فرقت قوات الأمن البحرينية، اليوم الثلاثاء، عدة مسيرات انطلقت من قرى شيعية باتجاه دوار اللؤلؤة في المنامة تزامنًا مع الذكرى الأولى لاندلاع الاحتجاجات المناهضة لحكم آل خليفة والتي كان الدوار رمزها، فيما دعا عاهل البلاد إلى لم الشمل، والبدء بمرحلة جديدة.
وقال شهود عيان لوكالة فرانس برس: إن مئات الناشطين ارتدوا الأكفان البيضاء، ورفعوا أعلام البحرين وهم يهتفون شعارات مناهضة للحكم، خصوصًا "يسقط حمد".
وخرج المحتجون، خصوصًا من مناطق: السنابس والديه وجد حفص باتجاه منطقة الدوار التي تفرض عليها السلطات طوقًا أمنيًا مشددًا، وذكر شاهد عيان لوكالة فرانس برس أن قوات الأمن "أطلقت الغازات المسيلة للدموع والقنابل الصوتية لتفريق مجموعات استطاعات الوصول إلى نقطة تبعد 500 متر عن مدخل دوار اللؤلؤة".
ولم يتسن التأكد من مصادر طبية عما إذا وقعت أية إصابات في صفوف المتظاهرين. وكررت أفواج المحتجين المحاولة بعد الأخرى للوصول إلى الدوار، لكن دون جدوى. كما أشار شهود إلى نشر أرتال من المدرعات الخفيفة في شوارع رئيسية، خصوصًا في محيط المناطق المقريبة من دوار اللؤلؤة.
وشهدت الكثير من القرى الشيعية، منذ ساعات الصباح الأولى، مسيرات باتجاه الدوار الذي سبق أن أزالته السلطات، وحولته إلى تقاطع عادي، وأطلقت عليه" تقاطع الفاروق"، وكان ائتلاف شباب 14 فبراير المتشدد، والذي يعمل بشكل منفصل عن المعارضة الشيعية وجمعية الوفاق التي تمثل التيار الشيعي الرئيس في المملكة، أعلن عزمه العودة، اليوم الثلاثاء، إلى الدوار الذي يُطلق عليه اسم "ميدان الشهداء".
ونشر الائتلاف مشاهد مصورة لناشطين يلبسون الأكفان البيضاء، وقال: إنهم يتوجهون إلى دوار اللؤلؤة. كما نشر صورة لامرأة تقف بالقرب من منطقة الدوار رافعة إشارة النصر، إلا أن المعارضة البحرينية أصدرت، مساء الاثنين، بيانًا مشتركًا أكدت فيه أن دوار اللؤلؤة "يشكل رمزًا للحركة المطلبية ... لكنه ليس الميدان الوحيد الذي ترفع فيه المعارضة السياسية مطالبها المشروعة" في إشارة على ما يبدو إلى عدم تشجيعها إعادة الاحتجاجات إلى الدوار.
وبالنسبة للأوضاع الميدانية، أكدت جمعية الوفاق في بيان، اليوم الثلاثاء، أن قوات الأمن البحرينية أجرت مداهمات في منطقتي السنابس والبرهامة، وارتكبت جرائم مُمنهجة نفذتها قوات بحرينية وآسيوية، بدأت قبل أكثر من ساعة ولا زالت مستمرة".
وفي بيان آخر، أعلنت الجمعية أن قوات الأمن البحرينية نفذت "حملة اعتقالات واسعة" في المناطق التي تشهد توترات وتواجدًا أمنيًا مكثفًا، وعدد البيان أسماء 13 شخصًا بينهم امرأة قالت الجمعية: إنهم اعتُقلوا، إلا أن الناشط محمد مسقطي أكد لوكالة فرانس برس أن بين المعتقلين تسع نساء على الأقل، وأشار إلى أن قوات الامن تقوم "بعمليات تفتيش للداخل والخارج" من القرى الشيعية المحيطة بالمنامة.
إلا أن وزارة الداخلية البحرينية أكدت في رسالة عبر موقع تويتر أن الأوضاع "طبيعية" في البحرين. وقالت الرسالة: "تؤكد إدارة الإعلام الأمني أن الوضع العام في جميع شوارع المملكة آمن، والحياة تسير بشكل طبيعي، وتهيب بالجمهور تلقي الأخبار من مصادرها الرسمية".
ودعا عاهل البحرين، حمد بن عيسى، آل خليفة بالتزامن مع الذكرى السنوية الأولى لانطلاق الحركة الاحتجاجية إلى لم شمل الشعب البحريني، الذي يعاني من الانقسام الطائفي والسياسي، وإلى البدء بمرحلة جديدة، وقال الملك حمد في كلمة بمناسبة الذكرى الـ11 لميثاق العمل الوطني: "لا بد أن نؤكد على روح التلاحم ولم الشمل بين كافة مكونات شعب البحرين العزيز، وهو أمر لاشك أن الجميع يتطلع إلى تحقيقه".
وأعرب العاهل البحريني عن ارتياحه "لما نراه اليوم من دعوات مخلصة وصادقة من الحريصين على لم الشمل وتلاحم المجتمع وتكاتفه مع دعواتنا لهذه الجهود بالتوفيق، لتجاوز المرحلة التي مر بها وطننا العزيز، ولنبدأ مرحلة جديدة من العمل الجاد والمخلص لما فيه خير الوطن والمواطن".
كما أكد الملك على "الاستمرار في نهج الإصلاح والتطوير، والتحديث لبلدنا العزيز برؤية تقوم على ركنٍ أساسي يتمثل بمشاركة شعبية أوسع من خلال المجلس المنتخب، ليمارس دوره الأساسي في الرقابة على العمل الحكومي"، وميثاق العمل الوطني أُطلق من قبل الملك بعد توليه العرش، وأُعيد بموجبه العمل بالبرلمان المنتخب مع إدخال إصلاحات ديمقراطية جزئية، وقد أقره البحرينيون بأغلبية ساحقة في استفتاء.
وتستمر المعارضة الشيعية من جهتها بالمطالبة بملكية دستورية وبحكومة منتخبة، وبالحد من سيطرة أسرة آل خليفة السنية على الحكم، مع تأييد بقاء الملكية. ورأت قوى المعارضة في بيانها، الاثنين، أن "ما يجري في البحرين جزء لا يتجزأ من انتفاضة الشعوب العربية ضد القمع والدكتاتورية والفساد والتمييز الطائفي والمذهبي والقبلي وانتهاكات حقوق الانسان"، مؤكدة في ذات الوقت "تمسكها بسلمية الحراك السياسي".