أعلن انقلابيو غينيا بيساو، مساء الجمعة، أنهم سلموا رئيس الأركان ورئيسي الجمهورية بالوكالة والحكومة إلى عهدة الجيش، وذلك غداة اعتقالهم إثر الانقلاب الذي قام به عسكريون في هذه الجمهورية المضطربة في غرب إفريقيا.
وأكد بيان صادر عن "القيادة العسكرية" للانقلاب، الخميس الماضي، أن "الجيش يؤكد تسليمه الرئيس الانتقالي رايموندو بيريرا، ورئيس الوزراء كارلوس غوميس جونيور، ورئيس الأركان الجنرال أنتونيو إيندجاي. الثلاثة سالمون وموجودون تحت سيطرة الجيش".
وأعلن الجيش منعا للتجوال، داعيا أعضاء الحكومة المخلوعة إلى تسليم أنفسهم إلى رئاسة الأركان، مؤكدا إغلاق الإذاعات الخاصة، ومحذرا من الاستفادة من الاضطرابات للقيام بعمليات تخريب.
وبرر الانقلابيون المتمركزون في مقر قيادة الجيش خطوتهم بمعارضتهم "لاتفاق سري" بين السلطة التنفيذية في البلاد وأنغولا، ودان مجلس الأمن الجمعة الانقلاب العسكري، وطالب بإعادة الحكم إلى السلطات المدنية، وقالت سفيرة الولايات المتحدة في الأمم المتحدة، سوزان رايس، التي تتسلم بلادها الرئاسة الدورية لمجلس الأمن لشهر إبريل أن الدول الـ15 "تدين العمل العسكري في غينيا بيساو، وتطالب بإلحاح إعادة الحكم على الفور إلى السلطات المدنية".
وشددت رايس على أن الوضع على الأرض "يتحرك بسرعة"، مشيرة إلى أنه لا معلومات محددة حول مكان الرئيس الانتقالي بيريرا ورئيس الوزراء غوميس جونيور اللذين اعتقلهما الانقلابيون، وفي إعلان رسمي تم تبنيه الجمعة، طلب مجلس الأمن من العسكريين الانقلابيين "توفير سلامة الرئيس الانتقالي رايموندو بيريرا ورئيس الوزراء كارلوس غوميس"، داعيا إلى الإفراج الفوري عنهما.
كما طالب الإعلان الدولي بـ"الإعادة الفورية للنظام الدستوري والحكومة الشرعية" للسماح بإجراء انتخابات في الموعد المحدد، من جانبه، دان الأمين العام للأمم المتحدة بان كي نون "أشد إدانة" الانقلاب، داعيا الجيش إلى "الإفراج الفوري ومن دون شروط عن جميع الأشخاص المعتقلين".
وفي واشنطن، دان البيت الابيض الجمعة الانقلاب في غينيا بيساو، مطالبا بـ"الاعادة الفورية للحكومة الشرعية" في هذا البلد في غرب افريقيا. كما حذرت وزارة الخارجية الاميركية الجمعة الاميركيين الموجودين في غينيا بيساو من "حلقات عنف" بعد الانقلاب، ودعت اولئك الذين يعتزمون زيارة هذا البلد الى اجراء "تقييم جيد للوضع" قبل السفر اليه.
وفي اوتاوا، ندد وزير الخارجية الكندي جون بيرد الجمعة بالانقلاب العسكري في غينيا بيساو، داعيا منفذي الانقلاب الى مغادرة الحكم، ومطالبا بالافراج عن الرئيس الانتقالي. وتأتي هذه التطورات في غينيا بيساو بعد ثلاثة اسابيع من انقلاب مالي. وكانت ترددت شائعات عن حدوث هذا الانقلاب منذ ايام مع اقتراب الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية المقررة في 29 ابريل في هذا البلد الذي يعيش حالة عدم استقرار مزمنة.
وقد بدا الانقلاب مساء الخميس بالهجوم على مقر غوميس جونيور، الرجل القوي في السلطة التنفيذية والاوفر حظا للفوز في الانتخابات، الذي هوجم منزله بالقذائف في الوقت الذي كان يبسط فيه العسكريون سيطرتهم على الاذاعة الوطنية وعلى المدينة. وقالت زوجة غوميس لفرانس برس ان "العسكر اعتقلوه الخميس واقتادوه في سيارة بيك ابك انطلقت به الى جهة غير معروفة"، وذلك لدى عودتها الى منزل الزوجية لنقل بعض الاغراض.
وقد شهد الرئيس بيريرا المصير نفسه، وقال احد حراسه ان "العسكر جاؤوا وطرقوا الباب وكشفوا عن هوياتهم فخرج الرئيس بيريرا ليفتح البوابة فقالوا له انهم اتوا يطلبونه، فلم يبد الرئيس اي مقاومة"، وكان الجنود عززوا الجمعة وجودهم في الشوارع وسيروا دوريات راجلة بدلا من دوريات سيارات البيك اب. وتمركز بعضهم امام وزارتي المالية والعدل ومقر الحزب الافريقي لاستقلال غينيا بيساو والراس الاخضر (الحاكم) في وسط المدينة.
وقال مصدر دبلوماسي في بيساو ان "العسكر ينتشرون في كل مكان ويمنعون المرور في بعض المحاور، والاذاعات لا تعمل"، واستانفت البث بعد ظهر الجمعة، لكنها لا تذيع سوى الموسيقى وبيانات الجيش، في المقابل لا تزال باقي الاذاعات متوقفة عن العمل.
ويخضع مقر الرئيس كارلوس غوميس في العاصمة والذي اخترقته قذيفة لحراسة رجال مسلحين، وصباح الجمعة تجمع نحو مائة متظاهر شاب امام المنزل للتعبير عن "تضامنهم" مع غوميس، الا ان الجنود فرقوهم ومنعوا المرور في المنطقة، ولم تشر مصادر في المستشفيات إلى وقوع ضحايا حتى الان.
وكان اعضاء قيادة الجيش اتهموا مؤخرا الحكومة بالسعي الى الحصول على تدخل انغولي "تحت رعاية الاتحاد الافريقي"، والاثنين اعلن وزير خارجية انغولا جورج شيكوتي قرب سحب القوة الموجودة في غينيا بيساو منذ 2011، والتي لم يعلن رسميا عن عدد افرادها وان كانت تضم على الاقل 200 عنصر وفقا لمصادر متطابقة، وقال مسؤول سياسي ان "صعوبة هذه المسالة تكمن في ان الانقلابيين لا يكشفون عن وجوههم او طموحاتهم على الاقل حتى الان".