فى عزبة الورد بحى الشرابية، تعودت الطفلة هنية (9 سنوات) أن تدير شئون حياتها وشقيقها عقب انفصال الأب والأم وانسحابهما المفاجئ من حياتهما، يقيم الوالدان فى حجرة قريبة من مقر إقامتهما، وتقف هى مع أخيها محمود على بعد خطوة من مجتمع الشارع، الذى قد يغير مستقبلهما تماما. «أطفال فى خطر مقابل أطفال الشوارع «مفهوم جديد لشريحة من الأطفال مهددون بأن يزج بهم فى الشارع وهو المفهوم الذى تتبناه الهيئة المصرية لقرى الأطفال (S.O.S) فى برنامجها الجديد لتمكين الأسرة.
تمهيدا للقضاء على ظاهرة الأطفال المحرومين من المأوى فى غضون 5 سنوات. تعتمد الفكرة على حفظ هؤلاء الصغار فى كنف أسرهم أو فى منازلهم قبل أن ينخرطوا فى مجتمع الشارع. تقول منال بدر، المدير الوطنى للمشروع «يعمل مشروع تمكين الأسرة على مستوى العالم من خلال 575 برنامج تم اختيار برنامجين منهم للعمل فى القاهرة والجيزة والإسكندرية، هناك معايير محددة لاختيار هؤلاء الأطفال فهم إما أنهم يعيشون بمفردهم بعد زواج كل من الأم والأب أو أنهم يعيشون فى كنف أحد قطبى الأسرة، وعادة ما يكون الأم. تكشف الدراسات الميدانية لبرنامج تمكين الأسرة منذ عام 2004 عن أسباب تدفع بهؤلاء الأطفال إلى الشارع، أهمها: التفكك الأسرى، وغياب دور الأب، والعنف المدرسى والأسرى، والفقر المدقع، والتسرب من التعليم. صمم البرنامج كى يتعامل مع تلك المعطيات على أرض الواقع. وقد وصل عدد ألأسر التى استفادت من البرنامج إلى 333 اسرة فى القاهرة مقابل 70 أسرة فى الإسكندرية ،نجحت قرابة 150 أسرة منهم فى الاستقلال بذاتها وزال تدرجيا هاجس نزول الطفل للشارع.
هناء، أرملة، ثلاثينية، هى أحد تلك الوجوه التى استفادت من المشروع تقول: «تعليمى متوسط، بعد موت زوجى كانت موارد الأسرة ضعيفة للغاية، لكنى تمكنت من إقامة مشروع خاص للطهى وقمت بتسويقه من خلال معارض الجمعيات وهكذا ضمنت لأسرتى دخل إضافى. وكان تدريبى على التعامل مع تمرد الأطفال فى سن المراهقة عاملا مساعدا فى التعامل مع ابنى، والحد من فرص لجوئه إلى مجتمع الشارع حيث هامش الحرية أوسع».
يعمل البرنامج وفقا لآليات شراكة مع ستة جمعيات أهلية تمثل الوسيط مع الأسر فى المناطق المختارة (أحياء عشوائية وفقيرة) بحيث يعطى البرنامج كل جمعية دعما ماديا وفنيا، وتعمل الهيئة المصرية لقرى الأطفال (S.O.S) إذن من خلال منظمات المجتمع المدنى فى تلك المناطق المختارة على تدعيم موقف الأسرة المادى والفكرى وتزويدها بمعلومات تساعدها على أن تقى ذويها من مصير الشارع .
يواجه المشروع فى المجتمعات التى يعمل بها مجموعة من التحديات، على رأسها رغبة الأفراد فى الحصول على الخدمة دون تعب. مما يزيد الأمر تعقيدا أن هناك مؤسسات دينية وأحزاب تعمل فى هذه المناطق بنفس منطق «الصدقة « على حد تعبير منال بدر. لذا يكمن التحدى الأكبر هنا فى تدعيم فكرة الخدمة مقابل العمل. «هناك قروض حسنة دوارة يتم تداولها من منزل لآخر لإقامة مشروعات صغيرة على أن تسدد قيمتها لصالح الجمعية الأهلية التى من المفترض أيضا أن تقيم مشروعات للاستقلال الذاتى» هكذا تختتم منال بدر حديثها.