- لدينا خطط حتى 2050 للحفاظ على الوضع المائى مستقرا.. رغم عجز الـ20 مليار متر مكعب
- نعكف على دراسة تأثير التغيرات المناخية على مواردنا المائية
- شبكة الترع تستوعب 700 ألف من الأرز فقط.. ونسمح بزراعة مليون فدان لتغطية الاحتياجات المحلية
في الرابع عشر من شهر أبريل المنقضي، عيَّن وزير الموارد المائية والري، محمد عبد العاطي، رئيس قطاع تطوير الري، رجب عبد العظيم، وكيلًا للوزارة، معهدا إليه مجموعة من المهام والصلاحيات الواسعة، من بينها: معاونته في مباشرة اختصاصاته، والإشراف على الخطة العاجلة والاستراتيجية للوزارة وبرامجها، إلى جانب الإشراف على المشروعات القومية الكبرى المعنية بها، فضلا عن التنسيق بين جهات الوزارة المختلفة فيما يتعلق بالخطط والسياسات المائية، وإصدار القرارات واتخاذ الإجراءات التي من شأنها تحقيق الأهداف الاستراتيجية للوزارة.
وفي حواره مع «الشروق»، عبر رجب عبدالعظيم وكيل أول وزارة الرى عن خشيته من تعرض مصر لسلسلة من السنوات العجاف مائيا، فى ضوء الإيراد الشحيح لنهر النيل هذا العام، لكنه أكد أن الوضع المائى مستقر فى الوقت الراهن، رغم الفجوة بين الموارد والاحتياجات، المقدَرة بنحو 20 مليار متر مكعب.
وشدد عبدالعظيم على ضرورة زيادة حصة مصر من مياه النيل، من خلال اسئتناف بعض المشروعات المتوقفة مع دول أعالى النهر.
كما تحدث عبدالعظيم عن تأثير التغيرات المناخية على مواردنا المائية وعن آخر ما توصَلت إليه الخطة العاجلة لحماية غرب الدلتا، ولا سيما الإسكندرية والبحيرة، من تكرار سيناريو الشتاء الماضى؛ جرَاء الأمطار الغزيرة، التى تعرضتا له..
وإلى نص الحوار:
* بداية.. كيف تصف الوضع المائى المصرى فى ضوء التحديات التى نواجهها؟
ــ أمامنا تحدٍ كبيرٍ يتمثل فى ثبات حصتنا من مياه النيل منذ عام 1959، تضاعف من حينها عدد السكان، واتسعت خلالها الرقعة الزراعية بأكثر من ثلاثة ملايين فدان، وزادت فيها احتياجات الصناعة ومياه الشرب؛ ومع ذلك لا يزال الوضع المائى مستقرا بفضل جهود مهندسى وزارة الرى المخلصين، الذين يجوبون 53 ألف كيلو متر من الترع والمصارف ليل نهار للتأكد من سلامة وكفاءة الشبكة.
كما لدينا خطط موضوعة من قِبل وزارة الرى حتى سنة 2050 للحفاظ على الوضع المائى مستقرا، وفقا لمجموعة من السياسات المبنية على تقدير الفجوة ما بين الاحتياجات والموارد المائية، وهذه الخطط ترتكز على ثلاثة محاور، هى: تنمية الموارد المائية سعيا لزيادتها، وترشيد الاستخدامات المائية، ومكافحة التلوث.
* كيف تواجهون الفجوة المقدَرة بنحو 20 مليار متر مكعب بين الموارد والاحتياجات المائية؟
ــ نعمل على ترشيد الاستخدامات المائية والتوعية بالترشيد والتوسُع فى استغلال المياه الجوفية وحصاد مياه الأمطار والسيول، إلى جانب إعادة استخدام مياه الصرف، وهنا أشير إلى أن كل نقطة مياه تخرج من السد العالى، تستخدم أكثر من مرة ــ قد تصل إلى 5 مرات. ومع هذا هناك ضرورة لزيادة حصتنا من مياه النيل، بالتنسيق مع دول أعالى النيل، عن طريق استئناف واستكمال المشروعات التى تمت دراستها فى السابق.
* هل من مشاورات تتم حاليا فى هذا الشأن؟
ــ هناك مشروعات وخطط مطروحة منذ فترة طويلة لزيادة إيرادات نهر النيل، لكنها توقفت ولم تكتمل، فلا بد من الاستمرار فى التفاوض مع هذه الدول لاستئناف العمل بهذه المشروعات، فالمياه متاحة بوفرة ومع ذلك لا يصلنا من إيراد النهر إلا 5 % من مجموع هذه المياه المتساقطة على دول أعالى النيل، ومصر تسير حاليا فى طريق زيادة التعاون مع دول حوض النيل.
* لكن حديثك يتزامن مع مخاوف متزايدة من تهديد سد النهضة على حصتنا المائية؟
ــ هناك قائمون على هذا الملف، لكن ما أؤكده أن هناك سياسة مائية لاستغلال الحصة المائية أفضل استغلال، وتعظيم الاستفادة من كل قدرة مياه متاحة.
* ما صحة الحديث عن انخفاض إيراد نهر النيل هذا العام؟
ــ هذه طبيعة نهر النيل، وهيدرولوجيته، تأتى مجموعة سنوات عالية الإيراد، وثانية متوسطة، وأخرى شحيحة الإيراد، ولذلك كان بناء السد العالى ــ بعد تحليل لفيضان النهر خلال 100 سنة سابقة ــ لتخزين المياه فى السنوات عالية الإيراد لتستخدم فى السنوات شحيحة الإيراد.
إيراد النيل هذا العام ضعيف، ففيضان هذا العام جاء شحيحا، ونخشى أن تكون بداية سلسلة لسنوات عجاف شحيحة الإيراد، وإلى الآن ليس لدينا معلومات، لكن الأجهزة المسئولة عن التنبؤ داخل الوزارة تدرس الأمر.
ونشير إلى أن سنوات الثمانينيات شهدت شحا فى إيراد النهر، نحو 7 سنوات، وقدرت مصر أن تعبر هذه الأزمة، بفضل استباقنا للأحداث والخطط التى كانت موضوعة لسنوات طويلة.
* وما هى خطتكم لترشيد الاستهلاك من المياه؟
ــ بدأنا فى حملات توعية؛ فلا بد وأن يعى الجميع ويهتم بمشكلة المياه فى مصر، القائمون على إدارة المياه والمستخدمون لها، ولزاما علينا جميعا الحفاظ عليها، وقد نظمنا ندوات لممثلين عن الفلاحين والمزارعين، رؤساء روابط محافظات الجمهورية جميعا للتوعية بالتحديات وكيفية التعامل معها.
كما وقعنا بروتوكولات تعاون مع وزارتى التربية والتعليم، والشباب والرياضة الأوقاف والكنيسة؛ لمشاركة رجال الدين بخطابهم للحث على عدم إهدار المياه أو تلويثها، والحفاظ على المياه.
* تمثل زراعة الأرز صداعا سنويا كونه يستهلك كمية كبيرة من المياه.. كيف ستتعاملون مع زراعات الأرز المخالفة؟
ــ إحدى الآليات الموضوعة لترشيد الاستهلاك، هى تحجيم أو تحديد المحاصيل الشرهة لاستخدام المياه، مثل الأرز، الذى حددت الدولة لزراعته هذا العام مليونا و76 ألف فدان، مع الوضع فى الاعتبار أن شبكة الترع مصممة لتتحمل 700 ألف فدان فقط، لكن بمزيد من الجهد المضاف على كاهل المهندسين والمتابعة المستمرة؛ يتم استيعاب المساحة المقررة، التى تغطى الاحتياجات المحلية وأكثر.
كما يتم التنسيق مع الوزارات المعنية فى الدولة لمواجهة زراعات الأرز المخالفة؛ فهناك تنسيق مع وزارة الزراعة، التى تبلغنا بمواقع المساحات المخالفة؛ لتتم إزالتها فوريا وتوقيع الغرامة المنصوص عليها فى القانون، إلى جانب التنسيق مع وزارة الصناعة والتجارة لوقف تصدير الأرز.
* تستهلك الزراعة حوالى 85% من الموارد المائية.. فما خطتكم لتطوير أنظمة الرى؟
ــ هناك مشروعان جارٍ العمل بهما لتطوير الرى، أولهما: فى الأراضى القديمة، التى تروى بالغمر منذ زمن، عن طريق مسقى ترابية مكشوفة، مشترك عليها عدد من المنتفعين، ويتم تطوير هذه المساقى عن طريق خطوط مواسير مدفونة تحت الارض الزراعية، وماكينة رفع تضخ المياه داخل هذه المواسير، ويتم توصيل محبس لكل منتفع على أرضه، وبالتالى نوفر على المزارع تكاليف الصيانة، التى كانت تطلبها المساقى القديمة، وكذلك وقت الرى، وتكاليفه بنحو 50%، وقد ثبت من الدراسات أن هذا المشروع يزيد الانتاجية بنسبة تصل إلى 12%، وكذا زيادة مساحة الأراضى الزراعية من خلال ردم المسقى القديمة وزراعتها، فضلا عن ترشيد المياه المستخدمة فى الرى ومنع التسرُب.
أما المشروع الثانى فخاص بالأراضى الرملية المستصلحة حديثا على حواف الوادى والدلتا، وتلك مقرر لها قانونا الرى الحديث، ويستهدف المشروع إرجاع الأراضى المروية بالغمر إلى الرى الحديث.
* فى ظل التغيرات المناخية التى تحدث فى العالم ما هو تأثيرها على الموارد المائية فى مصر؟
ــ أجرينا دراسات حول هذا الأمر، وهناك تأثير واضح متفق عليه، فمع الارتفاع المتوقع لدرجة حرارة الأرض بنحو درجة مئوية خلال المائة سنة المقبلة سيزداد منسوب سطح البحر، وهيئة حماية الشواطئ ــ إحدى هيئات الوزارة ــ تقوم بإجراءات لحماية الدلتا من جراء ذلك.
ومن المتوقع ايضا أن يتسبب ارتفاع درجة الحرارة إلى استهلاك المحاصيل لكمية أكبر من المياه، ووزارة الزراعة هى الجهة المنوط بها وضع الإجراءات اللازمة لمواجهة ذلك، ومنها: استنباط أصناف وسلالات تتحمل العطش وارتفاع درجات الحرارة، كما تفعل حاليا باستنباط أصناف من الأرز والقمح عالية الانتاجية وأقل فى استهلاك المياه.
أما ما يتعلق بالموارد المائية لنهر النيل؛ فهناك درجة من عدم التقين بشأن تأثير التغيرات المناخية سواء بالزيادة أو النقصان، وتعكف الدراسات والابحاث على تدقيق البيانات حاليا.
* إلى أى مدى صحة ما يتردد عن غرق الدلتا، أو أجزاء منها، بعد 100 سنة؟
ــ حددت الدراسات بعض المناطق ومساحات معينة التى قد تتأثر نتيجة ارتفاع منسوب مياه البحر، منها فى وسط وغرب الدلتا وبمحافظة الإسكندرية، وتم تحديد هذه المناطق على خرائط، وهيئة حماية الشواطئ، بدعم من الدراسات والبحوث المستمرة التى يقدمها معهد بحوث الشواطئ، يتم اتخاذ التدابير اللازمة لحماية هذه المناطق، وهناك تنسيق وتبادل للخبرات مع الدول الأخرى، خاصة المطلة على البحر المتوسط، سواء فى أفريقيا أو أوروبا.
* هل التدابير الحالية كافية لحماية المناطق المهددة من الغرق، أم أن الخطر ما زال قائما؟
ــ يمكننا التغلب على المشكلة، إذا ما وضعنا إجراءات مواجهتها، ونحن الآن ندرس وندقق البيانات لوضع الحلول المناسبة، وهذه الدراسات مستمرة وتحدَث باستمرار، وهناك بيانات الآن كافية، وهناك رصد مستمر للتغيرات فى مناسيب البحر.
* أين وصلت الخطة العاجلة لحماية غرب الدلتا من تكرار سيناريو الغرق بالأمطار الغزيرة؟
ــ جارٍ الانتهاء من الأعمال المطلوبة كافة، وسيتم الانتهاء منها قبل الشتاء المقبل، لتصبح غرب الدلتا، ولا سيما الإسكندرية والبحيرة، مؤمنة من مخاطر الأمطار.
* أين وصل مشروع تنمية سيناء الهادف لزراعة 400 ألف فدان؟
ــ تم الانتهاء من نحو 90 % من البنية الأساسية المطلوبة للمشروع، وعندما يتم الانتهاء من منطقة معينة يتم ضخ المياه إليها لبدء الزراعة، ويتم بالفعل زراعة نحو 50 ألف فدان حاليا.