احتفلت حركة 20 فبراير المعارضة في المغرب بمرور عام على تأسيسها، بتنظيم مسيرات حاشدة أمس الأحد، في مختلف المدن المغربية ومنها الرباط والدار البيضاء.
ومع حلول الذكرى الأولى لتاسيس الحركة يصر أعضاؤها والمنضوون تحت لوائها، على أنها سلمية وأن المطالب لم تتغير وهي الكرامة والحرية والديمقراطية ومكافحة الفساد.
وقال محمد العوني، المنسق العام للمجلس الوطني للتضامن مع حركة 20 فبراير خلال مسيرة في الرباط: "أكدت حركة 20 فبراير طيلة هذه السنة أنها حركة بنفس طويل. وهذا النفس سيستمر. ولن ننتظر من الحركة ولن تنتظر الحركة من نفسها إلا المزيد من الالتحام، مع مطالب فئات واسعة من الشعب المغربي وتحقيق المطالب. والمطلب الأساسي هو الديمقراطية كاملة غير منقوصة."
وكان آلاف من أبناء وبنات الجيل الجديد في المغرب قد خرجوا إلى الشوارع يوم 20 فبراير 2011؛ للمطالبة بإصلاحات ديمقراطية، ونتيجة لذلك أجرى العاهل المغربي، الملك محمد السادس، تعديلات في الدستور أقرت في الأول من يوليو تموز، كما أطلق عملية إصلاح بدأت تغير المشهد السياسي في المغرب.
وفاز حزب العدالة والتنمية الإسلامي المعتدل في انتخابات برلمانية، أجريت في 25 نوفمبر، بعد أن أمر الملك بتقديم موعدها نحو عام في محاولة على ما يبدو لتفادي انتفاضة شعبية مماثلة للتي اجتاحت العالم العربي.
ثم عين الملك زعيم حزب العدالة والتنمية، عبد الإله بن كيران، رئيسًا للحكومة، فبدأ ابن كيران مفاوضات أسفرت عن تشكيل حكومة ائتلافية مع ثلاثة أحزاب سياسية، كانت تشارك في حكومات سابقة.
أنشأت الناشطة الشابة زينب بلمقدم، عضو حركة 20 فبراير، موقعًا على الإنترنت يتبنى قضية مكافحة الفساد، وترى زينب أن العام الذي مضى منذ تأسيس الحركة كان مفيدًا بما حواه من دروس.
وقالت: "هي سنة مثمرة جدًا، نحن استفدنا لأننا تعلمنا، هذه السنة بالنسبة لي هي أول سنة في النضال، تعلمت أن لا ننتظر أن يأتي التغيير من المخزن (القصر الملكي) أو من الحكومة، ولكن علينا أن نفعل نحن هذا النغيير، هذه السنة خولت لنا أن نفكر في آفاق السنة القادمة."
وترى خديجة الرياضي، رئيسة الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، أن حركة 20 فبراير كانت نفطة انطلاق لمشاركة الجيل الجديد في المعترك السياسي في المغرب.
وقالت خديجة التي تنتمي أيضًا لعضوية حزب النهج الديمقراطي، ذي التوجه اليساري الذي يساند حركة 20 فبراير "أطن أن أهم شيء حصل بفضل حركة 20 فبراير هو الدور الجديد الذي أصبح يلعبه الشباب في الساحة السياسية وفي العمل السياسي، في الوقت الذي كان الجميع يعتبرون أن الشباب فئة لا تهتم بالسياسة وخارج التاريخ وخارج التحرك وخارج أي دور".
وباتت مسيرات الاحتجاج أمرًا مألوفًا في شوارع المغرب، وهي سلمية في معظمها لكن بعضها تحول إلى مصادمات مع قوات الأمن.
وذكر مصطفي الخلفي وزير الاتصال والمتحدث باسم الحكومة وعضو حزب العدالة والتنمية، أن قدرة الجيل الجديد على التعبير عن احتجاجه ومطالبه من خلال المسيرات والمظاهرات، الحاشدة عنصر قوة في المجتمع المغربي.
وقال الخلفي: "الحركة هي الآن موجودة ولا يمكن تجاهلها، مناخ الحرية في المغرب قادر على استيعاب كل التعبيرات الاحتجاجية أو الاجتماعية، طالما أنها تشتغل في إطار القانون، هذا بالنسبة لنا عنصر قوة في مسلسل التحول. استيعاب هذه التعبيرات هو عنصر قوة ولهذا كانت الدعوة إلى الحوار التي وجهها السيد رئيس الحكومة والتي ما زالت مطروحة." وطرح العديد من المراقبين والمحللين السياسيين تساؤلات عن مستقبل حركة 20 فبراير.
وتفتقر الحركة إلى قيادة وينتمي معظم أعضائها إلى حزب العدل اليساري الصغير وإلى التيار السلفي، ويرى البعض أن الحركة لم تنجح في اجتذاب أعداد ضخمة من المؤيدين؛ لأن كثيرين يرون أن رسالتها مزيج من مطالب سياسية واجتماعية تفتقر إلى الوضوح، لكن أعضاء الحركة يقولون إنهم مصممون على مواصلة النضال، من أجل تحقيق الأهداف والمبادئ التي تأسست من أجلها.
ويرى محمد تاج الدين الجسيني، أستاذ القانون الدولي بجامعة محمد الخامس في الرباط، أن حركة 20 فبراير يتعين عليها أن تعمل على نحو بناء.
وقال: "أظن أنه من واجب هؤلاء الشباب الذين انخرطوا في الحقل السياسي بهذه الطريقة، وارتأوا أن يأخذوا هذا الاتجاه ليساهموا عمليًا في بناء وطنهم... هذه المساهمة لا يمكن أن تكون إلا من خلال إما الاندماج في الأحزاب السياسية التي تلائم تياراتهم، أو أن يؤسسوا حزبًا سياسيًا يحقق طموحاتهم."
ولم يشهد المغرب اضطرابات مماثلة للتي شهدتها دول أخرى في شمال أفربقيا، ولا يزال الملك محمد السادس قابضًا بقوة على السلطة بعد الإصلاحات المحدودة التي أجراها.