(1)
المكان: الطريق الدائري.
الزمان: الشهر الأول من ليالي حظر التجول.
تأمّل عقيد الجيش كارنيه نقابة الصحفيين لثوانٍ قبل أن يبتسم بمودّة ويشير لنا بالمرور من الكمين.
تقدمت سيارتنا وسط عشرات سيارات النقل التي تقرر لها المبيت.. نصل إلى نهاية الكمين حيث يستوقفنا نقيب وجنوده.. نعيد إظهار الكارنيه فيقول:
ــ ممنوع يا أساتذة.
ــ العقيد قال لنا نعدّي.
يرتبك.. ثم يطلب منّا النزول للذهاب إلى العقيد في أول الكمين.. أذهب مع صديقي للعقيد فيبتسم لنا بود- ثانية- ويخاطب النقيب قائلا:
ــ الصحفيين استثناء.. ده شغلهم.. سيبهم يعدّوا.
بدا النقيب متضررا كأنه خسر معركة شخصية لا أعرفها، تركناه وترجّلنا حتى وصلنا إلى آخر الكمين، وفور أن استقللنا السيارة اقترب منا أحد الجنود وقال بحسم:
ــ سيادة النقيب قال لكم ممنوع.
تذكرت نصائح والدي لي بعدم سب والدة أي شخص مهما فعل فلم أرد.. بينما قال له صديقي بعصبية:
ــ هم قالوا لنا قدام نعدّي.
نظر لنا الجندي بشك.. ثم قال بلهجة داهية لا يمكن خداعه:
ــ بسيطة.. نروح للعقيد.
نعاود الذهاب للعقيد للمرة الثالثة فيبدو منزعجا من تكرار ظهورنا، ويصرخ في الجندي مشيرا إلى الجنود الذين يستوقفون السيارات التي سمح لها بالمرور:
ــ إيه اللي موقّفهم هناك.. قول لهم يرجعوا.
يرتبك الجندي لصراخ قائده، ويجري بسرعة من أمامه لتنفيذ الأمر، وفور وصولنا للسيارة يلتفت لنا قائلا:
ــ جبت لنا الكلام يا أستاذ.. ارجعوا لو سمحتم.. العقيد بنفسه قال لي قدامكم إيه اللي موقفكم قدام.
انتباتني هيستريا ضحك.. بينما تقافز صديقي، وتحولت عصبيته لجنون وهو يصرخ:
ـ يا دين أمي.. بيقول لكم انتم ارجعوا.. انتم اللي ترجعوا.
(2)
45 دقيقة كاملة مرت منذ لحظة "اتفضلوا عدّوا".. وحتى تمكنّا من المرور بالفعل.. في النهاية عبرنا الكمين، وخلال رحلة العودة للمنزل وجدنا أنفسنا نتحدث عن أصدقائنا الذين قرروا الهجرة من البلد.
المنع سهل.. من لا يفكرون يميلون له.. المنع لا يجعلك تتحمل مسؤولية أمام رؤسائك.. والجندي بالضرورة يخاف من تحمل مسؤولية القرار.. لذا فستون عاما حكمنا فيها الجنود لم يحدث أي ابتكار ولا تقدم.
(3)
اربط الحزام.. وتأهب.. فسنرتطم قريبا بالحائط.
(4)
"توقف حركة القطارات تسبب في معاناة أهالي الصعيد في السفر من القاهرة إلى محافظاتهم".
هكذا يصف اللواء عادل زكي، مدير إدارة مرور أسيوط، ما يحدث في الوطن تحت إدارتهم.
خسائر توقف القطارات إلى الصعيد المستمر حتى الآن تجاوز 250 مليون جنيه، وفقا لنائب رئيس نقابة العاملين بالسكك الحديدية، وعشرات آلاف الأسر في الصعيد حُرموا من قضاء العيد مع ذويهم في بلدانهم.
بشر مثلنا.. لكن أحدًا لا يهتم بأبسط حقوقهم في التنقل، فهم فقراء لا يرتدون ملابس لونها كاكي.
الإعلام لا يتحدث عن هذا.. وأزمة هذا الوطن أن إلغاء البغاء في الأربعينات لم يجرم الأشكال الأهم من البغاء.
(5)
لو أن بغلة عثرت في العراق.. بسيطة.. سأخبرهم أن الحرب على الإرهاب السبب.
(6)
ما حك جلدك مثل ظفرك.. فلتتولّ الإمارات جميع أمرك.
يقول منصور آل نهيان نائب رئيس وزراء الإمارات: "الدعم العربي لمصر لن يستمر طويلا، وعلى مصر التفكير في حلول مبتكرة".
حلول مبتكرة.. أعتقد أنها الصياغة المهذبة لجملة "انزلوا شوفوا لكم شغلانة".
(7)
استمع لي..ثم نظر إليّ طويلا بغباء قبل أن يسألني:
ــ أنا مش فاهم.. يعنى انت مع الجيش الوطني ولا مع الإرهاب؟
(8)
كلما أسأت الظن بالحكم العسكري تكتشف أنك كنت تحسن الظن بهم..
من أرسلوا بيانا غير رسميّ وتم تعميمه على وسائل الإعلام، يبدون فيه اعتراضهم على أولى حلقات باسم يوسف، لأنها تسببت في "انخفاض الروح المعنوية لرجالهم" يقولون الآن إنهم فوجئوا بإيقاف البرنامج.
قول والمصحف؟
(9)
كيف نَبَتَ في وادينا الطيب كل هذا الكم من صور كمل جميلك؟
من كانوا يشتركون في طفولتهم لشراء "خرزانة" للأستاذ ليضربهم بها.. كبروا الآن وأصبحوا رجالا، ويريدون ترشح وزير الدفاع للرئاسة.
من طالب بالتفويض لصد الإرهاب المحتمل أصبح في عهده الإرهاب غير محتمل.. ومن يعتمد الاقتصاد في أيامه على دعم الخليج بعد انهيار الاستثمار والسياحة، يروج أنصاره لتتويج الفشل الاقتصادي بقيادة البلاد سياسيا في المستقبل.
- البعض يقدم خطابا عاطفيا.. لكن الحب مات بسبب البنات.
يحاصرنا الفشل والفشل المضاد، يريدون إقناعنا بأن نزلاء تنظيم محمد بديع للأمراض النفسية والعصبية، الذين فضّلوا كل ما يحدث الآن على أن يفشل رئيسهم في انتخابات رئاسية مبكرة يشكلون خطرا حقيقيا.. ويريدون إقناعنا بالصمت، لتبقى البلد لعقود رهن الخوف من تيار أقصى طموحه السياسي أن يهتف في مظاهراته باسم دولة اسمها غانا ليغيظ المصريين.
حقوق بسيطة في التنقل ممنوعة واقتصاد قائم على دعم خليجي وحريات تقمع.. لكنهم ينوون دعم مَنْ فشل للرئاسة، وكلنا نعلم أن ياسمين الخيام تسببت في الكثير من الأذى عندما غنت «يا رب كتر أفراحنا وعلى أد نيتنا إدينا».
فليبارك الرب خطواتكم.. ولتصحبكم السلامة..
GO TO HELL
للتواصل مع الكاتب عبر فيس بوك:
https://www.facebook.com/shorouknews
اقرأ ايضا