مرسى جندى «الجماعة» الملتزم - بوابة الشروق
الجمعة 30 مايو 2025 9:53 م القاهرة

الأكثر قراءة

قد يعجبك أيضا

شارك برأيك

هل تتوقع نجاح اتفاق الهدنة في غزة؟

يقف فى صف التيار المحافظ لكنه أقل أصولية من الشاطر صاحب الولايـة الأدبيـة على مرشـح الرئاسة

مرسى جندى «الجماعة» الملتزم

سمر الجمل
نشر في: الأربعاء 20 يونيو 2012 - 9:30 ص | آخر تحديث: الأربعاء 20 يونيو 2012 - 9:30 ص

أمام عشرات الكاميرات والميكروفونات وقف محمد مرسى، فى مقر حملته الانتخابية بشارع منصور الذى يبعد عن من وزارة الداخلية بأمتار قليلة، قبلها بساعات قليلة كان مرشح الرئاسة فى المقطم حيث المركز العام لجماعة الإخوان المسلمين وحيث كان مكتب الإرشاد فى حالة انعقاد دائم لمتابعة الانتخابات التى قد تدفع بالجماعة إلى رأس السلطة فى مصر للمرة الأولى فى تاريخها. 

 

أذن المؤذن.. وقف أعضاء هيئة مكتب الإرشاد، خيرت الشاطر ومحمود غزلان ومحمود عزت واخرون خلف المرشد، الذى أمهم لصلاة الفجر، فى حين غاب محمد مرسى عن الصفوف وعن الحى بأكمله.

 

«إلى كل أبناء مصر إلى الرجال والنساء الأمهات والأخوات والعاملات والطالبات إلى المصريين بالداخل والخارج إلى مصر بكل أطيافها.. إلى مصر المسلمين إلى مصر المسيحيين.. إلى مصر الازهر والكنائس تحية واجبة، وحق على ان اكون لهم جميعا الاخ والأب والمواطن المصرى مثلهم».

 

المرشح خرج ليعلن نفسه رئيسا للجمهورية، ويتكلم بلغة توافقية وبكلمات ربما قصد بها تهدئة مخاوف مصريين يرون فيه ظلا آخر لحكم المرشد.

 

«لسنا بصدد انتقام ولا تصفيه حسابات، ولكننا جميعا أشقاء هذا الوطن»، أضاف مرسى، من داخل مقر حملته الانتخابية وعلى يمينه ويساره وخلفه وقفت قيادات حزب الحرية والعدالة، الخارج من رحم جماعة الإخوان بعدما يقرب من ٨٥ عاما على إنشائها. 

 

لم يكن مرسى مرشحها الأصلى، كان احتياطيا لرجل التنظيم الأول ورجل المال خيرت الشاطر، وتصور كثيرون ان هذه الصفة «الاستبن» كما التصقت به، قد تقلل من فرصه للوصول إلى سدة الحكم فى مصر ما بعد مبارك.

 

جميع قياسات الرأى التى أجريت قبل جولة الانتخابات الرئاسية الأولى كانت تدفع به إلى مراكز متأخرة، لكنه خرج من الجولة محتلا المركز الأول لينافس مرشح «الدولة القديمة» أحمد شفيق. الملايين الستة التى حصدها وهو ينافس ١٢ مرشحا آخرين تضاعفت فى جولة الاعادة لتستمر لعبة الحظ فى صالح أستاذ الهندسة الذى قضى قسطا من عمره فى ولاية كاليفورنيا الأمريكية. 

 

يعتقد كثيرون، داخل الجماعة، أن الحظ خدم مرسى فى محطات حياته داخل التنظيم رغم اجماعهم على قدراته التنظيمية «غير العادية» التى جعلت منه مهندس «الانتخابات البرلمانية» فى ٢٠٠٥ أو على الأقل فى جزء كبير منها. انتخابات دفعت بالإخوان المسلمين إلى صفوف المعارضة الاولى أمام حزب الرئيس المخلوع.

 

التجربة «الناجحة» سبقها بقليل الدفع به إلى عضوية مكتب الإرشاد، صاحب الكلمة العليا فى جماعة حسن البنا، بعد أن أصبح رئيسا للكتلة البرلمانية للإخوان من ٢٠٠٠ حتى ٢٠٠٥.

 

قبل ما يزيد على عشر سنوات كان مرسى مسئول القسم السياسى لقطاع شرق الدلتا بالجماعة، وكان مكلفا بتدريب الاخوان واختيار الاسماء التى تخوض انتخابات البرلمان، ومع انضمامه إلى مكتب الإرشاد أصبح مشرفا على القسم السياسى الذى يديره عصام العريان.

 

لكنه خرج من مكتب الإرشاد ومعه سعد الكتاتنى وسعد الحسينى بعد ان أسست الجماعة حزب الحرية والعدالة، ومع هذا استمرت سيطرة الجماعة على مجريات عمله.

 

من الجماعة إلى الحزب ثم إلى طريق الرئاسة، اعتمد مرسى على سمعة اكتسبها من انه صاحب قدرات تنظيمية عالية ورأته قيادات الاخوان أقرب إلى منصب الرجل التنفيذى، أى رئيس لحكومة ما بعد الثورة. «هو جندى ملتزم فى الجماعة، والتنظيم عنده مبدأ ويعرف ما له وما عليه ويلتزم به تماما»، مثلما قال أحد اعضاء مجلس شورى الجماعة لـ«الشروق».

 

وعندما قررت جماعة الاخوان خوض انتخابات الرئاسة اجتمع مجلس شورى الجماعة لمناقشة «الفكرة» وليس اختيار اسم مرشح، فأيد ٥٦ من اعضاء المجلس الفكرة ورفضها ٥٢ فى حين غاب ١٥ آخرون عن هذا الاجتماع المصيرى. «وتم تفويض مكتب الارشاد لتحديد المرشح. كانت هناك أربعة أسماء مرشحة داخل مكتب الارشاد: خيرت الشاطر وسعد الكتاتنى وعصام العريان ومحمد مرسى. رجحت كفة الشاطر ومن خلفه مرسى».

 

تنظيميا، يقف مرسى، الذى يستكمل عامه الأول بعد الستين فى أغسطس المقبل، فى صف التيار المحافظ جنبا إلى جنب مع خيرت الشاطر ومحيى حامد ومحمود عزت، وفقهيا يتبع التيار المحافظ ذاته، لكنه أقل أصولية من الشاطر، ويبدو احيانا «اكثر انفتاحا» فى بعض القضايا.

 

ويقول المصدر إن «مواقف مرسى أكثر تحررا فيما يتعلق بالمرأة فهو على سبيل المثال لا يشترط وجود محرم معها فى السفر»، وهو «حديث العهد باللحية»، فعندما ظهر لأول مرة تحت قبة البرلمان عقب انتخابات مجلس الشعب فى ٢٠٠٠ لم يكن يزين وجه سوى شارب خفيف ونظارة طبية، كما أن زوجته لا ترتدى النقاب مثل كثيرات من «الأخوات», تزوج مرسى ثم سافر إلى الولايات المتحدة الامريكية للدراسة والتدريس وانجب هناك، وبعد ٩ سنوات عاد «أكثر تنورا واكثر تمكنا من لغته الإنجليزية»، كما يقول أحد مصادر «الشروق داخل» جماعة الإخوان, ويضيف «هو مرجعية للجماعة فى اللغة، عندما يريدون كتابة خطاب أو رسالة اعلامية موجهة للخارج يراجعها مرسى ويضيف اليها بعض المصطلحات»، وهكذا فى خضم حملته الرئاسية اختار ان يوجه رسالة إلى المصريين بالخارج باللغة الإنجليزية، مستهدفا ربما الجيل الثانى والثالث منهم.

 

احتفظ مرسى بمنصبه الأكاديمى فى الجامعة وبمنزله بالزقازيق حيث نشأ وهناك أدلى بصوته فى المنافسة بينه وبين شفيق, لا يتوقع زملاء لمرسى ان يصطدم كثيرا بالمجلس العسكرى ويثقون فى انه «مدير جيد إذا خرج من عباءة الإخوان». فالعلاقة مع الجماعة تبدو إشكالية وهى أهم مفتاح للهجوم عليه باعتباره سيكون مجرد رجل فى دولة يديرها المرشد. وبحسب مصادر «الشروق» فإن مخرج مرسى يبدو فى التخلى عن قسم الولاء للمرشد فـ«رئيس الجمهورية له الولاء على الكل». 

 

ورغم الشكوك التى تثيرها هذه العلاقة العضوية بين رئيس محتمل ومرشد تنظيمى فإن قيادات فى الإخوان تروج إلى أن وضع الجماعة سيختلف مع مرسى الرئيس وانه «سيلتزم بخطابه بالفصل بين التنظيم والرئاسة وبأن المرشد سيكون مثله مثل أى مواطن وبالتالى سيتحرر من القيد التنظيمى»،

 

أما خيرت الرجل الأقوى، رجل المال والتخطيط والتنظيم «فستكون له ولاية أدبية ربما، ولكن دون أى قيود مطلقا على مرسى».

 

وبحسب المصادر فإن جماعة الإخوان أعدت أوراقا دفعت بها إلى مرسى بها قدر من «النصائح والتوصيات». منها «إعادة تحسين العلاقة مع الناس وعدم التصرف بما يثير الرأى العام، والالتزام بمجموعة من القواعد العامة»، بخلاف توصية بتشكيل «مجلس رئاسى» لا يكون به أى من اعضاء الاخوان, ورقة السياسة والعلاقات العامة تنصح مرسى ايضا بتبنى «خطاب يميل للتواضع والتحدث بشكل جمعى  والتخلى عن صيغة الاستحواذ والاستقواء والبعد عن النبرة والإشارات الدينية الصارخة». أمام الإشكالية الاولى التى ستواجه مرسى  هى اختيار رئيس وزراء  تكنوقراط من الشخصيات المقبولة التى ليس لها صلة بجماعة الإخوان.



قد يعجبك أيضا

شارك بتعليقك