إنه واحد من شباب يرى حلمه الشخصى تاليا وليس سابقا لحلم الوطن. تخرج فى كلية الحقوق، ولم يسع عامدا لعمل يوفر له أموالا يمكن أن تسهم فى تحسين أوضاع اقتصادية لا تمثل ما يبتغيه شاب عشرينى، بل سعى لأن يأتى عمله فى خدمة قضية العدالة. جاء انضمام احمد حشمت لمركز حقوقى يحمل اسم واحد آخر من ابناء للوطن وضعوا الوطن مقدما عن ذواتهم.. هشام مبارك ــ ذلك الذى يبقى نبراسا لأجيال من شباب مصر لم يكن لهم حظ رؤيته واستشعار غرامه القهرى بالعدل والعدالة.
يعمل أحمد حشمت، محامى الاستئناف، بالأساس فى قضايا تسعى ليس فقط لإنصاف أشخاص بأعينهم ولكن لإقرار حق عام مثل «لا للمحاكمات العسكرية» وكذلك حملة «تعالوا نكتب دستورنا».. وتلك الاخيرة معنية بتحقيق ما اغفلته ــ البعض اليوم يقول غفلته عن عمد ــ المرحلة الانتقالية من كتابة دستور يعبر بحق عن ابناء الوطن وليس القائمين عليه والمتفاوضين معهم، لأن الدستور ــ كما يقول حشمت ــ ليس حكرا على النخبة بل هو للناس كلها.
مقتطفات
● المرحلة الانتقالية كان ينبغى أن تضع صياغة دستور يعبر عن كل المواطنين، ويشارك كل الناس بصورة ما فى كتابته كأولوية أولى، ولكن هذا لم يحدث. وكل هذا الجدل الدائر حول صياغة الدستور مازال قاصرا عن استيعاب حقيقة كون ان الدستور هو وثيقة للشعب، وينبغى ان تكون معبرة عن الشعب ومكتوبة من قبل الشعب، رغم أن صياغتها حتما ستأتى من قبل المتخصصين.
● حملة «تعالوا نكتب دستورنا» بدأت قبل اشهر عندما ضعف الاهتمام بالدستور وتعرقلت كتابته مرات وتباطأت مرات أخرى عملية إعداد الدستور بسبب توالى التطورات السلبية بدءا من أحداث ماسبيرو (أكتوبر الماضى) مرورا بمحمد محمود ومجلس الوزراء (الشهرين التاليين) ثم الدخول فى دائرة انتخابات مجلس الشعب ثم التوجه نحو الانتخابات الرئاسية.
● التعامل مع مسألة الدستور من الاساس كانت غير سليمة بدءا من الاستفتاء الذى تضمن جملة من المـواد وطلب منا ان نقـول «نعم » أو «لا» عليها كلها، ثم الإعلان الدستورى، ثم التعديلات التالية على الإعلان الدستورى، وفى كل مرة كان المجلس الأعلى للقوات المسلحة يضع الشعب أمام الأمر الواقع دون أى اهتمام برأى الناس ــ ومن أهم الأمثلة المادة 28 فى الإعلان الدستورى التى حصنت قرارات لجنة الانتخابات الرئاسية، وهى مؤشر سلبى مبكر فى رأىى، وأغضبت الناس ولكنها لم تتغير.
● مشكلة محاولة احتكار الرأى عند صياغة الدستور ليست قاصرة بالمناسبة على المجلس الأعلى للقوات المسلحة ولكن النخبة أيضا تتصرف بطريقة احتكارية، ولكن ليس مثل المجلس الأعلى بالتأكيد وكان هذا واضحا فى حديث المبادئ فوق الدستورية.
● مبدئيا لازم الناس تقول احلامها وطموحاتها بالنسبة للدستور ثم تأتى مرحلة الصياغة لكن من يصوغ ليس هو من يحدد الأولويات بالنيابة عن الناس، لأن الناس هم اللى عايشين وشايفين مشاكلهم.
● الحديث النخبوى عن معرفة مشكلات الناس هو حديث غير حقيقى، لأننا نعلم أنه لا توجد معلومات مدققة ومفصلة عن حال المشكلات الاجتماعية والاقتصادية وغيرها فى مصر بالكامل بكل التنوع البيئى والجغرافى والمجتمعى فى بلد به بدو ــ مع الأخذ فى الاعتبار أن بدو سيناء غير بدو الصحراء الغربية ــ ونوبيون وغيرهم، بل إن المعلومات المتاحة لدى الكثير من الجهات المتخصصة (الرسمية وغير الرسمية على حد سواء) هى معلومات غير كاملة، وأبسط امثلة على ذلك أن لا أحد فى مصر من المعنيين (الرسميين وفى القطاع الأهلى) يعرف العدد الحقيقى لمرضى الكبد (واحد من أكثر الأمراض انتشارا) فى مصر.
● إحنا مستمرين فى الجهد بتاعنا، اوقات ننشغل بقضايا ملحة تطرح نفسها ثم نعود لهذه المهمة التى عقدنا من أجلها مؤتمرا تأسيسيا صيف العام الماضى، وقمنا بتشكيل أربع مجموعات، واحدة للعمل الجماهيرى، والثانية للبحث، والثالثة للإعلام، والرابعة للتكنولوجيا، ونحن نعمل معا من خلال اللجان الأربع لوضع تصور لاستمارة تشمل مجموعة من الاسئلة الاستبيانية نطرحها على الناس حول القضايا الرئيسية ليتم بعد ذلك جمع هذه الاستمارات وتحليلها واستخراج المعلومات والقضايا الرئيسية بها.
● فى الوقت نفسه لازم الناس تعرف إيه اللى كان فى الدساتير السابقة وليس فقط دستور 1971 ويجب أن تعرف عما جاء فى المقترحات المختلفة بما فى ذلك وثيقة الازهر، ونحن ايضا ننظر بإمعان واهتمام لهذه الوثائق وننظر فى الوقت نفسه لما تطرحه منظمات المجتمع المدنى المنشغلة بالقضايا المجتمعية الرئيسية من قضايا حتى لا يأتى الطرح نخبويا.
● اللجنة التأسيسية ــ أيا كان من سيأتى إليها ــ يجب أن تعمل فى إطار التعامل مع ما يريده الناس لأنه فى غياب التواصل مع الناس ستكون النتيجة معبرة عن اجندة اهتمامات من يشاركون فى هذه اللجنة من اسلاميين وليبراليين وبالطبع المجلس الأعلى للقوات المسلحة.. الجمعية التأسيسية، بغض النظر عن طبيعة الجدل حول المشاركة فيها وهو جدل معبر عن خلافات مهمة فى كل الأحوال، هى تأكيد للنظرة النخبوية للدستور وتجاوز لحق الناس فى أن تكتب هى دستورها ليصوغه بعد ذلك المتخصصون، ولهذا فنحن لم نسع لدخول الجمعية التأسيسية أو المشاركة فى الصراع حولها.
أظن أن عملنا سيكون بالأساس بعد انتهاء المرحلة الانتقالية التى تحمل الناس خلالها الكثير من الصراعات وعاش المجتمع خلالها الكثير من الاستقطابات وتصفية الحسابات وهى امور لم تخدم الشعب فى أى شئ بل أدت إلى تصعيدات للاستقطاب اساء لمصالح الشعب، وفى النهاية غاب الدستور وسيأتى لنا رئيس لا نعرف على أى أساس سيعمل؟ وما هى الصلاحيات التى لديه؟.
● أعتقد ان كتابة الدستور، إذا ما أريد لها أن تكون عملية جادة وفعلا معبرة عن طموحات ورغبات الناس وليس طموحات ومتطلبات المجلس الأعلى للقوات المسلحة وبعض النخب السياسية، يمكن أن تستغرق من أربع إلى خمس سنوات.