«فى اللحظة الراهنة وبينما يراجع المواطن نفسه فى بعض الاختيارات التى كان هناك فعليا (وليس على سبيل التسمية) توافق عليها سواء بحس دينى وبحس جماعى فى ضوء ما تبين عن (جدوى) هذه الاختيارات، سيكون من الصعب فرض مرشح بعينه على الشعب»، تقول مكاوى دون أن تستثنى تماما قدرات دوائر النفوذ على الالتفاف على الإرادة الشعبية ــ رغم الصعوبة المقررة لذلك.